ملامح تسوية الأزمة القطرية
حميدي العبدالله
كشفت قناة «سي أن أن» الأميركية على موقعها باللغة العربية ملامح التسوية التي يتوقع أن يتمّ التوصل إليها لإنهاء الأزمة القطرية.
تتلخّص التسوية باستجابة قطر لأمرين أساسيين، الأمر الأول، وضع مراقبين ومشرفين أميركيين في المصرف المركزي القطري لمراقبة حركة الصرف. الأمر الثاني، إعادة هيكلة قناة «الجزيرة» وليس إقفالها.
واضح أنّ هذه التسوية تكرّس السيطرة الأميركية الكاملة على قطر وتحوّلها إلى مستعمرة أميركية بكلّ ما في الكلمة من معنى، إذ أنّ تنفيذ هذه التسوية، وهو أمر متوقع للحؤول دون إطاحة الأمير تميم وحمايته من قبل الولايات المتحدة، تصبح الحكومة القطرية تشبه «حكومات المديرين» التي أقامها الاستعمار الفرنسي في بعض الدول العربية بعد سقوط السلطنة العثمانية، أيّ أنّ جميع العاملين في مؤسسات الدولة السيادية سيكونون خاضعين وتابعين للولايات المتحدة، والقيادات العسكرية من خلال قاعدة «العديد» التي يشكل عديدها أكبر من عديد الجيش القطري، وناهيك عن القدرات العسكرية الأميركية المعروفة. ومن الناحية المالية عبر سيطرة مراقبين أميركيين وأشرافهم على كلّ النشاط المالي.
أما هيكلة قناة «الجزيرة» فالمقصود بذلك إلغاء الهامش الذي كان متاحاً أمام هذه القناة لتعزيز تأثيرها وحضورها في شرائح المجتمعات العربية المعارضة والمناهضة للسياسة الأميركية في المنطقة. معروف أنّ قطر منذ إطلاق قناة «الجزيرة» لم تخرج عن ثوابت السياسة الأميركية والإسرائيلية في المنطقة. فالجزيرة هي أول قناة عربية عملت للتطبيع مع الكيان الصهيوني، ومقابل هذا التطبيع كان يسمح لها بتقديم تغطية يبدو معها وكأنها مع نضال الشعب الفلسطيني. وعندما قرّرت الولايات المتحدة مهاجمة وغزو العراق، وعندما كانت هناك معارضة تركية قوية لفتح الأراضي التركية أمام القوات الغازية، كان لقاعدة «العديد» في قطر دور كبير في الغزو الذي قاد إلى احتلال العراق وتسبّب بمأساته التي ذهبت ضحيتها حتى الآن ملايين الشهداء والجرحى، ومقابل دور «العديد» أعطي للجزيرة هامش انتقاد الهجمات وتقديم تغطية تعزّز حضور القناة.
يبدو الآن أنّ هذا الهامش لم يعد مقبولاً، أو لم يعد مهماً، وبالتالي بات المطلوب أن تكون «الجزيرة» ذات نهج أحادي يشبه نهج الفضائيات الغربية الناطقة بالعربية مثل «سكاي نيوز» عربية BBC عربية وقناة «الحرة» وقناة «فرانس 24». والهدف من إعادة هيكلة قناة «الجزيرة» تحقيق هذه الغاية.