الملاك الحارس

د. رأفات أحمد

الزمان: السادسة صباحاً من يوم 10/6/2017

المكان: سورية /سماء دير الزور

الحدث

قامةٌ سمراء.. نسر من بلادي.. جبينٌ للشمس.. يحمل بين ذراعيه طفل رضيع وهو يقود الـ Mi 17 وقد عاد من مهمة قتالية ضدّ عناصر الإجرام والتكفير «داعش».

ابتسامة رضا ووجه سمح وبحر دافق من حنان الأبوة تلفّ الرضيع قبل أن تلفه ذراعا النسر الصادقتان ليسعفه الى مستشفى القامشلي بعد أن جُرح والده في هجوم لمجرمي داعش على المنطقة.

لقطة بآلاف اللقطات.. صورة بملايين الصور.. مشهد يختصر الحياة…

مع بدء ربيع الدم، ربيع الوحوش والمسوخ في سورية كان هدف العدو الأول إسقاط سورية، عن طريق إسقاط أهمّ مكوّن من مكوّنات الدولة السورية وهو جيشها الجبار. الجيش الوحيد الباقي على تماسكه وقوته والذي يقضّ مضجع «إسرائيل» مع كلّ حديث محتمل عن الحرب.

جهد العدو وأدواته التكفيرية ومنذ اللحظات الأولى لاندلاع التخريب في سورية لإسقاط هيبة وعزة الجيش والعمل على زعزعة الثقة بأركانه فتارةً أسموه الجيش الأسدي للإيحاء بأنه ذو مكون طائفي واحد، وتارةً نعتوه بجيش النظام للإيحاء بأنّ هناك فجوة شاسعة بين نظام الحكم ومؤسساته الرسمية من جهة والشعب من جهة أخرى. وتارة أخرى أطلقوا عليه اسم ميليشيا! وغيرها الكثير الكثير من نعوت التقزيم المشوّهة التي كانوا قد اخترعوها خصيصاً لتؤدّي غرضاً واحداً محدّداً.

لم يتأخر الردّ على هذه الترّهات الإعلامية الفارغة، فجاء من رجال الجيش على الأرض حقيقياً وقاسياً ويليق بعظمة المؤسسة العسكرية السورية.

على الأرض، كان الجيش السوري جيشاً أسدياً بامتياز من ناحية أن بناه الأسد الأب ولقّمه عقيدة النضال والقتال في وجه عدو أوحد هو الكيان الصهيوني وأدواته الإجرامية مهما تنوّعت أشكالها. على الأرض كان الجيش السوري جيش النظام الوطني المتفرّد بدبلوماسيته التي كيّعت عدوّه في المحافل الدولية، جيش النظام الذي حمى هوية الشعب السوري من التشرذم والضياع، بل من الاندثار في أتون حرب قذرة أحد أطرافها الكذب الإعلامي والآخر كان نزيف الدم على الأرض.

على الأرض كان الجيش السوري جيش الوطن.. جيش الإعما ر والبناء.. جيش الحرب والسلم.. جيش إيصال المعونات الغذائية.. جيش حماية المدنيين في المعابر المفتوحة على نيران التكفيريين.. جيش تحرير المخطوفين.. جيش المصالحات الوطنية… من دون أن ينسى عدوه التاريخي «الكيان الصهيوني».. كان الجيش على الأرض جيش سورية بامتياز.

صورة عفوية صادقة.. عبّرت وبكلّ شفافية عن أخلاقيات هذا الجيش الذي لا يُقهر. صورة ناطقة بجميع اللغات لا تحتاج إلى تفسير فالمفسَّر لا يفسَّر، «وليس يصحّ في الإفهام شيء إذا احتاج النهار إلى دليل».

تحية إلى الملاك الحارس صاحب الصورة سيادة النقيب قتيبة عباس.

تحية لروح أخي الشهيد جنيد أحمد، أحد عناصر هذا الجيش العظيم.

تحية لأبي الحبيب الذي لن أنسى ما حييت إجابته الهادئة والواثقة ذات شتاء قارس 2013، وقد سألته بخوف مبطّن عما يجري: «بابا.. اوثقي بالجيش».

أثق بك يا جيش بلادي.. ملاكنا الحارس…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى