هل أوشك الدور القطري في المنطقة على الانتهاء؟
راسم عبيدات ـ القدس المحتلة
الحرب السياسية والاقتصادية والإعلامية التي تشنّ على قطر، من المرجح ان تتصاعد وتشهد فصولاً جديدة قبل الوصول الى التدخل العسكري المباشر لفرض «وصاية» كاملة على مشيخة قطر من قبل دول الرباعية العربية السعودية، الإمارات العربية، البحرين ومصر تلك الحرب والتى جرى الإعداد لها منذ فترة طويلة، حيث أزمة قطع العلاقات وسحب السفراء وإغلاق الحدود مع قطر من قبل هذا التحالف في 2014، والتي انتهت، لكنها أبقت على النار تحت الرماد والقضايا الخلافية لم تحلّ، الموقف من إيران وحركة الإخوان المسلمين وحركة حماس والدور القطري العربي والإقليمي والتدخلات في الشؤون الداخلية لتلك الدول من قبل قطر ومحطتها الإعلامية «الجزيرة».
إعلان الحرب بأشكالها السياسية والإقتصادية والإعلامية، يذكر بما حصل مع الرئيس الراحل صدام حسين عندما التقى مع السفيرة الأميركية ابريل غلاسبي، حيث أشعرته بأنه اذا ما احتلّ الكويت، فإنّ واشنطن لن تتدخل، ولتكن خاتمة الأمور غزو أميركي- أطلسي للعراق ومن ثم احتلاله.
يبدو أنّ هذا التحرك وهذه الحرب قد حظيت بضوء أخضر أميركي، حيث أنها جاءت مباشرة مع مغادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسعودية وبعد عقده للقمم الثلاثة بيومين، والتي كانت السعودية حاضرة فيها ومتسيّدة للموقف والمشهد، حيث ظهرت كقائدة للعالمين العربي والإسلامي، بتحشيدها لـ 56 دولة عربية وإسلامية خلف واشنطن، وهذا التحشيد أريدَ منه أن يشكل داعماً للسياسة والمواقف السعودية، على وجه التحديد من إيران، التي ترى فيها السعودية مصدر الخطر على أمنها واستقرارها، وتنازعها على مكانتها ودورها في العديد من الأقطار العربية، العراق ولبنان واليمن والبحرين وحتى فلسطين، وترى بأنّ إيران صنعت وأوجدت أكبر «قاعدة إرهابية» في المنطقة حزب الله المقاوم، ويبدو كذلك بانّ قطر لم تلتزم بما طلبه الرئيس الأميركي، من أجل تامين الحماية الأميركية لدول الخليج، حيث يُقال إنه طالب بـ تريليون ونصف تريليون دولار، توزع على السعودية وقطر والإمارات العربية، ويبدو انّ قطر استنفذت الكثير من احتياطها النقدي في ما تقيمه من ملاعب واستادات رياضية، وبنى تحتية وبناء فنادق وغيرها من اجل استضافة دوري كأس العالم في 2022، وبالتالي هي لا تمتلك القدرة على دفع حصتها، وهذا يتطلب منها بيع أصول واستثمارات وعقارات، ولذلك لم تدفع حصتها، ومن هنا كان ضوء أخضر أميركي من أجل «استحلاب» قطر والضغط عليها من أجل الدفع، وكذلك السعودية وجدت في ذلك فرصة لكي تقلم أظافر قطر، وتعيدها لـ«وصايتها» فهي لن تغفر لها عندما تصدّرت المشهد في ما يسمّى بـ«ثورات الربيع العربي»، حيث تصدّرت المشهد وخاصة في سورية مع بداية العدوان، من حيث الدعم والتمويل للجماعات الإرهابية وتشكيل تشكيلاتها السياسية من المجلس الوطني الى الائتلاف، وكذلك هي من قادت إقصاء سورية عن المشهد السياسي العربي بالسطو على جامعة الدول العربية، وتعليق عضوية سورية فيها، وهي من بادرت الى طرح طلب «الناتو» من أجل إحتلال ليبيا بقرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي، ولذلك ما حصل من قبل قطر بعد القمم الثلاث مباشرة، كان بمثابة الفرصة للسعودية، لكي تشنّ حربها الشاملة على قطر، حيث زار وزير خارجيتها محمد بن عبد الرحمن آل ثاني العراق في 22/5/2017 والتقى الجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد فيلق القدس»، وكذلك اتصال الأمير القطري تميم بن حمد بالرئيس روحاني مهنئاً بحلول رمضان، واعتبار قطر لإيران دولة غير إرهابية وانه يجب التعاون معها، في حفظ أمن المنطقة.
