عز الدين: للحدّ من هدر المال العام وتوظيفه حيث يجب
افتتح اتحاد بلديات الفيحاء معملاً لمعالجة النفايات التابع له برعاية وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية د. عناية عز الدين، في مؤتمر عقد في قاعة المؤتمرات في مبنى بلدية الميناء، شارك فيه سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن، محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا، ورئيس اتحاد بلديات الفيحاء المهندس أحمد قمر الدين.
وأشار قمر الدين إلى «أنّ المعمل كان مصمّماً ليكون معملاً للفرز فقط يعمل بقدرة 150 طناً في الوردية الواحدة على أن يعمل ورديتين في اليوم، حيث كانت تقدر كمية النفايات بـ 300 طن في اليوم، وذلك قبل النزوح السوري إلى لبنان. ولكن بعد الأزمة السورية ازدادت الكميات لتصل إلى 450-500 طن في اليوم فتخطت الزيادة نسبة 30-40 في المئة تقريباً».
وتابع «إنّ كمية المواد الناتجة عن الفرز والقابلة للتدوير لا تتخطى الـ 10 في المئة في المناطق اللبنانية، وذلك على أحسن تقدير وبالتالي فإنّ عملية الفرز لا تكفي لحلّ أزمة النفايات في لبنان، لا سيما في مدن الفيحاء خاصة مع وضع مكب الحرج، حيث كان من المفترض أن يغلق بنهاية العام 2012 ولا زلنا نطمر نفاياتنا في المكب نفسه، وذلك بسبب عدم إيجاد حلّ بديل حتى يومنا هذا».
ولفت المحافظ نهرا إلى «أنّ ازمة النفايات التي عانت منها مناطق كثيرة في البلاد منذ فترة كانت طرابلس بعيدة عنها بنسبة كبيرة بفضل جهود اتحاد بلديات طرابلس». وقال: «نحن أمام واجب لتأمين الدعم والمؤازرة لإنجاح معمل فرز النفايات من إدارة وبلديات وأشخاص من أجل الوصول إلى عملية فرز للنفايات بشكل جيد ونبقى بعيدين عن أزمة النفايات عن منطقة طرابلس والشمال».
وحول موضوع مكبّ النفايات في المدينة، قال نهرا: «نحن بصدد البحث عن حلّ مناسب له بجهود الرئيس سعد الحريري الذي وعدنا بالحل المناسب لهذه الأزمة المستفحلة التي تنذر بكارثة كبرى للبنان والدول الأوروبية في حال انفجر المكب ووقعت النفايات في البحر. فهذه كارثة نحن في غنى عنها ونأمل ألا تحصل ونحن نتخذ كل الإجراءات اللازمة لمنع حدوث هذه الكارثة لردع أي مخاطر عن البيئة، وحماية البيئة من أولوياتنا».
لاسن
وشكرت السفيرة لاسن المحافظ نهرا ورؤساء البلديات وقالت: «وجودنا اليوم هو لمواجهة ما يعانيه البلد من مشكلة الصرف الصحي لذا عملنا على إنشاء معمل للنفايات يستوعب أربعمئة طن، ويشمل أعمال الفرز والتدوير وإعادة التصنيع وهذا المعمل سيكون الأكبر في لبنان وكمية هذه النفايات قد زادت 15 في المئة عما كانت عليه قبل مجيء السوريين. وهذا المعمل سيكون البديل عما يظهر في بعض المناطق من حرق وطمر. وسنقوم بتعميم هذا المعمل في أكثر من منطقة شمالية وسنحاول إنشاء 15 معملاً في لبنان في زحلة وبعلبك وجب جنين. وستهتم 541 بلدية بأعمال الفرز وإعادة التدوير، وإذا تمّ كل شيء على ما يُرام فسنقوم بفرز 2200 طن من النفايات أي ما يعادل نصف كمية النفايات اليومية في لبنان، وطبعاً هذا المشروع الممول من الاتحاد الأوروبي سيخلق حوالي 600 وظيفة والاتحاد الأوروبي يأمل أن يكون هذا المشروع مثمراً وتكون نتائجه هامة، خصوصاً أنّ الاتحاد استثمر في هذا المجال حتى اليوم 77 مليون دولار. وهذه الخطة التي سنقوم بها لا تمنع الاستمرار في فرز النفايات المنزلية والتحقق من كمياتها. ونأمل بهذا الشكل أن نصل إلى صفر في المئة على هذا الصعيد. صحيح أنّ هذا صعب، ولكن بالتأكيد سنصل إليه ونحن نتطلع الى سياسات حكومية فاعلة».
عز الدين
ورأت عزالدين «أنّ الصحة العامة والحفاظ على البيئة عنوانان متلازمان. فلا يمكن أن نصل الى مجتمع سليم وصحي من دون أن نعتني ببيئتنا والنظافة العامة». وقالت: «إنّ الإهمال والتعدي المزمن على البيئة في لبنان كانتشار المكبات العشوائية للنفايات ومن ثم حرقها في الهواء الطلق أو حتى المكبات «المضبوطة» كمكب أبو علي وعصارته التي تذهب الى البحر لتلوثه وثروته السمكية، كما التعدي على نهر أبو علي نفسه من خلال تصريف المياه المتبذلة فيه، ومن ثم استعمالها لري المزروعات، كل ذلك يؤدي إلى انتشار الأمراض المزمنة».
وتابعت «هذا المشروع الحيوي، هو تطبيق واقعي وحقيقي لتلازم المحافظة على البيئة مع الحفاظ على الصحة العامة. كلنا يعلم معاناة مدينة طرابلس الفيحاء ومنطقتها ومدى استفحال مشكلة معالجة النفايات الصلبة في هذه المنطقة العزيزة على قلوبنا من لبنان. ولا أخفيكم أنّ التعاطي بموضوع النفايات الصلبة وحلّ المشاكل المتعلقة بها لا يستسيغ الكثير من الإدارات في لبنان، فضلاً عن المسؤولين والسياسيين، لأنه كالقابض على الجمر. لكننا أصرينا أن نساهم في وضع واقتراح الحلول وانتسبنا إلى اللجنة الوزارية التي تدرس وتقيّم دفتر الشروط الخاص بإنشاء المحارق في لبنان. وكانت لنا مساهمة فعالة مع سائر أعضاء اللجنة الوزارية في تغيير وتعديل بعض البنود المتعلقة بإدارة القطاع وتحسين شروط العمل والتي في حال الإخلال في إدارتها تصبح وبالاً على الدولة والمجتمع. ومن هنا كان إصرارنا أن نلاقي الاتحاد الأوروبي بمبادراته البناءة في دعم لبنان في ما يخص الاستثمار في إنشاء المراكز المعنية بمعالجة النفايات الصلبة، وعلى الأراضي اللبنانية كافة بتوفير الدعم المالي لإدارة وتشغيل هذه المعامل ومن الموازنة العامة للدولة وليس من الصندوق البلدي المستقل. كما أننا سنقوم بالإشراف الحثيث والدائم على تشغيل وصيانة هذه المعامل لضمان حسن سير العمل وفقاً للشروط الفنية الموضوعة لهذه الغاية والتي تم تلزيم المعمل على أساسها».
ورأت أنّ مركز معالجة النفايات في طرابلس «نموذج يُحتذى به في ما يخص موضوع معالجة النفايات الصلبة للأسباب التالية:
ـ يعد معمل طرابلس من أكبر المعامل في لبنان لناحية كمية النفايات التي سيعالجها.
ـ يتمتع المعمل بتكنولوجيا ستؤهله لفرز ومعالجة ما يقارب 80 في المئة من النفايات الداخلة إليه من خلال تعزيز عمليات الفرز وتسبيخ المواد العضوية وإضافة تقنية إنتاج الوقود البديل من النفايات الصلبة أي مادة RDF.
ـ هو أول مبادرة في لبنان وفي موضوع معالجة النفايات الصلبة لتأسيس شراكة بين القطاع العام والخاص، ويجب إنجاح هذه التجربة لما لها من تأثيرات واعدة على التنمية المحلية في لبنان».
ولفتت إلى «أنّ تكلفة إنشاء المعمل، إن لناحية توظيف الهبة من الاتحاد الأوروبي أو المساهمة من القطاع الخاص، أو لناحية كلفة معالجة الطن الواحد من النفايات، هو نموذج رائد لتثبيت أننا في لبنان نستطيع أن نضم التصاميم الهندسية المتطورة وإطلاق المناقصة لتلزيم الأشغال وتوريد المعدات وتلزيم تشغيل وإدارة هذا النوع من المعامل في منتهى الشفافية. وبعيداً عن الفساد نستطيع أن نحدّ من هدر المال العام وتوظيفه حيث يجب. لكن يبقى أمامنا الكثير من العمل على العديد من الجبهات، في ما يخص تكملة الحلقة المتكاملة لإدارة النفايات الصلبة في منطقة الفيحاء، وهو:
ـ تأمين مطمر صحي للعوادم الناتجة عن تشغيل المعمل.
ـ تصريف مادة الـRDF في معامل الإسمنت، إذا أمكن وهذا يتطلب جهوداً من إدارات عدة كوزارات البيئة والداخلية والمالية، وسنسعى الى ذلك.
ـ يبقى التحدي الأكبر في معالجة وإزالة مكب أبو علي وفقاً للطرق السليمة البيئية».
وختمت: «نعاهدكم ببذل أقصى الجهود لمتابعة هذه المشاريع والسهر على حسن إدارتها، كما والعمل مع الاتحاد الأوروبي وغيره من الجهات المانحة لتأمين هبات إضافية لتأسيس مشاريع بيئية وتنموية وبخاصة في ما يتعلق بالتنمية المحلية والبلدية».
بعدها تمّ عرض فيلم وثائقي عن تجهيزات المعمل وسبل معالجة النفايات فيه. انتقل بعدها الجميع إلى معمل فرز النفايات، حيث قصّوا الشريط وقاموا بجولة تفقدية للأعمال وللمعدّات الحديثة الموجودة فيه.