ماي نحو تشكيل حكومة جديدة وتخسر الغالبية المطلقة

كشفت النتائج شبه النهائية أنّ المحافظين في الطليعة، لكنهم خسروا نحو 12 مقعداً بينما فازت المعارضة العمالية بنحو ثلاثين مقعداً، وهذا معناه أنّ المحافظين لم يعُد بإمكانهم الاحتفاظ بالغالبية المطلقة.

وكانت نسبة المشاركة التي بلغت 68,72 في المئة الأعلى في انتخابات تشريعية منذ العام 1997.

وخسر حزب يوكيب المناهض لأوروبا والذي يشهد تراجعاً كبيراً، مقعده الوحيد في البرلمان وقدّم زعيمه بول نوتال استقالته.

وكانت ماي تتمتع بغالبية من 17 مقعداً في البرلمان المنتهية ولايته وتأمل الحصول على تفويض أكبر حتى تخوض مفاوضات بريكست «متشدّد»مع الاتحاد الأوروبي اعتباراً من 19 حزيران، بعد عام على الاستفتاء الذي قضى بخروج البلاد من التكتل.

لكن حزب العمال بزعامة جيريمي كوربن أحبط خطط ماي، الذي قاد حملة وصفت بأنها «ناجحة»كثّف خلالها اللقاءات مع الناخبين، مستغلاً أخطاء ارتكبتها ماي، خصوصاً حول الضمان الاجتماعي، وسارع كوربن الذي انتخب بغالبية كبرى في دائرته آيلنغتون شمال لندن إلى مطالبة ماي بـ»الاستقالة».

وطغت خلال هذه الحملة مسألة الضمان الاجتماعي والأمن على موضوع بريكست بعد تعرّض البلاد لثلاثة اعتداءات في أقل من ثلاثة أشهر.

وقال كوربن متوجّهاً إلى ناخبيه في وقت مبكر أمس «لقد خسرت ماي مقاعد عائدة إلى المحافظين، وخسرت الدعم والثقة. هذا كافٍ من أجل أن ترحل وتفسح المجال لحكومة تُمثّل حقاً البريطانيين»، مؤكداً أنّ «السياسة لن تعود إلى الصندوق الذي كانت فيه سابقاً».

وأضاف أنّ «ما حصل هو أن الناس أعلنوا أنهم لن يتحملوا المزيد من السياسات التقشفية، وعدم منح شبابنا الفرصة التي يستحقونها في مجتمعنا».

وأكد أنّ عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي «يجب أن تتواصل»، مشيراً إلى أنّ حزبه «مستعد لإجراء المفاوضات باسم البلاد».

من جهتها، أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس «أنها ستشكل حكومة تنجز عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، رغم خسارة حزبها المحافظ الغالبية المطلقة في البرلمان، والدعوات إلى استقالتها».

وقالت ماي أمام مقرها في 10 داونينغ ستريت في لندن، «التقيتُ للتو جلالة الملكة، وسأشكل الآن حكومة، حكومة قادرة على أن تطمئن وتدفع المملكة المتحدة إلى الأمام في هذا الوقت الدقيق».

وأضافت أنّ «هذه الحكومة ستوجه بلادنا في المناقشات الأساسية حول الخروج من الاتحاد الأوروبي، والتي ستبدأ في غضون عشرة أيام، وتستجيب لرغبات البريطانيين من خلال تنفيذ الخروج من الاتحاد الأوروبي».

وأوضحت أنها «تعوّل في مهمتها الجديدة على دعم الحزب الوحدوي الديموقراطي في إيرلندا الشمالية الذي فاز بعشرة مقاعد».

ومن شأن هذا الدعم أن يؤمن لها غالبية مطلقة ضئيلة علماً بأنها دعت إلى «هذه الانتخابات المبكرة بهدف الحصول على غالبية مريحة قبل التفاوض على الخروج من الاتحاد الأوروبي اعتباراً من 19 حزيران».

ولفتت ماي إلى أنّ «حكومتها ستحرص على جعل بريطانيا آمنة ومستقرة وقوية»، وهو ما جعلها تطلب من الجميع «بدء العمل واليقين في المحافظين والحزب الديمقراطي الوحدوي».

وبحسب صحيفة «تيليغراف»البريطانية، أسفر تحالف حزب ماي والديمقراطي الوحدوي عن الفوز بـ 328 مقعداً في الانتخابات التشريعية، وهو ما يعني أحقية هذا التحالف في تشكيل الحكومة.

ويتمكن أيّ حزب أو تحالف من تشكيل الحكومة في بريطانيا منفرداً، حال الحصول على 326 مقعداً كحد أدنى أيّ الأغلبية المطلقة 50 + 1 .

وفاز حزب المحافظين بزعامة تيريزا ماي بـ 318 مقعداً من أصل 650 في مجلس العموم البريطاني الغرفة الأولى ، في حين فاز الحزب الديمقراطي الوحدوي في أيرلندا الشمالية بعشرة مقاعد فقط.

بدورها، أفادت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن أنها «ستطلب من أعضاء البرلمان من كلّ الأحزاب العمل سوياً لإبقاء بريطانيا في السوق الأوروبي الموحّد».

وقالت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن أمس «إن على بريطانيا البقاء في السوق الأوروبية الموحّدة حين تخرج من الاتحاد الأوروبي، بعد الانتخابات التي شهدت خسارة رئيسة الوزراء تيريزا ماي الغالبية المطلقة في البرلمان».

وأضافت ستورجن زعيمة الحزب الوطني الاسكتلندي «يجب التخلي عن السعي المتهور لخروج صعب من الاتحاد الأوروبي».

وتابعت «المحافظون خسروا الأغلبية ورئيسة الوزراء خسرت سلطاتها كلها ومصداقيتها».

وقالت ستورجن: «إنها ستطالب أعضاء البرلمان من كل الأحزاب بالعمل سوياً لإبقاء بريطانيا في السوق الأوروبية الموحدة».

والحزب الوطني الأسكتلندي هو ثالث الأحزاب تمثيلاًً في مجلس العموم المكوّن من 650 مقعداً بعد انتخابات الخميس.

ورغم أنّ الحزب اليساري الانفصالي تصدّر الانتخابات في اسكتلندا، حاصداً 35 مقعداً من أصل 59 متاحة، إلا أنّ ذلك يشكل تراجعاً بمقدار 21 مقعداً عما حققه في العام 2015.

وخسر الحزب الوطني الاسكتلندي بعض الدوائر الانتخابية لصالح أحزاب العمال والمحافظين والديموقراطيين الأحرار.

وقالت ستورجن «إنه رغم فوزها بالانتخابات في اسكتلندا، إلا أنها حقيقة حتمية أننا عانينا أيضاً من خسائر محبطة».

ويطالب الحزب الوطني الاسكتلندي بتنظيم استفتاء جديد حول الاستقلال بعد توضيح شروط بريكست، حتى وإن كان ذلك بعد نهاية 2018 ومطلع 2019.

لكن ستورجن قالت «إنّ تزايد الدعم للأحزاب الوحدوية قد يؤدي إلى إعادة التفكير في الأمر».

وقالت «بلا شك مسألة الاستفتاء على الاستقلال كانت عاملاً في هذه الانتخابات، لكنني أعتقد أنّ هناك عوامل أخرى في نتائج هذه الانتخابات أيضاً».

وتابعت «سنفكر بإمعان في هذه النتائج، سنستمع للناخبين وسنأخذ بعين الاعتبار أفضل طريق لاسكتلندا».

وأوضحت ستورجن أنها «مستعدّة للعمل مع حزب العمال، ثاني أكبر أحزاب البرلمان، والأحزاب الأخرى، لضمان عدم بقاء حزب المحافظين لخمس سنوات في سدّة الحكم».

وقالت «سنعمل سوياً لو كان هذا ممكناً لإبعاد المحافظين عن الحكومة».

وتابعت «نحن مستعدون للعب دورنا في هذا التحالف الذي نحتاجه الآن أكثر من أيّ وقت مضى».

وأضافت «سنعمل الآن مع الآخرين لفعل كل شيء ممكن، لوضع نهاية للتقشف»، مشيرة إلى أنه «يجب أن يكون هناك الآن محاولة لإيجاد إجماع»

في سياق متصل، اعتبر المفوض الأوروبي بيار موسكوفيسي أنّ تيريزا ماي «التي كان يفترض أن تعزّز موقعها، خسرت رهانها، وبالتالي هي في وضع أصعب للتفاوض حول بريكست».

من جهته اعتبر وزير الخارجية الألماني سيغمال غابرييل «أنّ نتيجة الانتخابات تشكل نكسة لماي ولموقفها المؤيد لمفاوضات بريكست قاسية».

أما المفوض الأوروبي للموازنة غونتر اوتينغر فقال «نحن بحاجة لحكومة قادرة على التحرك ويمكنها التفاوض على خروج بريطانيا»من الاتحاد الأوروبي، مضيفاً أنّ «حكومة بريطانية ضعيفة تطرح مخاطر بأن تكون المفاوضات سيئة للطرفين».

فيما اعتبر رئيس الوزراء الفرنسي أدوار فيليب أمس «أنّ نتائج الانتخابات التشريعية البريطانية، حيث خسر المحافظون الغالبية المطلقة، تشكل نوعاً من المفاجأة، لكنها لن تعيد النظر في موقف بريطانيا من بريكست». وقال «بمطلق الأحوال ستكون المحادثات طويلة ومعقدة».

كما ألمح كبير مفاوضي بريكست ميشال بارنييه إلى أنّ «بروكسل يمكن أن تمهل بريطانيا المزيد من الوقت قبل بدء المفاوضات».

في المقابل، حذّر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك من «عدم التوصل إلى اتفاق حول بريكست».

وعلّق توني ترافرز من «لندن سكول أوف أيكونوميكس»، «يبدو أننا سنشهد زعزعة للاستقرار وسيكون من الصعب على الحكومة البريطانية التفاوض حول بريكست من موقع قوة».

واعتبر ماين فين من جامعة وورويك أنّ بريطانيا «أمام مرحلة من التحالفات أو بصدد انتخابات جديدة» والنتيجة «ستتم إعادة النظر بكل المقاربة المتعلقة ببريكست».

في اليسار، مُني الانفصاليون الاسكتلنديون بخسائر فادحة وانتقلوا من 54 مقعداً الى 34، بحسب النتائج شبه النهائية. كما هزم المسؤول الثاني في الحزب آنغوس روبرتسون وزعيمهم السابق اليكس سالموند في معقليهما.

وشدّد إيان بيغ من «لندن سكول أوف ايكونوميكس»لوكالة فرانس برس أن هذا التراجع الكبير «خبر سيئ جداً لمطالبهم بإجراء استفتاء ثانٍ حول استقلال اسكتلندا».

أما الليبراليون الديموقراطيون المؤيدون للاتحاد الأوروبي فكسبوا 4 مقاعد، بحسب هذه النتائج. وكانوا حذروا مساء الخميس من أنه «لن يكون هناك تحالفات أو اتفاقات مع أحزاب أخرى». وخسر حزب يوكيب المعادي لأوروبا مقعده الوحيد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى