حمص تستعيد ألقها الثقافي الفنّي في «حديقة صبحي شعيب»
مجدولين الجرماني
لأن الفن وجه الحضارة البارز، كان لا بدّ من ضخّ كل الصّوَر هنا. لا لنبهر القارئ، إنّما لنجعل تلك الحرب الشعواء تضجر… تتململ… ثمّ تنجلي.
في حديقة الفنون التشكيلية «صبحي شعيب» في حمص، أقيمت أمسية شعرية/ غنائية نُظّمت بالشراكة بين كلّ من مديرية الثقافة في حمص، ونقابة الفنانين التشكيليين في المدينة، وملتقى «نصف الكأس». وذلك بحضور مجموعة من شعراء مدينة حمص وأدبائها، مع ثلة من الحضور النوعيّ المثقف من الفنانين والمهتمين بالشأن الثقافي في المحافظة.
وأشار الأستاذ معن ابراهيم مدير الثقافة في حمص إلى أنّ الأمسية تهدف إلى إعادة الحياة إلى صالة «صبحي شعيب» بعد مرور سبع سنوات على إغلاقها، وهو النشاط الثاني فيها، حيث أقيم مؤخراً معرض فنّي للفسيفساء واللوحات السورية. لافتاً إلى أنّ أهمّ ما يميّز هذا النشاط، التشاركية بين المجتمع الأهلي ومديرية الثقافة ونقابة الفنانين التشكيليين.
بدوره، قال إميل فرحة رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين في حمص، إنّ صالة الفنون التشكيلية «صبحي شعيب» بدأت تستعيد نشاطها الفنّي والفكري والثقافي مع خلوّ مدينة حمص من الإرهاب بشكل كامل، أي منذ حوالى شهر ونصف الشهر تقريباً. مشيراً إلى أنه سيتم تنظيم عدد من النشاطات خلال الفترة المقبلة، منها ثلاثة معارض للفنّ التشكيلي، إضافة إلى النحت والتصوير الزيتي، ومعرض بمثابة تكريم للفنانين التشكيليين الذين استشهدوا خلال السنوات الماضية، ويتضمّن مجموعة من لوحاتهم واللوحات التي تحكي عنهم.
ولفت محمد خير داغستاني مدير ملتقى «نصف الكأس» الثقافي إلى أنّ هذا النشاط هو الأول للملتقى في مدينة حمص، والهدف من ذلك المساهمة في عودة الحياة الثقافية والشعرية والفنية إلى مدينة حمص. مبيّناً أنّ صالة «صبحي شعيب» كان لها دور كبير في توافد جمهور المثقّفين والفنانين إلى مدينة حمص.
شارك داغستاني خلال الأمسية بقصيدة بعنوان «أنثى الخيال» جاء فيها:
أرسلني الله لأشرب منك الليل
وأمسح عن عينيك النوم البائس
منذور للسهر جموحي
كيف ينام القلب وفي الدنيا
مثلك أنثى!
كما شاركت في الأمسية الشاعرة غادة اليوسف، وقدّمت فيها مقطعاً نثرياً تصف فيه النفس الإنسانية عندما تسقط في الهاوية. مستخدمة الأسلوب الرمزي الأقرب ما يكون إلى الحلم والخيال فقالت:
سلاماً للمدى المسفوح
فوق اسمك والضياء
سلاماً للربيع مغادرة
قفص السنين
سلوفانيا
شتاء العمر يمطر بالأسى
ويذرو ما تراكم في رحيلك
من هباء.
وبأسلوبها البسيط المفعم بالإحساس، قدّمت الشاعرة خديجة الحسن مجموعة من القصائد الوجدانية منها قصيدة «ألوان اللوحات»، التي تحاور فيها أغصان الأشجار المتدلية في «صالة صبحي شعيب» المكتظّة بالحنين إلى الأيام الخوالي، وتتحدّث عن أرواح الأشياء الموجودة في المكان، فقالت في مطلعها:
سأحاور في هذا اليوم ألوان اللوحات
وغصوناً مكتظة بالأشواق
سأحاور مقاعد تنتظر العاشقين
ونبيذاً نام في كوز الذكريات
لتنهض أرواحهم للخبر الجميل
لزقزقة البلابل والعصافير
وإن سألوك عن الخبر
هيّئ لهم ما استطعت من الشعر والحبّ
فكلّ من في حمص توّاق لشروق الفنّ
إن سألوك قل
إن الدماء التي سقت الأرض
إن الدماء التي بشّرت بالشمس
اقتصّت من الباغين
فبلغنا خضرة الحلم.
وفي قصيدته الوجدانية «خذي منّي الحنين»، قال الشاعر وليد العرفي:
خذي منّي الحنين وأرجعيني إليّ
فقد تعبت بما لديّ
فضاء ضاق بي حتى كأني أنت هو
والفضاء بخافقي
هززت غصونك، اندهشت جروحي
فكيف خرجت من نبضي إليّ
فسبحان الذي سوّاك أنثى
وسبحان الذي أغرى يديّ.
وكانت لصاحب ديوان «شباك الموسيقى» الشاعر طالب هماش مشاركة بقصيدة وجدانية بعنوان «مشهد الوداع»، تحكي عن الأحاسيس والمشاعر التي تنتابنا حين نتذكّر الغياب والذين ارتحلو عنّا، وهي تنتمي إلى ما يسمّى بقصيدة «الظعن» وتحاول العزف على وتر الطللية في الشعر العربي فقال:
لمن ربّوا البلابل فوق أعشاش المغيب
وحينما حان الوداع تطايرت أرواحهم في
المشهد الباكي.
وقدّمت الشاعرة هبة شريقي قصيدة زجلية بعنوان «سنتين» قالت فيها:
سنتين صرلو ميبّس ومكسور
بردان مالو حيل يتدّفى
بيكتب سطور
بتنمحي السطور
متل كأنّو الدم ما كفّى.
وأشار الدكتور هائل الطالب رئيس قسم اللغة العربية في «جامعة البعث» إنّ هذه الفعاليات تحمل في طيّاتها عدداً من الجوانب الإيجابية، أهمّها محاولة تجميل القبح الذي صار يحيط بحياتنا من كلّ الجوانب. وإعادة الروح إلى المدينة، وتسليط الضوء على جمالياتها، لا سيما أنّ حمص لطالما اشتهرت الشعرية وملتقياتها الثقافية المتعدّدة والمسرحية.
وشاركت الشابة بتول داغستاني بمجموعة من الأغاني منها وصلة حجاز تتضمّن «هالأسمر اللون»، «فوق إلنا خلّ»، «البلبل ناغى عَ غصن الفلّ»، «حالي حال»، ووصلة بيّات تتضمّن «يا فجر لما تطلّ»، «اشتقنا يا حلو»، إضافة إلى وصلة رَست، وشاركها في العزف الشاب محمد نور. كما قُدّم خلال الأمسية مقطع تمثيليّ من مسرحية «يوميات وطن» لمحمد خير داغستاني.
كاتبة سوريّة