الأمم المتحدة وداعاً الأمم المتحدة وداعاً

بلال شرارة

أخيراً انتبهت جامعة الدول العربية إلى أنّ لبنان لم يكن يصرخ في واديه حين كانت تتحدّث مصادره الاغترابية أو الدبلوماسية عن مواجهة في أفريقيا وإدارة كياناتها السياسية بين لبنان و«إسرائيل»، وإلى أنّ لبنان لم يكن يروّج لـ مؤامرة من أجل تضخيم دوره أو استجداء انتباه عربي إلى ما يحدث في أفريقيا.

مطلع هذا الأسبوع وبناء لطلب فلسطين اجتمع مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين برئاسة الجزائر لمناقشة مخاطر التمدّد «الإسرائيلي» في أفريقيا وتداعيات ذلك على الأمن القومي العربي.

هذا الاجتماع يأتي متأخراً خمسين عاماً على الأقلّ، وبعد أن بلغ التهديد للأمن القومي مراحل مباشرة وعلنية على خلفية الوقائع العربية في شمال أفريقيا، وبعد أن تمّ ترشيح المندوب «الإسرائيلي» لدى الأمم المتحدة لمنصب نائب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة لعضوية مجلس الأمن لعامي 2019-2020 اعتماداً على الكتلة الصوتية الأفريقية.

هنا لا بدّ من استذكار جولة رئيس حكومة العدو نتنياهو على عدد من دول القارة الأفريقية واستمرار المساعي «الإسرائيلية» لعقد قمة أفريقية «إسرائيلية» في توغو خلال شهر تشرين الأول أكتوبر عام 2017.

آخر تجاهل أبدته «إسرائيل» هو لقرار مجلس الأمن رقم 2334 بخصوص الاستيطان وهي تضرب عرض الحائط بكافة القرارات الدولية في حين أنها وبالمقاييس كافة تستدعي قراراً صارماً باعتبارها قوة قائمة بالاحتلال وفي حالة مخالفة دائمة لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة وفي حالة انتهاك مستديم لأحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ وقواعد القانون الدولي وتفتقد إلى أدنى الشروط ومعايير الأهلية للانضمام إلى مجلس الأمن ويستحيل لأيّ عاقل أن يدّعي أنّ ترشيحها يتوافق مع المادة 23 من الميثاق التي تنصّ على أنّ الجمعية العامة عند انتخابها الأعضاء العشرة غير الدائمين يجب أن تراعي في المقام الأول، وقبل كلّ شيء مساهمة الدول الأعضاء في حفظ السلم والأمن الدولي وفي المقاصد الأخرى للمنظمة.

– -2

اليوم… وبعد 69 سنة من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والأراضي العربية، والتمادي في تحطيم القانون الدولي، تحاول «إسرائيل» أن تبرز كقوة تحرص على القانون الدولي ! ، وبدلاً من أن يجري إلزام «إسرائيل» بالامتثال لقرارات مجلس الأمن وبدلاً من تفعيل المادة 6 من الميثاق التي تُجبر الجمعية العامة بناء على توصية مجلس الأمن فصل أيّ دولة عضو تُمعن في انتهاك القانون الدولي تقوم «إسرائيل» وبكلّ غطرسة بالترشح للحصول على عضوية أعلى وأهمّ جهاز في منظومة الأمم المتحدة.

«إسرائيل» تعمل على كسب تأييد أكبر قدر من الأصوات الأفريقية خدمة لمرشحها.

الحراك الفلسطيني الآن يُبرز المخاوف من وصول «إسرائيل» إلى عضوية مجلس الأمن ومشاركتها في صياغة مواقف وقرارات مصيرية عن تناول مجلس الأمن للقضية الفلسطينية، أو الأزمة السورية، أو الأوضاع في اليمن، أو الحالة في ليبيا، أو أي قضايا أخرى تخصّ العالم العربي، ناهيك عن مشاركة «إسرائيل» في بلورة مواقف مجلس الأمن إزاء قضايا عالمية مثل: الإرهاب، نزع السلاح، وعدم انتشار السلاح النووي، نشر وتوجيه عمليات حفظ السلام.

مجلس الجامعة من المفترض أنه بحث عدداً من الملفات المهمة التي تتعلّق بتفاصيل التحرّك «الإسرائيلي» في أفريقيا والجهود المبذولة لإفشال حصولها على نسب تصويتية تمكّنها من الوصول إلى عضوية مجلس الأمن وانّ بعض الدول العربية عرضت خطة للتحرك من بينها قيام كلّ دولة عربية في كلمتها في النقاش العام للجمعية العامة بالتعبير والتأكيد صراحة على رفض الجامعة للترشيح «الإسرائيلي» وتوقعها بأنّ كافة الدول الأعضاء المحبة للسلام والملتزمة بمبادئ وأهداف الميثاق سوف ترفض هي الأخرى هذا الترشيح.

وكذلك قيام كلّ دولة عربية في المقابلات الثنائية التي سيعقدها قادتها ورؤساء حكوماتها والوزراء مع نظرائهم بالتأكيد على أنها تعوّل وعلى أعلى مستوى على عدم دعم هذه الدول للترشيح «الإسرائيلي» بما في ذلك في المقابلات مع الدول الغربية.

– -3

ومجلس الأمن أكد على إثارة الموضوع بمنتهى الشدة والصراحة في مقابلات الرسميين العرب مع السكرتير العام الحالي للأمم المتحدة ثم مع السكرتير العام الذي سيخلفه ورئيس الجمعية العامة وجميع المسؤولين الأممين الذين سيتمّ الالتقاء معهم للتحذير من الضرر الفادح الذي سيلحق بالأمم المتحدة وسمعتها وأدائها ونشاطها، إذا ما انضمّت «إسرائيل» لمجلس الأمن.

هل نجح العرب في الاتفاق على خطة تحرّك؟ وهل تؤثر رسائل الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط واتصالاته في التنبيه من خطورة التغلغل «الإسرائيلي» في أفريقيا؟

الآن لا بدّ من القول أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي وربما يستجيب أحد ما لصراخ فلسطين في البرية العربية ولكن… على مَن تقرأ مزاميرك يا داوود؟ فلا أحد تطلع الى محاولة لبنان لفت نظر أشقائه والعالم إلى الدور «الإسرائيلي» في أفريقيا.

يبقى أنّ هذا التحدي الدبلوماسي «الإسرائيلي» الذي يترافق اليوم في دعوة نتنياهو الى تفكيك الأونروا هو تحدّ لقيم العالم أجمع وينتظر موقفاً دولياً ليس أقلّه: الأمم المتحدة وداعاً!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى