محاولة كويتية أخيرة لحل الأزمة.. و«البنتاغون» يتحدّث عن مخططات لقاعدة العديد ترامب: الإجراءات ضدّ قطر «بداية نهاية» الإرهاب..
بالتزامن مع وصول أمير الكويت صباح الأحمد الصباح، الرياض في محاولة لرأب الصدع الخطير في العلاقات بين السعودية وقطر، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس «تأييده للإجراءات التي اتخذتها دول عربية ضدّ دولة قطر»، معتبراً أنّ «عزل قطر يشكل بداية نهاية الإرهاب».
ويأتي هذا التصريح عشية إعلان السعودية والبحرين والإمارات العربية قطع علاقاتها مع قطر، وفي وقت تحركت دول أخرى، على رأسها الكويت، في محاولة لإيجاد حلّ للأزمة غير المسبوقة في منطقة الخليج.
وقال ترامب أمس، في تغريدة على موقع «تويتر» إنّ دول الخليج قالت «إنها ستعتمد نهجاً حازماً ضدّ تمويل التطرف وكل الدلائل تشير إلى قطر». وأضاف «قد يكون ذلك بداية نهاية رعب الإرهاب».
واتهمت السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر قطر بـ«دعم الإرهاب»، واتخذت سلسلة إجراءات تهدف إلى عزلها، وقطعت العلاقات الدبلوماسية معها.
وبحسب محللين، «شجّعت سياسة ترامب الجديدة في المنطقة، السعودية على اقتناص الفرصة لعزل قطر».
على صعيد آخر، أكدت وزارة الدفاع الأميركية، أنّ قاعدة «العديد» بقطر، التي تمثل أكبر وأهم معقل للقوات الأميركية في «الشرق الأوسط»، من غير المحتمل إغلاقها، في ظل الأزمة الدبلوماسية بمنطقة الخليج.
وشدّدت وزيرة القوات الجوية الأميركية، هيزير ويلسون، خلال جلسة استماع عقدت أمس في مجلس الشيوخ التابع للكونغرس الأميركي، على أنّ «القاعدة هذه، الواقعة وسط قطر، تواصل عملها وفقاً للنظام العادي».
وأوضحت ويلسون «أنّ العمليات الجوية المنفذة انطلاقاً من قاعدة العديد مستمرة من دون أيّ انقطاعات»، لكنها أشارت في الوقت ذاته إلى أن «القوات الجوية والبنتاغون لديهما بالطبع مخططات احتياطية، متعلقة بالقاعدة، تم وضعها للجوء إليها في حال وقوع تطورات غير متوقعة».
وأكدت المسؤولة العسكرية الأميركية: «نأمل أن تتم تسوية جميع الأمور بمساعدة وزير الخارجية ريك تيلرسون ، أو من دون مشاركته، إن هذه المسألة، برأينا، تعدّ دبلوماسية بالدرجة الأولى».
وفي ردها على سؤال حول ما إذا كانت تصريحاتها تعني أن الولايات المتحدة لن تواجه في المستقبل القريب ضرورة إغلاق قاعدة العديد، قالت ويلسون: «بالضبط».
من جهتها، أعربت وزارة الخارجية القطرية عن أسفها لهذا القرار، معتبرة أنّ «هذه الإجراءات غير مبررة وتقوم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة».
في سياق متصل، أكد وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني «رفض بلاده أي محاولة لفرض وصاية عليها». وقال: «إنّ قطع عدد من الدول الخليجية علاقاتها الدبلوماسية مع بلاده لن يؤثر على مسار الحياة الطبيعية في قطر».
وأضاف الوزير القطري في حديث تلفزيوني أنّ «قطر وانطلاقاً من تجارب سابقة أقرّت برنامجاً استراتيجياً يهدف لعدم تأثر الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين ولا المشاريع الحالية ولا المستقبلية للدولة»، مؤكداً أن «السلطات القطرية تسعى إلى تحقيق الرؤية الوطنية للدولة بشكل مستقل عن كل الظروف السياسية».
كذلك أكد آل ثاني أنّ «التصعيد ضدّ قطر سبقته حملة تحريض غير مسبوقة شملت إساءات طالت رموز الدولة، ولم تقابلها الدوحة بالمثل، ولكن اختارت التعامل مع الموضوع بحكمة»، مشيراً إلى أن «أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قرر تأجيل خطاب له كان مقرراً أن يلقيه مساء الإثنين من أجل منح فرصة لجهود الوساطة التي يقودها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح».
وتحدّث وزير الخارجية القطري عن تلقيه العديد من الاتصالات وإجرائه اتصالات أخرى مع عدد من نظرائه الذين عبّروا عن أملهم احتواء الخلاف الخليجي بأقرب وقت، مؤكداً «تلقي عروض من أجل الوساطة»، إلا أنه أوضح أن «قطر تتمسك بحلّ الخلافات داخل المنظومة الخليجية».
وبخصوص حملة التحريض التي استهدفت تشويه صورة قطر في واشنطن، أكد وزير الخارجية القطري أنّ «علاقات قطر استراتيجية وممتازة مع المؤسسات الأميركية الرسمية ولا تقاد عبر المؤسسات الهامشية المتطرفة».
وقال إنّ «هناك العديد من التحديات في المنطقة كان من المفترض أن توحّد الخليجيين». كذلك تحدث عن علامات استفهام كثيرة تثار عن مستقبل مجلس التعاون الخليجي الذي يجب أن يقوم على الوحدة والتضامن.
ودخلت الإجراءات التي اتخذتها الدول الخليجية ومصر بحق قطر حيز التنفيذ أمس. ومن بين 35 رحلة كان مقرراً أن تنطلق من مطاري دبي إلى الدوحة، ألغيت 27 رحلة، بحسب موقع مجموعة مطارات الإمارة.
وكانت الخطوط الجوية القطرية أعلنت تعليق رحلاتها إلى السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر «حتى إشعار آخر».
وقرّرت الهيئة العامة للطيران المدني السعودية أمس إلغاء جميع التراخيص الممنوحة للخطوط الجوية القطرية ولموظفيها وإقفال جميع مكاتبها في المملكة خلال 48 ساعة، بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية.
ودعت الهيئة المسافرين الذين قاموا بشراء تذاكرهم من قطر وإليها إلى «التواصل مع الناقلات الجوية أو وكيل السفر عبر الموقع الإلكتروني لاستعادة التذاكر أو التعويض».
في السياق نفسه، أعلن المدير العام لشركة المطارات والملاحة الجوية في إيران، رحمت الله مه أبادي، ارتفاع معدل رحلات الترانزيت الجوية اليومية منذ أمس، بنسبة تراوحت بين 100 و150 رحلة.
وأوضح مه أبادي «أنه عقب تغيير مسار بعض الرحلات التابعة لشركة قطر للطيران نحو الأجواء الإيرانية، فقد بلغ معدل الرحلات الجوية عبر الأجواء الإيرانية 1050 إلى 1100 رحلة يومياً، وكان المعدل في وقت سابق 950 رحلة».
على صعيد آخر، دعت دول عدة، بينها روسيا وإيران والكويت وتركيا والجزائر والسودان، دول الخليج إلى حلّ الأزمة بالحوار.
بدورها، أكدت قطر أمس، استعدادها لتسهيل الوساطة لرأب الصدع مع الدول الخليجية، وفق ما ذكرت وكالة «رويترز».
وتوجّه أمير الكويت صباح الأحمد الصباح أمس إلى السعودية للتوسط في قضية قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر. وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية «أنّ الأمير غادر إلى جدة في غرب السعودية على رأس وفد رفيع المستوى يضم وزيري الخارجية والإعلام».
وسبق للكويت أن قامت بوساطة بين قطر ودول خليجية أخرى في مجلس التعاون في 2014 تمّت إثرها إعادة العلاقات مع الدوحة بعد فترة من قطعها من جانب الرياض وأبوظبي والمنامة.
وبحسب وكالة «كونا» الكويتية، فقد تمنى أمير الكويت على أمير دولة قطر،»تهدئة الموقف وعدم اتخاذ أي خطوات تصعيدية، إتاحة للمجال لجهود رأب الصدع وحل الأزمة»، في إشارة تدل على أنّ «الكويت بدأت تمارس جهوداً دبلوماسية لحل الأزمة».
يأتي ذلك في وقت يجري فيه يوسف بن علوي، الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان، مباحثات واسعة في الدوحة ضمن زيارة غير معلنة مسبقاً، التقى خلالها أمير قطر، بحسب وكالة الأنباء القطرية الرسمية.
وقالت الوكالة «إن وزير الخارجية القطري اجتمع مع بن علوي، حيث جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، بالإضافة إلى الأمور ذات الاهتمام المشترك».
من جهته، أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اتصال هاتفي مع أمير قطر عن «تضامن بلاده مع دولة قطر في ظل الأزمة المتفاقمة مع بعض دول الخليج».
ونقلت وسائل إعلامية تركية «أنّ أردوغان عرض على الزعماء الخليجيين استعداده للمساهمة في إيجاد حل سلمي للتوتر الحاصل بين دول المنطقة».
كما أجرى أردوغان اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبحث الأزمة الخليجية وسبل تجاوزها، واتفق الطرفان على «الدعوة إلى الحوار لتسوية الخلاف بين قطر والدول التي قطعت علاقاتها معها».
وقالت الخارجية التركية «إنّ التضامن الإقليمي ضروري أكثر من أي وقت مضى في وقت يتفاقم فيه عدم الاستقرار والأزمات في عدد من الدول بالمنطقة».
أما الجزائر فقالت أمس، «إنها تتابع باهتمام بالغ الوضع بعد قرار دول عربية قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر»، وناشدت الأطراف المعنية حلّ خلافاتها عبر الحوار.