القاعدة التركية في قطر
حميدي العبدالله
قال المسؤولون الأتراك إنّ القاعدة التركية في قطر التي يتوقع أن تضمّ حوالى خمسة آلاف جندي تركي ليست لحماية دولة قطر وحدها، بل لحماية دول المنطقة جميعها.
واضح أنّ الادّعاء التركي على هذا الصعيد غير منطقي ويخالف جميع الوقائع، ويتعارض مع أيّ حساب عقلاني. إيران ليست بحاجة إلى قوات تركية في قطر لحمايتها، أما دولة الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية، فإنهما يعتبران وجود هذه القاعدة في دولة خليجية لديهم خلافات عميقة معها هو تهديد لأمنهما وليس حماية هذا الأمن.
وعلى أية حال لو كان ادّعاء المسؤولين الأتراك صحيحاً لكان ينبغي أن تطلب دول المنطقة مساندة تركيا مباشرة وعلى أراضيها وليس من خلال دولة لديها خلافات مزمنة مع كلّ دول المنطقة.
واضح أنّ إنشاء قاعدة تركية في قطر ليس بفعل الأزمة الأخيرة التي انفجرت بين قطر وبين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية، بل إنّ اتفاق إنشاء هذه القاعدة سابق لاندلاع الخلاف، وقد يكون احد أسباب هذا الخلاف، إضافة إلى الأسباب الأخرى المعلنة.
القاعدة التركية في قطر هدفها حماية وتعزيز ودعم مشروع الإخوان المسلمين في المنطقة الذي تتزعّمه كلّ من تركيا وقطر، ولهذا السبب تعتقد أبو ظبي والرياض أنّ هذه القاعدة هي تهديد لأمنهم ولاستقرار المنطقة. ومن هذا المنطلق تعارضان إقامة هذه القاعدة لأنها تؤثر على توازن القوى في منطقة الخليج العربي في غير مصلحتهما.
الأرجح أنّ الإصرار على إقامة قاعدة تركية في قطر، فضلاً عن أنه يستفزّ الولايات المتحدة التي لا ترغب بمشاركة أي دولة أخرى بوجود عسكري فاعل خارج إطار القوات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة، سيدفع الإمارات والسعودية إلى الوقوف بقوة أكبر ضدّ قطر، ومن غير المستبعد أن يكون من بين شروط أيّ تسوية للخلاف إرغام الدوحة على التراجع عن إقامة القاعدة العسكرية التركية على أرض قطر.
ربما تكون توضيحات المسؤولين الأتراك هدفها احتواء أيّ معارضة خليجية أو أميركية لوجود هذه القاعدة العسكرية، ولكن هذه التوضيحات لن تؤخذ على محمل الجدّ في واشنطن والرياض وأبو ظبي.