تزامناً مع الانقلاب السعودي: نهاية البغدادي وانتصار سورية

خليل إسماعيل رمَّال

تضحية العيد جاءت أربعة أيام مبكِّرة هذا العام في مملكة بني سعود حيث تمّت تحت جناح الليلة سرقة ولاية العهد عبر الإطاحة بإبن نايف الذي عيَّنَتْه إدارة أوباما السابقة كرجل أميركا، وانتقالها إلى إبن سلمان ليصبح الحاكم غير المنازَع في حكم عائلته وربَّما، في مدَّة قصيرة، ملكها الأوحد بعد أنّْ يتخلى والده عن العرش لصالحه.

لقد كانت هذه إذاً الخطة المدبَّرة بليل لسلمان وولده منذ البداية وقد تمّ تطبيقها في عهد ترامب عبر أغلى انقلاب في التاريخ ثمنه أكثر من 450 مليار دولار. هذا الانقلاب غير مفهوم ولا مبرَّر في ضوء الإخفاقات والفشل المريع لسياسات إبن سلمان في اليمن والبحرين والعراق وخصوصاً في سورية، ثم أخيراً في قطر حيث يتمرّد تميم على الحصار السعودي الإماراتي. ولكن ربَّما تنصيب بن سلمان ولياً للعهد ثم ملكاً هو إيذان بالتخلص من الأزمة القطرية عبر الإطاحة بتميم ووالده من خلال غزو محدود أو انقلاب عسكري وشيك. ذلك انّ خطوة كهذه بالإستيلاء على حكم بني سعود لم تكن لتتمّ لولا الضوء الأخضر الأميركي الذي سلَّم له إبن سلمان رقبته ورقبة الخليج وكلّ ثروات العرب مقابل السلطة والحلول مكان رجل أميركا المعروف بتنكيله الدموي بتنظيم «القاعدة» الإرهابي مع والده.

والسؤال المطروح الآن هل يستكين إبن نايف وهل كان صادقاً عندما كان إبن عمه وغريمه يقبّل يديه ورجليه تملّقاً، بأنه يريد ان يرتاح أم سيفعل مثل قريبه سعود الذي أطاح به فيصل عام 1964 ونفاه بعد ان قبَّل أيضاً يديه فحاول تأليب الأمراء من منفاه والتعاون مع غريمه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر؟

من الصعب التكهّن بخطوة إبن نايف المقبلة وما إذا كان سيرضخ وينخّ مقابل مليارات من الدولارات وينضمّ الى عمّه مقرن وباقي الأمراء المتململين من ولي عهدهم الجديد والذين تأكلهم نيران الغيرة والحسد منه؟ أم سيثأر لكرامته ولطعنه في الظهر فيقوم بانقلاب دموي وهو الذي لا يسكت على ضيم حيث وصفه سعد الحريري في «الحقيقة ليكس» بأنه «سفاح» ممَّا دمّر العلاقة بينهما حتَّى اليوم؟!

الإجابة عن ذلك ستأتي حتماً في المقبل من الأيام… ومهما يكن من أمر فإنَّ حكم إبن سلمان لن يكون نزهة بسبب التحديات الجسيمة التي تواجهه أولها التأكيد الروسي بأنّ زعيم «داعش» البغدادي قضى نحبه في غارة عسكرية مع نخبة من مستشاريه وهذا ما يفسِّر الانهيارات التكفيريَّة الإرهابية أمام الجيش السوري ومحور المقاومة حيث أنَّ القوات السوريَّة تتقدّم وتلتحم مع الحشد والجيش العراقي على الحدود وتتقدّم بثبات نحو الحدود الأردنية غير عابئة بالخطوط الحمر الأميركية. ولو افترضنا أنَّ البغدادي لم يمت فإنّ منظمته الإجرامية قد انتهت فعلياً وهو ليس أقوى من الموتور الزرقاوي أو كبيرهم الذي علَّمهم السحر بن لادن! هذه الخسارة وانتصار سورية ستسحبان ورقة قوية من يد بني سعود. والمؤسف انّ القضاء على «داعش» كان ممكناً عبر الغارات وتجفيف منابع النفط والمال من قبل رعاة الإرهاب، ولما كانت كلّ هذه الضحايا البريئة قد وقعت.

ومن التحديات بوجه المتسلط الجديد أيضاً الرسالة الصاروخية الإيرانية الأخيرة التي ضربت معاقل الدواعش الوهابيين في دير الزور ردَّاً على إرهابهم في طهران الذي حمل بصمات سعودية وبعد تهديد إبن سلمان بنقل المعركة إلى إيران. ومهما تعاون بني سعود، حسب صحيفة صهيونية، مع «إسرائيل» سرَّاً وعلناً فلن ينفعهم ذلك إذا انهمرت صواريخ «شهاب» و«ذوالفقار» على المدن الحجازية في أيّ حربٍ مقبلة.

لا يبدو انّ ولي عهد بني سعود الجديد سيهنأ بمنصبه عندما يعرف أنَّ سورية راجعة إلى موقعها القيادي الطبيعي بعد تطهير وتحرير ما تبقى من الموصل في العراق وفي دير الزور والرقة وكلّ البؤر الشيطانية، لكي تستعيد قضية فلسطين والمقاومة مركزيتهما لدى العرب وعندما يعرف انّ التاريخ سيذكر أنَّ شاباً قائداً عربياً من سورية وقف بوجه العالم، وإذا كان إبن سلمان ما زال غير مصدّق فليسأل رئيس فرنسا الجديد عن سرّ اعترافه بأن لا بديل عن الأسد…!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى