أجواء متضاربة حول قانون الانتخاب عشيّة مجلس الوزراء وتوافق على عدم العودة إلى الوراء
في التصريحات العلنيّة نسبة كبيرة من التفاؤل بإنجاز الصيغة النهائيّة لقانون الانتخاب الجديد، و ترجيح إقرارها في جلسة مجلس الوزراء المقرّرة في بعبدا غداً الأربعاء لتتحوّل إلى مشروع قانون يُحال إلى المجلس النيابي لإقراره قبل العشرين من حزيران الحالي.
إلّا أنّ في الكواليس السياسيّة يخيّم التشاؤم على المفاوضات الجارية في تفاصيل الصيغة التي ما زال بعضها يشكّل عقبة أمام إنضاجها بصورة نهائيّة في الساعات الأربع والعشرين المقبلة.
تفاصيل صغيرة
ووسط الأجواء المتناقضة، أكّد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، أنّ «علينا أن ننجز ما تبقّى من قانون الانتخاب ونقفل النقاش حوله، وأنّه طالما حدّدنا الإطار الذي توافقنا عليه وهو النسبيّة مع 15 دائرة انتخابية، فيجب أن نختصر في التفاصيل».
وشدّد رعد في كلمة خلال احتفال تأبيني، في بلدة زبدين الجنوبية، على أنّ «ليس بالإمكان الهروب إلى الوراء ولا قلب الطاولة على الإطار العام الذي حدّدناه لقانون الانتخاب»، موضحاً أنّ «الوقت ليس لمصلحة أحد، ولا يظنّن أحد أنّه يستطيع فعل ما يريده لوحده».
وختم: «يجب إنجاز قانون الانتخاب في الأيام القليلة المقبلة حتى نجري الاستحقاق الانتخابي وفق قانون انتخابي جديد».
من جهته، أعلن عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور حسن فضل الله، أنّ بالإمكان القول اليوم إنّ «مشروع قانون الانتخاب أصبح بحكم المنجز، وإنّ بعض التفاصيل الصغيرة يفترض ألّا تعرقل هذا القانون الجديد».
وقال خلال رعايته حفل إفطار تكريمي أقامه اتحاد بلديات بنت جبيل لرؤساء وأعضاء البلديات التابعة له في بلدة الطيري الجنوبية، «نحن في هذا الإطار عملنا طيلة الفترة الماضية على تسهيل إنجاز هذا القانون، لأنّ البلد يحتاج إلى قانون جديد وإلى انتخابات نيابيّة، فلا الفراغ ولا التمديد ولا حتى الستين خيار لأيّ أحد، على الأقلّ في الظاهر من أدبيّات كلّ القوى السياسية، فالكلّ يقول إنّه ضدّ التمديد والفراغ والستين، وبالتالي فإنّ الخيار المتبقّي هو أن ننجز قانون انتخاب مستنداً إلى تفاهم وطني وعلى قواعد كنّا نقول منذ البداية عنها أنّها القواعد الوطنية التي تؤدّي إلى إنتاج مجلس نيابي ممثّل للشرائح الشعبيّة، وهي النسبيّة الكاملة والخروج من القيود الطائفيّة والمذهبيّة بمعزل عن توزيع الدوائر وتقسيمها».
وختم: «إنّنا في حزب الله وحركة أمل كنّا نقول منذ البداية، إنّه أيّاً يكن القانون الذي سيعتمد في الانتخابات، فنحن سنذهب على أساسه إلى هذه الانتخابات وليس لدينا مشكلة، ولكنّنا وضعنا مبادئ تشترط أن لا يكون قانون الانتخاب طائفياً أو مذهبيّاً، وبالتالي إذا كانت النسبيّة مع أيّ عدد من الدوائر أو مع صوت تفضيلي في القضاء أو في الدائرة، أو أنّ اللائحة ستكون مكتلمة أو غير مكتملة، وأيّاً كانت طريقة الاحتساب في اللائحة، فإنّنا نعتبر أنّ هذه التفاصيل لا تقرّب ولا تؤخّر، وإنْ كنّا سنفقد مقعداً أو اثنين على المستوى الحزبي، فإنّنا سنكسب على المستوى الوطني».
أسبوع الحسم
وفي الموازاة، جزم عضو كتلة «القوّات اللبنانيّة» النائب فادي كرم، بأنّ الأجواء تميل إلى ولادة قانون الانتخاب في جلسة مجلس الوزراء غداً الأربعاء. وقال: «هذا الأسبوع هو أسبوع الحسم وصدور القانون بعد الوصول إلى مراحل متطوّرة من نقاشات طويلة، فالرجوع إلى الوراء غير وارد».
وردّاً على سؤال حول احتمالات التصويت في الجلسة الوزاريّة، رجّح كرم «إقرار القانون بالتفاهم وتخطّي التباينات ليسلك طريقه إلى مجلس النوّاب».
ورأى «أنّ القانون الجديد هو تمثيلي، ونتائجه ستكون منطقيّة لناحية تمثيل شرائح الشعب اللبناني كافة». موضحاً «أنّ التأجيل التقنيّ بات واقعاً وفقاً لما أعلنته وزارة الداخلية من حاجة لستة أو سبعة أشهر للتحضير للقانون الجديد الذي يشكّل تحوّلاً في المفهوم الانتخابي».
وعن التحالفات الانتخابيّة، اعتبر كرم أنّه «من المبكر الحديث عنها»، مؤكّداً «تحالف القوّات اللبنانية مع التيّار الوطني الحرّ مع انفتاح القوّات على الجميع وعلى أيّ تحالفات أخرى».
لعدم التلاعب بالمشاعر
وفي المواقف من النقاش الدائر حول قانون الانتخاب، اعتبر عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر، خلال رعايته حفل الإفطار السنوي الذي أقامه إسعاف النبطيّة، أنّه «لا يجوز اللعب بمشاعر الناس ومصالحهم، كلّ يوم نسمع أُنجز القانون وسيُنجز القانون، وهذا أمر يتعلّق بمصير بلد، نحن على بعد 9 أيام من انتهاء عمل هذا المجلس النيابي ولا يجوز أن تُرمى البلاد إلى الفراغ».
أضاف: «لا يجوز أن يبقى اللبنانيّون «يتحزّرون، اليوم وغداً وفشلت»، لأنّ ما سمعناه في الساعات الأخيرة بعد أن أعلن تطوّرات إيجابية، نسمع اليوم أنّ هناك بعض العقبات كما تعوّدنا في الأيام الماضية أن تُخلق في آخر لحظة».
وناشد جابر رئيس الجمهورية ميشال عون أن يتدخّل و يضع حدّاً لهذا التمادي في التأخير والتلاعب بمشاعر اللبنانيين، مشيراً إلى أنّ لبنان يواجه أخطاراً كثيرة وجموداً اقتصادياً وإرهاباً، ويواجه نزوحاً غير مسبوق في العالم».
الداود
بدوره، أمل الأمين العام لـ«حركة النضال اللبناني العربي» النائب السابق فيصل الداود، في بيان له، بـ«أن يقرّ قانون الانتخاب خلال هذا الأسبوع، وعلى النسبيّة الكاملة التي طالبنا بها، وإنْ شابها تشويه وتجويف، لما كنّا ندعو إليه، وهي أن تُعتمد على أساس لبنان دائرة واحدة، أو أقلّه المحافظات الخمس، لا أن يكون توزيع الدوائر استنسابيّاً ومن دون معيار واحد، وفيه أكثريّات طائفيّة، هي لمصلحة زعماء طوائف يحتكرون تمثيلها، وكأنّنا أمام «أكثرية مقنعة».
وطالب «ألّا تكون فترة التمديد لمجلس النوّاب طويلة، وتقنيّة بحتة، بما لا يتعدّى شهر أيلول المقبل، كي يمارس المواطنون حقّهم في الاقتراع، واختيار من يمثّلهم، بعد أن حُرموا من ذلك لدورة نيابية كاملة».
من جهتها، اعتبرت حركة «أمل» أنّ «القانون الانتخابي العادل الجامع الذي يؤمّن الشراكة للجميع ويعيد إنتاج الحياة السياسية هو القانون القائم على النسبيّة وفقا للدوائر الموسّعة، وهذا ما نادينا به وعمل الرئيس نبيه برّي من أجل الوصول إليه. ولأنّنا نحرص على شركائنا في الوطن ولا نفرض رأياً بأن نبحث عن المساحات المشتركة التي تنتج عن التوافق الوطني، وصلنا إلى قانون انتخابات نيابيّة مبنيّ على أساس النسبيّة التي اقتنع معنا الجميع بها وعلى أساس 15 دائرة انتخابيّة تطمئن الشركاء في الوطن».
وأسف مسؤول الإعلام المركزي في الحركة، مدير عام إذاعة «الرسالة» الدكتور طلال حاطوم، خلال حفل إفطار
لشعبة تفاحتا تكريماً لأبناء الشهداء والأيتام، عن أسفه «أنّ البعض يريد قانوناً انتخابيّاً مفصّلاً على قياسه وقياس مصالحه الشخصية، ويريد أن يسجّل انتصارات وهميّة على حساب القانون الانتخابي».
وحذّر «من الغرق في تفاصيل القانون الانتخابي وشيطنتها»، مستغرباً «لجوء البعض إلى العرقلة كلّما تحقّق تقدّم».
وأكّد أنّ «حركة أمل أبقت ولا تزال تبقي الأبواب مفتوحة، وتتعاطى بإيجابيّة وانفتاح مع الطروحات الوطنيّة الجامعة من أجل الوصول إلى الحلول وبالتعاون مع كلّ المخلصين المدركين أنّ المرحلة تستدعي التضحية من أجل لبنان، وليس التضحية بالوطن».