«ملتقى السلام والمحبّة» للرسم التشكيلي… خبرات ورؤى منوّعة

ياسمين كرّوم

لم يكتف الفنانون المشاركون في ملتقى السلام والمحبة للنحت والتصوير الزيتي المقام حالياً في فندق لاميرا في اللاذقية بتقديم عملين زيتيين لكل منهم، فالمناخ المميز والعمل في جو جماعي حفّزا الكثيرين على إنجاز أربعة أعمال قابلة للزيادة على اعتبار أن الملتقى لم ينته رسمياً بعد.

في الورشة المخصّصة لفناني التصوير الزيتي يبدو لافتاً تجول الفنان علي مقوص بين لوحات المشاركين فتجربة الفنان المتميزة وخبرته التشكيلية العميقة جعلته مرجعاً لعدد كبير من الفنانين الشباب.

ويؤكد مقوص أن الجميع يستفيد من الخبرات الموجودة في الملتقى بمن فيهم هو شخصياً فهذه الملتقيات الجماعية تؤسس لتراكم معرفي وثقافي يساعد الفنانين ذوي التجربة الصغيرة على أن يكون لهم أفق أوسع وطموح أكبر.

خمسة أعمال فنية أنجزها الفنان اسماعيل نصرة حتى الآن ويبدو فيها انعكاس الأزمة بشكل واضح من خلال التركيز على المرأة وتصويرها في جو من الحزن والمعاناة. ويقول نصرة: على اعتبار انني ابن مدينة السلمية تأثرت بمناخ الصحراء الجاف في الألوان المختارة لأعمالي التي اعتبرها واقعية وفيها الكثير من الرموز التي تحمل دلالات عن معاناتنا خلال الأزمة.

وفي المقابل، تناول الفنان نعمان عيسى ابن مدينة اللاذقية محور الطفولة الذي يعمل عليه منذ زمن بأسلوب تعبيري يعالج المجال النفسي للأطفال.

ويرى عيسى أن هذه الشريحة تعيش في مناخ غير صحي لا يساعد على النشوء بطريقة سليمة وسوية. وهو ما يحاول تسليط الضوء عليه من خلال مشروعه الذي تندرج لوحاته في الملتقى ضمنه.

التركيز على الفسيفساء وتنوع الحضارة السورية ظهر في أعمال الفنان وليد الآغا الذي أنجز حتى الآن أربع لوحات اعتمد في خلفيتها على ألوان مرتبطة بالأرض في إشارة إلى تاريخ سورية وعراقتها فالناظر إلى أعماله يجد الأرض واللقى الأثرية والشمس والأختام والحروف المسمارية وهو مناخ عام يشير إلى التنوع الثقافي السوري الزاخر بحروف عربية وأوغاريتية وسريانية حرص الآغا على إبرازها بشكل لافت.

وبحسّ المحترف في مجال النحت يعمل الفنان إياد البلال من حمص على إنجاز لوحته التي تندرج في إطار الجداريات أو الروليف فنراه يشتغل على تأسيس سطح له سماكات معينة بحيث تكون أقرب للسطوح النحتية وعن هذا العمل قال: سيكون سطح اللوحة معتّقاً وفيه ألوان السماء والأرض وسأنحت العمل بطريقتي الخاصة لمقاربة موضوع منحوتتي التي شاركت فيها بهذا الملتقى في مجال النحت.

الفنانات المشاركات يجتهدن بدورهن لإنجاز أعمال فنية تحمل بصمتهن الخاصة فنرى بعضهن ورغم مشاركتهن الأولى في ملتقى جماعي ينجزن لوحات تحمل الكثير من العمق والبعد الإنساني وهو ما اجتهدت عليه الفنانة سراب الصفدي من دمشق التي ظهرت المرأة في أعمالها بأعمار مختلفة فتارة نراها مراهقة ضائعة بين طفولتها واقترابها من سن الشباب وتارة تقدمها كامرأة حامل تنظر للمدى البعيد.

وتعتبر الصفدي أن تجربتها كأم أثرت على رؤيتها للمرأة وتجلياتها المختلفة لافتة إلى أنها اعتادت على خلط ألوان طبيعية ومعالجتها لتكون جاهزة للعمل لكنها تعاملت في الملتقى مع ألوان الاكرليك الترابية لملائمتها روح العمل.

أما الفنانة كنانة الكود من دمشق فأشارت إلى أن طبيعة المكان الذي يضم الفنانين جعلتها تقبل على العمل بروح عالية وهمة قوية. مشيرة إلى أنها اعتمدت سكيتشات صغيرة جهزتها مسبقاً واختارت منها ما هو ملائم لعنوان الملتقى وقالت: هناك نفس تعبيري في أعمالي سواء بالخطوط أو الشخصيات أو التوزيع التكويني وفي عملي الأول نرى تعابير مضحكة مبكية لشخوص اللوحة الذين تضيع هويتهم الجنسية والعمرية ليبرزوا في حالة ضياع سببته الظروف التي نمر بها.

وعن اختيار الفنانين المشاركين قال الفنان الدكتور سهيل بدور مشرف الملتقى: جاء انتقاء المشاركين بناء على معايير موضوعية بحيث تتاح المشاركة للخبراء ومتوسطي الخبرة إضافة إلى المبتدئين بهدف إنجاز نسيج فني يساهم به جميع الفنانين الموجودين بعد توفير الظروف اللازمة لهم للإبداع والعطاء. لافتاً إلى أن أنه لم يتم توجيه أي فنان لطرح موضوع معين بل ترك المجال مفتوحاً أمام المشاركين للإبداع.

وقال بدور: قررت إدارة الملتقى والمشاركين فيها إنجاز جدارية كبيرة تضم مجموعة من لوحات الفنانين المنجزة أثناء الملتقى لجمعها وتقديمها للرئيس بشار الأسد في ختام الحدث.

يذكر أن متلقى السلام والمحبة مستمر حتى الثلاثاء المقبل حيث سيختُتم بمعرض موسّع للأعمال الزيتية والنحتية التي أنجزها قرابة ثلاثين نحاتاً وفناناً تشكيلياً من مختلف المحافظات، وسيعود ريعه لذوي شهداء وجرحى الجيش السوري.

«سانا»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى