ورد وشوك
في زمن صارت فيه السنوات تهرب منّا بفعل فاعل، لتتوارى خلف مجهول يخيّم فوق ما هو من العمر قادم. ولد إحساس بالعجز انتاب معظمنا نحن أبناء جيل أحداثه، ينكرها كلّ عاقل. فالممنوعات فيه تفوق آلاف المرّات ما هو مسموح به، في وقت شحّت فرص وأدوات يترجم فيها ما أنفق من الجهد والوقت كل طامح في تحصيل أرقى العلوم والمعارف ليتفوق رغم المصاعب.
من دون سابق إنذار يجد نفسه في ميدان للسباق تواجدت فيه بعض الخيول الأصيلة وزمر من الهجين منها صار على معظم الساحات حائز، بينما الأصيلة راحت تمشي بتثاقل بفعل قيود أدمت منها القوائم، فجعلت فرسانها يلمّون خيبات الخسارة والتراجع كأنها أصيبت بالعدوى من فيلة يُوضع القيد في أقدامها يناسب كونها حديثة الولادة، فيمنعها من الهروب، وتكبر معتقدة أنها لا تزال على فكّ قيدها غير قادرة رغم امتلاكها قوة تخوّلها رفع أثقل الأوزان، لكنّها تبقى في مكانها عالقة لا تغادر.
هي حالة مرضية تحتاج إلى علاج ناجع. فكيف لفارس أن يرضى بقاءه رهناً لمرض أصاب فرسه يقصيه عن تحقيق أمله في بلوغ مستقبل واعد، ناسياً أو متناسياً أن الفرس من الفارس و أنّ الأوان آن للتمرّد و كسر كلّ حاجز لن يذعن بعد اليوم لقيد واهن. فالحياة مهما طالت قصيرة، تليق بمن يترك بصمة الإنجاز بتحدّ قبل أن يغادر.
رشا المارديني