هل تستطيع واشنطن وقف التعاون العراقي ــ السوري؟
حميدي العبدالله
ذكرت تقارير متعدّدة أنّ رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي يتعرّض لضغوط من الولايات المتحدة لوقف التنسيق القائم بين سورية والعراق، ولا سيما بعد وصول قوات الجيش السوري وقوات الحشد الشعبي إلى الحدود المشتركة بين البلدين. في هذا السياق يأتي الحديث عن موافقة العبادي على قيام قوات الحشد الشعبي بتحرير تلعفر للحؤول دون توجهها نحو القائم، بعد أن كان في السابق يعارض التوجه إلى تلعفر لإرضاء الأميركيين وعدم استفزاز الأتراك، وفي هذا السياق أيضاً تأتي انتقاداته غير المباشرة للحشد الشعبي عشية زيارته للسعودية والكويت وإيران.
لكن من الواضح أنّ الرئيس حيدر العبادي لا يتصرف من عنده، ومعارضته لما يقوم به الحشد الشعبي لا يعبّر عن موقفه، بل هو مسايرة للضغوط الأميركية، فالعبادي يدرك أنّ وصوله إلى رئاسة الحكومة العراقية ما كان ممكناً لولا الدعم الذي قدّمته إيران له، ومعروف أنّ قوات الحشد الشعبي التي تشكلت بعد فتوى من المرجعية هي مدعومة بالدرجة الأولى من إيران وأيّ صدام مع الحشد الشعبي قد يفقده موقعه الذي لولا دعم فصائل الحشد الشعبي لما تمكن من الاحتفاظ به.
بهذا المعنى فإنّ مواقف العبادي من الحشد الشعبي هي محاولة لإرضاء الأميركيين وسعي للالتفاف على مطالبهم بالتضييق على الحشد الشعبي، ولهذا حافظ رئيس الحكومة العراقية على توفير الغطاء في كلّ تصريحاته لكلّ ما يقوم به الحشد الشعبي، الذي أكد قادته أنهم بكلّ ما قاموا ويقومون به يأتي في سياق أوامر صادرة عن رئيس الحكومة العراقية بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة في العراق.
ليس هذا وحده السبب الذي يحول دون نجاح الضغوط الأميركية لوقف التنسيق السوري – العراقي، بل إنّ الولايات المتحدة تفتقر إلى أداة فعّالة للضغط على العراق.
فالجماعات السياسية العراقية المرتبطة بالولايات المتحدة تراجع نفوذها كثيراً داخل الدولة العراقية بعد الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011، وعديد القوات الأميركية الحالي في العراق لا يؤهّلها لخوض مواجهة مع الحكومة العراقية، وقوات الحشد الشعبي وحتى الجيش والشرطة العراقية رغم وجود عناصر داخل هاتين الجهتين قد تكون مرتبطة بالولايات المتحدة. يشكل خطر داعش واستمرار سيطرته على مناطق تقع على طرفي الحدود العراقية السورية في منطقة القائم امتداداً إلى صحراء الأنبار عاملاً ثالثاً يحدّ من قدرة واشنطن على وقف التعاون والتنسيق العراقي السوري لأنّ كلا البلدين بحاجة لهذا التعاون والتنسيق لطرد داعش وإزالة خطره بشكل نهائي.