العاصفة الخليجية.. الرياء بالرياء والريال بالريال والبادئ مُحرَج
معن حمية
العاصفة الخليجية التي تضرب إمارة قطر منذ أسبوع، لا تزال مستمرة وهي تتأثر «بمنخفضات» تزيد من شدتها، بعدما تم وضع مؤسسات قطرية وأفراد على اللائحة الإرهابية السوداء التي نشرتها السعودية والإمارات والبحرين إضافة الى مصر .
لكن رغم اشتداد «العاصفة»، فإن نوافذ عديدة تبقى مفتوحة، ومنها جهود الوساطة التي قام بها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد جابر الصباح، تلك الجهود وإن أُلبست ثوب الفشل، إلا أن الوسيط ما زال متكتماً على نتائج وساطته، في حين تؤكد المعلومات أنّ هناك «سلة» قيد النقاش ستُفضي إلى تفاهم بين قطر وخصومها الخليجيين على قاعدة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم».
في الأساس، لا خلافات جوهرية بين الدول الخليجية المذكورة لأنها جميعاً دعمت الارهاب والفوضى في المنطقة. وعندما بدأت الحرب على سورية، فإن قطر تقدمت على السعودية بأشواط في التحريض الإعلامي وفي تمويل المجموعات الإرهابية. وهذه من الأسباب الرئيسة التي تجعل «التطبيع» البيني بين أمراء الخليج قاب قوسين أو أدنى. إضافة إلى أسباب أخرى، حيث إن السعوديين والإماراتيين خصوصاً، يشعرون بالضيق والحرج، لأنهم بدأوا يستشعرون بأن الحصار الذي فرضوه على قطر وقطع العلاقات معها بلا جدوى، والنتائج حتى الآن صفر، وأن عقوباتهم بلا تأثير، بعدما صار مؤكداً أن السوق القطرية ستمتلئ بكل ما تحتاجه من تركيا وإيران… خصوصاً بعدما أعلنت طهران عن جهوزية موانئها وبعد أن شرعت تركيا بإرسال جنود أتراك الى قاعدتها في قطر.
العاصفة الخليجية لن تحقق مبتغاها، ذلك، لأن السعودية تعاملت مع حليفتها وشبيهتها قطر على أساس الصورة النمطية السائدة، وبأنها بمجرد أن تصعّد الموقف تستطيع إزاحة الابن الضال تميم بن حمد لمصلحة آخر، على غرار ما حصل عندما تنحّى الأب لمصلحة الابن بانقلاب مستتر.
وعليه، فإن كل هذا العصف الخليجي بلا نتيجة، لأنّ السعودية لم تقرأ جيداً أن لقطر شبكة واسعة من العلاقات الإقليمية والدولية. وأن هذه العلاقات كفيلة بأن تضع حدوداً لأي محاول انقلابية، حتى وإن كانت الولايات المتحدة الأميركية تغض الطرف عن هذا الأمر!
حتى الآن الموقف الأميركي حيال ما يحدث حمّال أوجه، وطبيعي أن يستقرّ في نهاية المطاف، بما يتوافق مع المصالح الأميركية، ومصلحة أميركا بأن تحصل على المال والنفط والغاز من هذه الدول الخليجية كلها، خصوصاً بعد أن تحرّكت دول أوروبية منها ألمانيا وتضامنت مع قطر.
بالتأكيد ستضع العاصفة الخليجية أوزارها، ليس لأن دولها فقدت القدرة على التخريب ونشر الفوضى، بل لأن هناك إرادة أميركية ـ غربية ـ «إسرائيلية» ستقرّر وضع حد يحول دون تفاقم الخلاف واستحكامه، لأن هذه الدول المختلفة هي المسؤولة عن الخراب في بلادنا والعالم العربي. واستمرار الخلاف بينها يظهر مزيداً من الضعف في المحور الذي تقوده أميركا و «إسرائيل»، ومزيداً من القوة في المحور الذي يشكل الجيش السوري رأس حربته، ويتقدّم إلى التنف على أنقاض الخطوط الحمر الأميركية.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي