بعد طول انتظار: قانون بروح الستين!
ميسم حمزة
لم تكن بعض القوى السياسيّة التي تحمي نظام الانتداب لتقبل بالخروج من الستين إلى قانون يصحّح عدالة التمثيل، ويسمح بوصول من يريده الشعب ليغيِّر الواقع الأليم الذي يعيشه.
فما كان منهم إلّا أن خرجوا بمسرحيّة لا تقنع أحداً، بأنّهم يعملون على وضع قانون انتخابيّ جديد، بحجة أنّهم لا يقبلون بالعودة إلى الستين، وترافقت المسرحية مع بيانات سياسية وخطابات رنّانة، والشعب «عالوعد يا كمّون».
لقد صاغوا تحت العنوان العريض للنسبيّة، التي تطالب بها أغلبيّة الشعب، نسبيّة مشوهة، فاستحضروا قانوناً مشابهاً للستين ويُعيد إحياء مضامينه من جديد، ويُعيد إنتاج الطبقة السياسيّة نفسها، ولكن بصورة مختلفة، في اغتصاب واضح وعلني لكلّ طموحات الشعب اللبناني وحاجته للتغيير وأمله بالعيش بكرامة، وبوطن معافى.
مرض بعض القوى السياسية الذي يريد التفرّد بالحكم، قتل كلّ المواطنين، وشيّد لهم قصوراً من الظلم والفساد والاستهتار بحياتهم وبأحلامهم وبعيشهم الكريم، فكانت التنمية والتقسيمات مناطقيّة وحسب مطامع الذين يلعبون لعبة كرسي الملك، التي لأجلها يُقتل كلّ من في تلك المملكة.
من هذا المنطلق، إنّ أيّة صيغة انتخابيّة لا تعتمد النسبيّة الكاملة في إطار لبنان دائرة انتخابيّة واحدة أو وفق الدوائر الموسَّعة، هي صيغة مغلّفة بروح قانون الستين الانتخابي، لكن القانون النسبي يجب أن يتحرّر من كلّ معطّلات الإرادة الشعبية وتزييفها سواء أكانت بالصوت التفضيلي الطائفي أو المذهبي أو على مستوى القضاء، لأنّ جميعها تشكّل قيوداً على الإرادة الشعبية وتحمل تعطيلاً لمبدأ النسبيّة.
فكفاكم تمثيلاً على الشعب وقوموا بتغيير حقيقي، فمن دون إقرار قانون للانتخابات النيابيّة على أساس وطني لا طائفي يحقّق صحة التمثيل السياسي ويكون عادلاً ومنصفاً يعتمد النسبيّة الكاملة في إطار لبنان دائرة انتخابيّة واحدة أو في دوائر موسّعة وفق ما نصّ عليه اتفاق الطائف، أنتم تعيدون تكريس القانون المميت والظالم للبنان واللبنانيين، وتبقون على نظام الانتداب الذي يعتمد التقسيمات الطائفيّة التي تسهِّل التقاتل بين اللبنانيين، وتُبقي لبنان في حالة فوضى تمنعه من الوصول إلى الأمن والاستقرار تنفيذاً للمخطّط الغربي الصهيوني في منطقتنا.