سورية ستنتصر على مخطط أردوغان الحقود

جاك خزمو

بعد اجتماعه إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه لا يمكن لتركيا أن تكون خارج التحالف الذي تقوده أميركا ضدّ «تنظيم داعش»، وهذا الإعلان هو تغيّر في الموقف التركي المعلن قبل ذلك بأنّ تركيا لن تشارك في هذا التحالف، ولن تسمح للطائرات الأميركية باستخدام المجال الجوي التركي لضرب هذا التنظيم الإرهابي. وعاد أردوغان إلى تركيا ليعلن خطته في إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية لدعم ما يُسمّى بـ«المعارضة المعتدلة»، وصرّح وبكلّ وقاحة ولؤم وحقد أنّ الهدف الأول لتركيا هو إسقاط نظام الرئيس الأسد! وتعود أسباب تغيّر موقف أردوغان، من حالة المتحفظ على المشاركة في التحالف إلى حالة الانضمام الفعلي إليه، إلى وقائع ودوافع عدة مهمة وهي:

وجود علاقة قوية بين «داعش» و«تركيا»، إذ إنه لولا الدعم التركي لما كان هناك هذا التنظيم الإرهابي. وهذه العلاقة مثبتة من خلال شراء تركيا للنفط الذي يبيعه هذا التنظيم الإرهابي، وفي أن تركيا هي التي سمحت لعناصر آتية من كل حدب وصوب في العالم بدخول أراضيها ومن ثم التسلل إلى داخل الأراضي السورية للمشاركة في المؤامرة ضد سورية التي تستهدف تدمير سورية، وكذلك وفرت حكومة أردوغان السلاح لهؤلاء الإرهابيين، وسمحت لقادتهم بالتحرك داخل تركيا بكل حرية وبالتنسيق مع أجهزة استخباراتها.

مارس الرئيس أوباما ضغطاً على أردوغان، أو بالأحرى نصحه بتغيير موقفه لأن تركيا أصبحت متهمة بالوقوف وراء الإرهاب. وهذا سيسيء إلى حزب «الإخوان المسلمين» في تركيا، وإلى التنظيم الكبير في الخارج.

وجد أنه من الضروري ألا يستفز الأكراد في تركيا ضده، إذ إن الأكراد في المنطقة الواقعة شمال العراق وشرق سورية يواجهون ويحاربون «داعش»، ووجهوا نداءات بضرورة قيام أكراد تركيا بتقديم دعم لإخوانهم الأكراد الذين يحاربون إرهاب داعش، ويتصدون لجرائمه. لذلك فإن عدم إعلانه وقوفه ضد «داعش» قد يثير الأكراد أكثر وأكثر ضد سياسته الرافضة لمنحهم الحرية التي يطلبونها!

وجد أردوغان أنها فرصة ذهبية له لإقامة منطقة عازلة كان يحلم بها ويسعى إلى إقامتها منذ بدء المؤامرة على سورية، ويبدو أن الرئيس الأميركي أوباما أعطاه الضوء الأخضر للمضي قدماً في هذا المخطط تحت ذريعة توفير الأمان للحدود التركية، وكذلك لدعم ما يسمى بـ«المعارضة المسلحة المعتدلة» لتحقيق هدف رئيسي له، وهو تقسيم سورية، أي إضعافها، والعمل على إقامة نظام حكم «إخواني» في سورية بديلاً من الحكم الوطني الحالي بقيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد.

إقامة هذه المنطقة «العازلة» أو ما يسمونها «الآمنة» على أراضي العراق وسورية ستساهم في منع توحيد الأكراد في الدول الثلاث تركيا والعراق وسورية، وبالتالي ستكون عقبة كأداء أمام إقامة أي كيان مستقل لهم في هذه المنطقة.

انطلاقاً مما ذكر، فإنّ أردوغان الحقود يكيل عداء قوياً للنظام الوطني في سورية لأسباب عدة ومن أهمها:

أولاً: الدولة السورية عرّت أردوغان ومخططاته العدائية للعرب، ومحاولته السيطرة عليهم من خلال إفشال المؤامرة التي شنت على سورية.

ثانياً: تبيّن للعالم أنّ أردوغان يجيد فنّ «الخداع» إذ أقام علاقات مع الدولة السورية ليدخل عبرها إلى العالم العربي نظراً إلى مكانتها المميزة في قلوب الجماهير العربية، ولكنه في الوقت نفسه كان يطعن هذه الدولة من الخلف، أي أنه يمارس سياسة الخداع، وقد كشفته القيادة السورية وعرّته سياسياً.

ثالثاً: حاول توفير الدعم لإخوانه «الإخوان المسلمين» في سورية، إذ كان حزبه يطالب الرئيس الأسد بالسماح لقادة الإخوان بممارسة نشاطات سياسية، وبأن يحصلوا على مناصب رفيعة، لكن الرئيس الأسد كان واعياً لمخططات وأهداف أردوغان، ورفض ذلك رفضاً باتاً.

رابعاً: سقوط الإخوان المسلمين على أبواب دمشق ساهم في سقوطهم على أبواب القاهرة وفي العديد من الأقطار العربية، إذ إنهم حاولوا امتطاء موجة سُمّيت بالربيع العربي ولكنهم فشلوا، لأنّ الجماهير العربية لفظت مخططهم الواسع الخطير.

بعد كلّ الفشل الذي مُنيَ به أردوغان في تنفيذ مخططاته ضدّ سورية، إلا أنه ما زال يسعى جاهداً إلى تحقيق أحلامه، ولذلك فإنّ إقامة منطقة «عازلة» يعني احتلال أراضٍ سورية، وهذا يعني اعتداء على سيادة سورية ما قد يشعل فتيل حرب استنزاف طويلة الأمد، لأنّ أردوغان سيواصل دعم «الإرهاب» في سورية ضدّ الدولة السورية، وسيحاول المستحيل وقدر الإمكان إسقاط قيادة الرئيس الأسد وبشتى الطرق القذرة.

سورية، القيادة والجيش والشعب، تعرف مخططات وأحلام أردوغان، وهي قادرة على التصدي لها، ولما يُخفيه التحالف الأميركي الوهمي نفسه ضدّ داعش من مخططات وأهداف قذرة ضد القيادة السورية التي لعبت دوراً فعالاً في عرقلة تنفيذ هذا المشروع الأميركي القديم المتجدد، مشروع الشرق الأوسط الجديد، أي مشروع تقسيم وتفتيت وإضعاف الشرق الأوسط لمصلحة «إسرائيل».

وسورية لن تقف وحدها في مواجهة هذه المؤامرة الكونية الدنيئة، فهناك حلفاء وأصدقاء لها من دول وشرفاء في العالم يعاضدونها ويناصرونها ولن يسمحوا بسقوط قيادة الأسد لأنهم لن يسمحوا بهيمنة قادة فاسدين عديمي الأخلاق على العالم بشكل عام، وعلى المنطقة بشكل خاص!

رئيس تحرير مجلة «البيادر» ـ القدس الشريف

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى