في ذكرى الاجتياح.. المقاومة فعل إرادة وانتصار

يوسف الصايغ

كي تتجلّى وتترسّخ حقيقة معنى عيد المقاومة والتحرير في الخامس والعشرين من أيار، والذي نحتفل هذا العام بمرور سبعة عشر عاماً على إنجازه، لا بدّ من أن نعود بالذاكرة الحيّة الى السادس من حزيران في العام 1982، الذي شهد بداية عملية اجتياح العدو «الإسرائيلي» للبنان، الذي استغل محاولة فاشلة لاغتيال سفيره في بريطانيا آنذاك شلومو أرجوف في الثالث من حزيران من العام نفسه، لتتذرع حكومته بعملية الاغتيال المزعومة، وتتخذ القرار بعملية «الصنوبر الكبير»، والتي ترجمت عملياً ببدء عملية ما سُمّي «سلامة الجليل».

بعد اتخاذ العدو قراره بدأ توغله البري، ورغم المقاومة الشرسة التي واجهتها قوات العدو إلا أنها وصلت الى مدخل بيروت الجنوبي عند مثلث خلدة، قادمة من الدامور بعدما تمكّنت من احتلال صور وصيدا. وهنا كان للتاريخ بدايته الجديدة وانطلاقة عصره الساطع بنور المقاومة ونارها، التي ألهبت عدواً ظن نفسه قادراً على إكمال نزهته وسط نثر الورود والأرز، لكن المقاومة خطت أولى وقفات العز من خلال التصدي البطولي الذي أظهرته بوجه القوات الغازية. ففي السادس من حزيران قبل خمسة وثلاثين عاماً، بدأ زمن آخر زمن بطعم العز والكرامة والبطولة، زمن العين التي تنتصر على المخرز، لأنها أرادت أن تحيا وتنتصر وتبذل الدماء من أجل حقها في الأرض ودفاعاً عن العِرض.

في السادس من حزيران من العام 1982 توحّدت بندقية المقاومتين الفلسطينية واللبنانية وإلى جانبهما بندقية الجيش العربي السوري فسطروا ملاحم البطولة والعزة، وكان الدمّ الذي روى الأرض كفيلاً بإعلان بدء زمن المقاومة وعصرها الذي لن يهزم بعد السادس من حزيران 82، ففي تموز من العام نفسه انطلقت صواريخ الكاتيوشا من سوق الخان في حاصبيا، لتعلن عملياً إسقاط شعار «سلامة الجليل»، وتتوالى المواجهات ووقفات البطولة، فتأتي رصاصات خالد علوان بمقهى الويمبي في أيلول من العام نفسه لتسقط ضباط العدو قتلى وجرحى في قلب العاصمة بيروت، فتتكرس المقاومة أمراً واقعاً، ما اضطر القوات الغازية للإعلان عن انسحابها تحت وطأة عمليات المقاومة، التي واصلت مراكمة الإنجازات التي توجت بيوم النصر والتحرير في الخامس والعشرين من أيار في العام 2000، وفي مشهد لم يكن مألوفاً شهدنا الانسحاب «الإسرائيلي» عن معظم أراضي جنوب لبنان، بفضل توازن الرعب الذي أوجدته المقاومة منذ أول رصاصة أطلقتها بوجه المحتل وصولاً الى انتصار تموز في العام 2006 الى باقي الإنجازات التي سطّرها المقاومون، لنصبح أمام معادلة واضحة لا لبس فيها، ولسان حالها يقول إن المقاومة ليست قضاء وقدراً، بل فعل إرادة ونضال من أجل أن تنتصر إرادة الحياة، الحياة التي لن تكون إلا بالعز والكرامة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى