حملة سعودية مصرية إماراتية لحصار قطر تمهيداً للانقلاب… ومساعٍ لضمّ الكويت الرياض والقاهرة لوقف «الجزيرة» عن عربسات ونايلسات… وقنوات تموّلها الدوحة
كتب المحرّر السياسي
كما توقعت «البناء» بعد قمم الرئيس الأميركي دونالد ترماب والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، رأس قطر موضوع الصفقة، وأمس بدأ التنفيذ بحملة عزل وحصار بقيادة الرياض ومشاركة القاهرة وأبو ظبي والمنامة، وتضمّن إطلاق السفارات وطرد الرعايا وسحب الاستثمارات وإغلاق الحدود البرية والأجواء والمياه، والمساعي مستمرّة لأيام عدة للتوسّع أفقياً وعمودياً، بزيادة المنخرطين في الحصار الذي لم ينجح باستقطاب غير جزر المالديف وسوريشيوس من جزر المحيط الهندي، بينما توجّه نجل الملك سلمان إلى الكويت مبعوثاً لمطالبتها بالانضمام بعد إبلاغ أمير قطر بأن الوساطة مشروطة بقبوله التنحّي لأحد أبناء الأسرة الذي تختاره الرياض.
عمودياً، يبدو أن سلة الإجراءات العقابية لقطر ستطال وقف بث قناة الجزيرة عن قمرَي عربسات ونايلسات. وستضم اللائحة قنوات مموّلة من قطر، وفقاً لمراقبة بث هذه القنوات في فترة الحصار، كما قالت مصادر إعلامية متابعة في القاهرة. وذكرت المصادر بوجود شخصيات من العائلة الحاكمة أبدت استعدادها للقيام بانقلاب على الأمير الحاكم، بعدما صدر باسمها بيان يندد بسياسات الحكومة القطرية باسم «عائلة آل ثاني الجناح الشرعي».
السياق التصعيدي المتوقع استمراره لأسبوعين إضافيين، قبل تتويجه بالعمل الميداني عبر البيان رقم واحد المتوقع قبل نهاية شهر رمضان، وما سيرافقه من استعداد سعودي لتدخل عسكري مباشر يحظى بالتغطية الأميركية، وضمان تحييد قاعدة العديد الأميركية من أي تصادم بين القوات القطرية والقوات السعودية التي ستتدخل تحت عنوان دعم الشرعية التي يمثلها برأي الرياض رموز العائلة المقيمون في الرياض الذين سيتولون تقديم التغطية باسم الجناح الشرعي في العائلة الحاكمة مستعينين بكبير العائلة، كما يصفون الملك السعودي «لوضع حد للمغامرات الطائشة للأمير والتي ورّطت العائلة وأساءت لعلاقتها بشقيقاتها العائلات الخليجية الحاكمة».
الحدث القطري شكل الحدث الأول عالمياً وإقليمياً مع توقعات تركية باعتباره خطوة تمهيدية لاستهدافها بتنسيق أميركي خليجي مصري، وترقب إيراني روسي لكيفية تصرّف تركيا التي تشكل الحاضنة الإقليمية لقطر، بينما أُعلن عن لقاء ثلاثي تركي عراقي إيراني لتقييم الأزمة القطرية، وأعلنت طهران استعدادها لتأمين السلع الرئيسية للدوحة في ظل الحصار الخليجي.
في لبنان، بعدما نجح التفاهم السياسي في قصر بعبدا بوضع قانون الانتخاب الجديد على سكة الإنجاز عادت مناقشات التفاصيل لتأجيل بتّه باللعب على المهل حتى نهاياتها أملاً بتحقيق مكاسب إعلامية وشعبوية سياسية بإظهار القدرة على فرض بعض من الشعارات التي يريد البعض القول لجمهوره إنه حقق ما عجز سواه عن تحقيقه، لتظهير القانون الجديد كإنجاز حزبي يعبّر عن انتصار على الآخرين، وليس توافقاً وطنياً للانقاذ، فلا تبدو الأمور وفقاً لما هي عليه ذاهبة نحو جلسة حكومية تقرّ القانون هذا الأسبوع لتبدأ مناقشته النيابية ويتم إقراره مطلع الأسبوع المقبل، بل ربما تستهلك المناقشات أسبوعاً إضافياً وتمدّد الانتظارات حتى الربع الأخير من الساعة قبيل نهاية ولاية المجلس النيابي ونهاية الدورة الاستثنائية، ما يعني تأجيل الجلسة النيابية للإثنين المقبل وهو آخر الأيام التي تفصلنا عن العشرين من حزيران ونهاية المهل، والوقوع في الفراغ.
شروط إضافية تعرقل «القانون»
باستثناء بعض المسائل التقنية والقانونية التي يجري العمل لتذليلها في غرف الاجتماعات الانتخابية المكثفة التي تصل إلى 12 ساعة يومياً، فإن قانون الانتخاب النسبي على 15 دائرة يقترب من خواتيمه النهائية في ضوء اللقاءات التي ستحصل خلال 48 ساعة المقبلة كما تتحدّث المعلومات. ومن المتوقع أن يرأس رئيس الحكومة سعد الحريري اليوم جلسة للجنة الوزارية للبحث في القانون وعرض ما توصلت اليه آخر الاتصالات في شأنه، ولفت النائب جورج عدوان بعد لقائه الرئيس الحريري في السراي، الى أن «الحريري سيدعو الى اجتماع خلال 48 ساعة يؤدي الى تقييم نهائي لمقترح قانون الانتخاب حتى نستطيع أن ننتقل به الى مجلس الوزراء». وأشار عدوان الى أن «هناك الكثير من الأمور التقنية التي ندرسها كما يتم التحضير لمشروع الإصلاحات».
لكن بروز بعض العقبات خلال مفاوضات أمس، قلّص من منسوب التفاؤل، حيث خلا جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الاربعاء المقبل من بند قانون الانتخاب، في حيت تحدثت مصادر عن أن الرئيس عون سيدعو الى جلسة نهار الجمعة المقبل لبحث القانون الجديد على أن يتم إقراره وإحالته الى المجلس النيابي، بينما تحدثت قناة «أو تي في» عن عراقيل جديدة في قانون الانتخاب تتعلّق بالضوابط وتتمثل بتراجع رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن موافقته تكريس المناصفة بنص دستوري.
مصادر مطلعة على موقف حركة أمل قالت لـ«البناء» إن «بعض الأطراف تحاول وضع شروط إضافية في مسألة قانون الانتخاب في ربع الساعة الأخير تعرقل ولادته»، موضحة أن «الحركة منفتحة على النقاش في كل القضايا الوطنية والمصيرية لإصلاح النظام السياسي، كمسألة إلغاء الطائفية السياسية وإنشاء نظام المجلسين وتثبيت المناصفة في مجلس النواب، لكن يمكن تأجيل هذه الأمور الى ما بعد اقرار قانون الانتخاب وإجراء الانتخابات النيابية، وبالتالي ترفض وضع الشروط للضغط وتحصيل مكاسب إضافية في شوط المفاوضات الأخير»، مشددة على أن «الأولوية الآن هي لقانون الانتخاب وإجراء الانتخابات وبعد ذلك يُصار الى تأليف لجنة مصغرة أو طاولة حوار لنقاش هذه القضايا».
وأكدت المصادر أن «الرئيس بري لن يوافق على أي من الأمور تحت الضغط»، وأوضحت أن «هناك بعض الطروحات الطائفية تعيدنا الى الوراء، علماً بأن الاتفاق حصل على أن ينحصر الصوت التفضيلي في القضاء وليس على أساس طائفي، أما في ما خصّ كيفية احتساب الأصوات، فهناك أفكار عدة يتم طرحها مثل اعتماد قسمة عدد المقترعين على عدد المقاعد، ولفتت الى أن أجواء بعبدا الإيجابية لا زالت الطاغية رغم العقبات المستجدة في طريق القانون».
هل تكون جلسة 12 حزيران الحاسمة؟
ورجّحت المصادر أن تكون «جلسة 12 حزيران الحاسمة لجهة إقرار القانون في المجلس النيابي وإلا بعد تلك الجلسة نكون قد دخلنا في محظور الفراغ»،
وأوضحت أنه «لم يتم تحديد مهلة التمديد الذي سيحدد في القانون الجديد ووزارة الداخلية هي المعنية بتحديد المدة التي تحتاجها للتحضير للعملية الانتخابية».
العتبة الطائفية قد تفجّر المفاوضات
وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أن «إصرار رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على نقطة العتبة الطائفية لفوز المرشحين قد تفجّر مفاوضات القانون وتعطل الانتخابات النيابية، موضحة أنه في حال نال مرشح مسيحي مثلاً في دائرة بعبدا 300 صوت مسيحي من أصل 8000 ونال 3000 صوت مسلم، فإنه يُعتبر خاسراً. وبالتالي هذا يضرب مبدأ النسبية والعتبة الوطنية ويقيدها بقوة المرشح داخل طائفته»، وأكدت بأن «أياً من الأطراف لن يقبل بهذا الأمر، لا أمل ولا حزب الله ولا الحزب الاشتراكي». وأوضحت أن «نتائج الانتخابات على القانون الجديد لن تختلف كثيراً عن تركيبة المجلس الحالي لجهة أنه سيأتي بالقوى السياسية الأقوى على الساحة السياسية وبعض المقاعد للمستقلين وللقوى المدنية اللاطائفية»، ولفتت الى أن «حزب القوات سيحصد 9 الى 10 مقاعد بقوته الذاتية، في المقابل لا تتعدّى حصته النائبين في القانون الأكثري، أما التيار الحر فسيزيد من حصته بينما تتقلص كتلة تيار المستقبل ويحافظ أمل وحزب الله على حصتهما».
وعلمت «البناء» أن «نقاطاً قانونية وتقنية عدة لا زالت عالقة وتخضع لنقاش دقيق ومفصل، منها اللوائح المقفلة واللوائح غير المكتملة، حيث تمّ السماح للقوى المتوسطة أو المرشحين الأفراد بتأليف لوائح مكتملة. أما النقطة الثانية فهي الكسور وطريقة احتساب الأصوات وهناك نوعان: الفرز العمودي الذي يعتمد على ترتيب الفائزين في اللائحة الواحدة حسب طائفته والفرز الأفقي الذي يعتمد الترتيب وفقاً للفائزين من اللائحتين».
وجدّد التيار الوطني الحر خلال اجتماع مجلسه السياسي أمس، برئاسة باسيل، إصراره على إدخال الضوابط الموضوعية والمطلوبة في القانون الانتخابي، بالاضافة الى الإصلاحات الانتخابية الضرورية والمكتملة لأي قانون على أن يأتي ذلك في إطار سياسي ضامن يُتوافق عليه في المواضيع المرتبطة بالقانون والتي كانت موضع حوار سياسي في المرحلة الأخيرة، وقد أيّد المجلس هذه المطالب وأكد الاستمرار بالعمل عليها تحقيقاً لإقرار القانون بالشروط المناسبة التي تحصِّنه.
وأبدت أوساط نيابية في التيار الحر تفاؤلها بقرب ولادة القانون وبأن نتائج المباحثات حتى الآن إيجابية وتوحي بقرب التوصل الى اتفاق نهائي حول التفاصيل.
ولفتت المصادر لـ«البناء» الى أن «الاتفاق على العناوين الرئيسية كمبدأ النسبية والصوت التفضيلي والحاصل الانتخابي سهّل تذليل النقاط التفصيلية»، وأوضحت أن «التيار مصرّ على تثبيت المناصفة في هذا القانون وإن لم تطبق في الانتخابات المقبلة، ويؤجل تطبيقه ريثما يتم إنشاء مجلسي الشيوخ والنواب. وهذا ما تم الاتفاق عليه مع الرئيس بري في المشاورات السابقة».
وشدّدت على أن «التيار الحر يرفض بشكلٍ مطلق عملية نقل النفوس من أقضية الى أخرى لاسباب انتخابية. الأمر الذي يؤدي الى إنشاء كانتونات طائفية ومذهبية»، وجزمت بأن «الرئيس ميشال عون لن يسمح بعرقلة إقرار القانون الجديد الذي وعد اللبنانيين بإنجازه، وبالتالي يتابع المفاوضات الجارية وتوجيهاته بتذليل العقبات بأسرع وقت ممكن».
وشدّد الرئيس عون على «الآمال التي يعلقها اللبنانيون على القانون الجديد الذي يفترض أن يعكس التمثيل النيابي الصحيح والعادل»، بينما أعلن الرئيس الحريري أننا «سننجز قانون الانتخاب، وكل تركيزي في المرحلة المقبلة سيكون على الاقتصاد».
وأكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض، «أن ما حصل على مستوى قانون الانتخابات هو خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن يجب أن نصل إلى توافق كامل وليس فقط على المبادئ».
وأوضح خلال احتفال في بلدة عديسة الجنوبية، أن «الأمور التقنية إنما هي أمور تقنية ولا تستدعي على الإطلاق أن تُعيق الوصول إلى قانون انتخابي، وبالتالي فإن المسألة هي مسألة وقت وسنصل إلى قانون انتخابي يقوم على أساس النسبية الكاملة»، لافتاً إلى أنه «قد يرى البعض أن هذا المشروع لا يلبي طموحاته أو أفكاره كما كان يتطلّع، ولكننا نعيش في بلد يقوم على التفاهمات التي تستدعي تسويات».