صقر: المقاومة عمل شرعيّ وقانونيّ وواجب على الشعوب
نظّمت مفوضية صغبين التابعة لمنفذية البقاع الغربي في الحزب السوري القومي الاجتماعي محاضرة لمناسبة عيد المقاومة والتحرير بعنوان «المقاومة في أساس الوجود»، ألقاها عميد الخارجية في الحزب حسان صقر، بحضور ناموس مجلس العمد نزيه روحانا، عضوَي المجلس الأعلى أحمد سيف الدين وعبد الله وهاب، عضوَي المحكمة الحزبية جرجي الغريب ومحمد قمر، منفذ عام البقاع الغربي الدكتور نضال منعم، منفذ عام راشيا خالد ريدان، وممثلين عن التيار الوطني الحرّ، جمعية «صقور الأرز»، رؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات بلدية واختيارية وجمع من القوميين والمواطنين.
خوري
استُهلّت المحاضرة بالنشيدين اللبناني والسوري القومي الاجتماعي، ثمّ ألقى طوني خوري كلمة تحدّث فيها عن معاني المناسبة، واستعرض كيفية انطلاق المقاومة بعد احتلال العام 1978 وصولاً إلى الاجتياح في العام 1982، وعقم القرارات الدولية وعدم جدواها في تحرير الأرض، في حين كان الدور الكبير والفاعل للمقاومة التي حقّقت التحرير والانتصار، وذلك بفضل التضحيات والدماء التي قدّمها المقاومون الأبطال.
وأشار إلى عدوان تموز 2006 حيث مُني العدوّ بالهزيمة والانكسار، ولفت إلى أنّ كلّ ما يحصل على مساحة الأمّة من حروب واعتداءات، هو أذرع ووجوه متعدّدة لتنين واحد، هو التنين اليهوديّ الذي يتربّص بأرضنا وشعبنا وحقّنا في الحياة، ومن هنا تأتي ضرورة مقاومة هذا التنّين للدفاع عن وجودنا في أرضنا وبلادنا، وسيكون النصر حليفنا بفضل دماء المقاومين وتضحياتهم إلى جانب الجيشين الشامي والعراقي.
صقر
ثمّ تحدّث عميد الخارجية حسان صقر فأشار إلى أنّ المقاومة، كتعريف، هي جميع الأعمال الاحتجاجية التي تقوم بها مجموعات ترى نفسها تحت وطأة وضع لا ترضى عنه، فالشعوب تقاوم من يحتلّ أراضيها، وتختلف الأساليب من العصيان المدني إلى استخدام العنف والعنف المسلح وما بينهما من درجات. وبالتالي فإنّ المقاومة عمل شرعيّ وقانونيّ وواجب على الشعوب، ولكن للأسف نجد أنفسنا مضطرين للدفاع ليس فقط عن حقنا بل عن واجبنا، فهذه المقاومة لم تحرّر الأرض فقط بل حرّرت الإنسان.
وأضاف: المقاومة موضوعة اليوم، ليس فقط تحت المجهر بل تتعرض للضغط والشيطنة ويحاولون مساواتها بالإرهاب. وإذا استعرضنا، بشكل سريع، تاريخ المقاومات نجد أنّ شعوباً كثيرة قاومت الاحتلالات وتقدّس مقاوماتها بينما يريدون منّا أن نرذّل مقاومتنا.
في دول كثيرة شهدت حركات مقاومة، ارتفعت أصوات خائنة، وهذه الأصوات غالباً ما تكون لها ارتباطات مع الدول المحتلة، وإذا استعرضنا تفاصيل المقاومة السلمية، كمقاومة غاندي للمحتل البريطاني، نجد أنّ غاندي قال «سوف نقاوم الاحتلال بالسلم، أولاً وثانياً ولكن أخيراً بالعنف إذا لم ينجح الأسلوب السلمي»… المقاومة فطرة راسخة لدى الشعوب وليست شأناً عابراً.
كما أشار صقر إلى فترة الاحتلال النازي لفرنسا، حيث نشأت حكومة متعاملة مع النازيين، تدعى حكومة فيشي، بينما قامت في وجهها مقاومة في الريف الفرنسي، وهذه المقاومة انتصرت على حكومة فيشي وتمّ إعدام أعضاء حكومة فيشي ميدانياً.
في المقابل، لفت صقر إلى أنه عندما انتصرت مقاومتنا في عام 2000، لم تتصرّف كما تصرّفت المقاومة الفرنسية مع حكومة فيشي، بل تعاطت مع الجميع باحترام وهذا مصدر فخر واعتزاز لنا.
كما استعرض صقر الثوارت وحركات المقاومة التي نشأت في وجه الاستعمار الفرنسي للجزائر التي قدّمت مليون شهيد، كذلك تطرّق إلى المقاومة التي شهدتها ليبيا إبان الاحتلال الإيطالي وثورة عمر المختار، وهذا ما يؤكد أنّ المقاومة فطرة راسخة لدى الشعوب والأمم عندما تتعرّض للاحتلال والهيمنة، من قبل أمم أخرى بهدف السيطرة على مقدراتها وخيراتها، لذلك نرى أنّ المقاومة ليست شأناً عابراً في التاريخ، لكن للأسف فإنّ البعض في بلادنا يظنون أنّ كل شيء مصدره الغرب هو جيد، فالبعض طلبوا من الاستعمار الفرنسي أن يعلّمنا الثقافة، بينما صدرت أصوات تمجِّد الاحتلال العثماني على قاعدة طائفية، لذلك فإنّ التعامل مع المحتل شأن له تبريرات عند بعض الذين يقرّرون خيانة بلادهم، وهو ما حصل في بلادنا عير التاريخ، خلال الاحتلالين الفرنسي والعثماني.
نحن وغيرنا من أبناء شعبنا لم نرضَ بالاحتلال فكنّا نواة المقاومة. بهذا المعنى، نحن في الحزب السوري القومي الاجتماعي، وغيرنا من أبناء شعبنا، لم نرضَ بالاحتلال، فكنّا نواة المقاومة ونحن فخورون بأبطالنا المقاومين من سعيد العاص، إلى حسين البنا، إلى شهيد الاستقلال الوحيد سعيد فخر الدين، وصولاً إلى الشهيد خالد علوان. فقد كنّا دوماً الشرارة في العمل المقاوم، ونحن نعتز ونفتخر بهؤلاء الأبطال والمقاومين، وبكلّ حزب أو فرد أو طرف اختار خيار المقاومة لأنّ هذه المقاومة هي ملك الشعب. نحن لا نريد احتكار الحياة السياسية كذلك نحن لا نريد احتكار المقاومة.
المقاومة نتيجة للاحتلال لا العكس
واعتبر صقر أنّ الذين يعتبرون الاحتلال نتيجة للمقاومة مخطئون، وندعو هؤلاء إلى مراجعة التاريخ القريب وما حصل في فلسطين من احتلال «إسرائيلي»، ما يؤكد أنّ المقاومة هي نتيجة للاحتلال لا العكس.
وقال: بعد احتلال فلسطين بدأت الاعتداءات على لبنان واللبنانيين، ففي عام 1949 دخلت عصابات «إسرائيلية» إلى الجنوب اللبناني وارتكبت مجزرة راح ضحيتها ستة عشر شهيداً مدنياً لبنانياً في بلدة حولا، وفي عام 1960 حصلت غارات على الجنوب اللبناني، وفي عام 1965 دخل العدو عدداً من القرى الجنوبية رغم الموقف اللبناني الرسمي الرمادي من الصراع والحروب التي حصلت مع الكيان «الإسرائيلي»، وهذا يظهر أنّ لبنان لم يكن يوماً معتدياً على «إسرائيل» بل كان دائماً معتدى عليه، لذلك فإنّ من الطبيعي أن يولّد هذا المسار الطويل من الاعتداءات مقاومة في وجهها.
كما أشار صقر إلى سبب آخر لولادة المقاومة وهو الرفض الدولي بشكل عام والأميركي بشكل خاص، تسليح الجيش اللبناني ومنعه من تشكيل حالة من التوازن العسكري الاستراتيجي في وجه العدو «الإسرائيلي».
ومنذ عام 1982 تصاعدت وتيرة المقاومة في وجه الاحتلال وقام حزبنا، إلى جانب الأحزاب الأخرى، بعدد من عمليات المقاومة والعمليات الاستشهادية، ولنا الفخر أنّ حزبنا قدّم الشهيدة سناء محيدلي، وهي الاستشهادية الأولى.
العمليات الاستشهادية خلقت ثقافة جديدة
ولفت إلى أنّ العمليات الاستشهادية خلقت ثقافة جديدة تتجلى بأنّ أصحاب الأرض التي تتعرض للاحتلال يجب أن يقاوموا هذا الاحتلال، وهذه الثقافة أصبحت من الثوابت في بلادنا بعدما كان البعض ينتقدون خيار المقاومة بحجج مختلفة، منها عدم جدوى مقاومة الاحتلال واستحالة الانتصار على العدو «الإسرائيلي»، واللجوء إلى الأمم المتحدة وقراراتها، كبديل لهذا الخيار في وقت أن قرار الأمم المتحدة 425 بقي من دون تطبيق، وكذلك الحال بخصوص أكثر من سبعين قراراً للأمم المتحدة يتعلق بالاحتلال «الإسرائيلي» لفلسطين بقيت من دون تطبيق.
وأشار إلى الأمثلة الأكثر وضوحاً في هذا المجال، لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في مجزرة جنين التي لم يسمح لها بالتحقيق فغادر أعضاؤها على متن الطائرة التي وصلوا عليها. هذه هي الأمم المتحدة التي يطلب البعض الاتكال عليها لتحرير الأراضي المحتلة.
المقاومة ليست سلاحاً فقط
وإذ أكّد أنّ الانتصار الذي تحقق في أيار من العام 2000 وتمثل باندحار المحتل عن معظم الأراضي اللبنانية المحتلة، تحقّق بفضل قوة المقاومة وعطاءات المقاومة وتضحيات المقاومة، لفت صقر إلى أنّ البعض بدأ بعد إنجاز هذا التحرير بالحديث عن عدم ضرورة بقاء المقاومة بعد انسحاب المحتل، وبدأ العزف على وتر نزع سلاح المقاومة، وهنا لا بدّ من التذكير بأنّ المقاومة ليست سلاحاً فقط، بل هي ثقافة وتربية واقتصاد واجتماع تمكّننا من بناء دولتنا على قاعدة الثقافة الاستقلالية السيادية، هي ثقافة تربية مواطنينا على الوحدة لا على التشرذم، لأنّ المجتمع المُقسَّم لا يستطيع أن يقاوم المحتل، بل يتقاتل أبناؤه في الداخل بدل قتالهم المحتل.
وأضاف: من هذا المنطلق، فإنّ من البديهي أنّ ما يحصل في الشام هو جزء أساس من المشروع «الإسرائيلي» لتقسيم المنطقة وتفتيتها على أساس مذهبي وطائفي وإثني، ووضع حدود جديدة ترسم بالدم من خلال حروب تهدف إلى تنفيذ هذا التقسيم وهذا التفتيت والنتيجة هي بلا شك دمار يطال الجميع ولا أحد بمنأى عن هذا الدمار. لذلك قرّر الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب الله وغيرهما من الأطراف محاربة مشروع التفتيت لأنه مشروع اقتتال لن يكون حصراً في الشام أو العراق أو لبنان، إنه مشروع حرب قد تستمرّ لمئات السنين.
لا مقارنة بين المقاومة والإرهاب
وتطرّق صقر إلى تصنيف حزب الله في مؤتمر الرياض على أنه حزب إرهابيّ! وسأل: علامَ استند هذا التصنيف؟ هنا لا بدّ من الإشارة إلى تعريف الإرهاب وهو أعمال عنفية غير ناتجة عن احتلال ولا أهداف سياسية أو اجتماعية أو إنمائية له، بل هدفه القتل من أجل القتل. وإذا أردنا مقارنة مقاومتنا نجد أنها تقاوم المحتل ولا مجال للمقارنة بين الإرهاب الذي يقتل من أجل القتل، والمقاومة التي تسعى إلى تحرير الأرض. لذا، هذا التصنيف هو جزء من خطة تشويه صورة المقاومة واللعب على الوتر الطائفي. ومن يحاول تشويه صورة المقاومة ينفتح على العدو «الإسرائيلي» ويعمل لفتح علاقات معه، متجاهلاً أنه هو الذي يحتل الأرض ويقتل النساء والشيوخ والأطفال.
إنّ هذا التشويه لن يتوقف في المستقبل القريب بل هو مستمر لذلك نحن في هذا الصراع مع هذا المشروع الذي يطل بأوجه مختلفة، منها الوجه «الإسرائيلي» المحتل للأرض والوجه الإرهابي الوهابي وغيرها من الأوجه.
وختم صقر قائلاً إنّ المقاومة هي عنصر قوّة للبنان، وهناك مواضيع وملفّات كثيرة النفط والمياه واللاجئون وغيرها تحتاج إلى القوة من أجل حسمها، لذلك يجب المحافظة على هذه المقاومة، كعنصر قوّة من أجل تحقيق وتحصيل الكثير من مصالح الكيان اللبناني.