غوتيريش في سويسرا لإعطاء دفعة لمفاوضات السلام في قبرص
وصل الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش إلى منتجع كران مونتانا السويسري أمس، لـ«إعطاء دفعة للمحادثات المحورية لحل أزمة قبرص المقسّمة منذ أكثر من أربعة عقود».
وانطلقت الأربعاء جولة مفاوضات جديدة بين القبارصة اليونانيين والأتراك يعتبرها المحلّلون «الفرصة الأفضل لإبرام اتفاق لإعادة توحيد شطري الجزيرة الواقعة شرق البحر المتوسط»، والمقسّمة منذ عام 1974 عندما اجتاح الجيش التركي شطرها الشمالي، رداً على انقلاب نفّذه قوميون من القبارصة اليونانيين لإلحاق الجزيرة باليونان.
وأفاد مصدر قريب من المفاوضات أنّ «غوتيريش سيطلب من الطرفين اتخاذ قرارات مهمة وجريئة في المفاوضات»، مضيفاً: «نأمل أن يلعب الأمين العام دوراً محفّزاً في تشجيع الطرفين على حلّ أحد آخر النزاعات في أوروبا».
ويراقب جنود الأمم المتحدة منذ 1974 «الخط الأخضر»، وهي المنطقة العازلة المنزوعة السلاح بين المجموعتين، الذي يمر عبر نيقوسيا، العاصمة الأوروبية الوحيدة التي ما زالت مقسمة.
وتنشر تركيا نحو 35 ألف جندي في «جمهورية شمال قبرص التركية» التي أعلنت في الشطر الشمالي من الجزيرة ولا تعترف بها إلا أنقرة. ويشكل هذا الوجود العسكري حجر عثرة يحول دون التوصل إلى اتفاق.
وفي الوقت الراهن، يحتفظ «الضامنون» الثلاثة لأمن الجزيرة تركيا واليونان وبريطانيا، القوة المستعمرة السابقة، بحق التدخل عسكرياً. لكن نيقوسيا المدعومة من أثينا تطالب «بانسحاب جميع الجنود الأتراك»، وهو ما يرفضه القبارصة الأتراك.
وقال مصدر دبلوماسي في سويسرا «إنّ تركيا مستعدّة لتخفيض وجودها العسكري بنسبة 80 في المئة»، الأمر الذي نفاه أول أمس وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الذي يشارك في المفاوضات في كران مونتانا.
كما ألتقى الأربعاء الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس زعيم القبارصة الأتراك مصطفى أكينجي، بحضور ممثلين عن «الدول الضامنة» وتباحثوا في مسألة الأمن في الجزيرة.
والتقى المبعوث الأممي الخاص لقبرص إسبن بارث إيده صباح أمس أناستاسيادس وأكينجي للضغط من أجل اتفاق على العموميات قبل وصول غوتيريش. وتأتي جهود إيده بعد سلسلة مبادرات غير مجدية بإشراف الأمم المتحدة لحلّ النزاع القائم منذ 40 عاماً. واعتبر إيده جولة المفاوضات هذه «الفرصة الأفضل للسلام».
وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الخارجية جيفري فيلتمان «نعلم أنّ مواضيع البحث بين القادة والقوى الضامنة معقدة، والأمن هو مصدر قلق لدى المجموعتين»، متابعاً: «كثير من المواضيع التي تمّت مناقشتها على المستوى السياسي لم تطرح سابقاً في هذه المفاوضات»، لكنه أبدى «تفاؤلاً بشأن هذه الجولة».
ويعتبر الاجتياح التركي لقبرص أحد أكثر الأحداث دموية في أوروبا ما بعد الحرب الثانية، وما زالت تبعاته سارية إلى اليوم.
وقضى أكثر من 2000 شخص في الاجتياح والمجازر التي ارتكبتها ميليشيات من الطرفين، وما زال 1200 شخص على الأقل مفقودين.
ويرتب طرح أي اتفاق في ختام المفاوضات استفتاء في كل من الشطرين. لكن إقراره ليس مضموناً، نظراً إلى استفتاء سابق في 2004 على خطة سلام بوساطة أممية وافق عليه القبارصة الأتراك ورفضه القبارصة اليونانيون.