أبواب جهنّم فتحت على قطر، عقوبات وحرب اقتصادية وسياسية وإعلامية غير مسبوقة، شملت إغلاق حدود برية وأجواء وموانئ بحرية وطرد دبلوماسيين وإغلاق سفارات، وطرد للرعايا القطريين، وحتى هجوم شخصي طال القيادة القطرية وأعراضها، ليس من قبل السعودية وحدها، بل من قبل الدول العربية المتحالفة معها الإمارات العربية والبحرين ومصر، والحجج والذرائع هي السياسة الطائشة للقيادة القطرية التي أدخلت قطر في خلافات مع جيرانها وأشقائها العرب، والخروج عن قرارات الإجماع العربي في ما يتعلق بالسياسة الخارجية لقطر، وكذلك الاتهامات بالتدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول، والتحريض عليها وإيواء ودعم جماعات إرهابية وتكفيرية خلطت ما بين «الحوثيين والقاعدة و«داعش» والإخوان المسلمين إلخ… من تلك الجماعات»، ولذلك طلب منها طرد حركة الإخوان المسلمين وكذلك قيادات حماس من الدوحة فوراً، طلب إماراتي مصري، والغريب بأنّ من يتهمون قطر بدعم وايواء وتمويل جماعات إرهابية، كانوا مشاركين في دعم تلك الجماعات تمويلاً وتسليحاً وموقفاً في حربها على ة
ما حصل في اليمن سيحصل في قطر… القوات السعودية ستدخل الى الدوحة تحت ذريعة دعم الشريعة وبطلب من الجناح المنشق الذي تعدّه السعودية من أجل أن يتولى الحكم هناك بدلاً من الأمير تميم بن حمد… المتهم بتصرفاته الطائشة التي ورّطت الإمارة وأساءت لها في علاقاتها مع جاراتها الخليجية… هذه الذريعة استخدمت في اليمن لدعم حكومة هادي اللاشرعية هناك حيث شكلت السعودية ما يسمّى بالتحالف العربي للتدخل العسكري في اليمن من أجل مصادرة حق الشعب اليمني في إقامة حكومة تعبّر عن إرادته، بعيداً عن الوصاية السعودية، وما زالت السعودية حتى اللحظة تغوص في المستنقع اليمني، ولم تنجح في تحقيق أهدافها من هذا التدخل، سوى القتل والدمار المتواصل ضدّ أطفال اليمن المهدّدين بالجوع والأمراض والموت… العقوبات التي فرضتها السعودية والإمارات العربية والبحرين ومصر على قطر من المتوقع ان تستمرّ وتتواصل أفقياً وعمودياً… وفي الجانب الأفقي لم تنجح سوى في استقطاب دول هامشية أو أشباه دول جزر المالديف وحكومة السراج الموقتة في ليبيا وحكومة هادي اليمنية الدمية السعودية وجزر موريشيوس.
في الجانب العمودي سيتمّ وقف بث قنوات «الجزيرة» وقنوات فضائية أخرى مثل «العربي الجديد» التي يرأسها عزمي بشارة على القمرين الصناعيين «أرب سات» و«نايل سات» وكذلك سيتمّ المطالبة بإغلاق صحيفة «القدس العربي» وغيرها من الصحف المحسوبة على قطر، وكذلك المطالبة بطرد عزمي بشارة وياسر زعاترة من الإخوان المسلمين… والعديد من الكتاب والصحافيين الذين يهاجمون السعودية ودول التحالف الرباعي…
لا شك بأنّ رأس قطر كان مطروحاً للمزاد في القمة السعودية – الأميركية… وواضح بانّ ما يجري من خطوات يتمّ بضوء أخضر أميركي وتحت سقف أميركا، ولذلك سيكون الفصل الأخير بالتدخل العسكري من قبل دول التحالف العربي لدعم الشرعية في قطر وليسدل الستار عن الدور القطري في المنطقة ولتعود تحت سقف الوصاية السعودية، لا تتخذ أية مواقف في سياستها الخارجية بدون موافقة السعودية…
Quds.45 gmail.com