واشنطن تنتقد بكين بسبب مبادلاتها التجارية مع بيونغ يانغ
اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصين أمس، بنسف جهود الولايات المتحدة على صعيد مواجهة كوريا الشمالية، من خلال تعزيز مبادلاتها التجارية مع النظام الشيوعي الذي أعلن لتوّه إطلاق صاروخه البالستي الأول العابر للقارات.
وكتب الرئيس الأميركي على تويتر قبل بدء رحلته الرسمية الثانية إلى الخارج، أنّ «التجارة بين الصين وكوريا الشمالية ازدادت 40 في المئة على الأقل في الربع الأول. ثم يُقال إنّ الصين تعمل معنا. لكن كان علينا أن نحاول».
من جهة أخرى، أطلقت القوات الأميركية والكورية الجنوبية أمس، صواريخ بالستية خلال مناورات تحاكي هجوماً على كوريا الشمالية، في «رسالة تحذير قوية» إلى النظام الشيوعي الذي أطلق صاروخاً عابراً في أول تجربة من نوعها.
وأكد الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون أمس، «أنّ التجربة الناجحة أول أمس يوم العيد الوطني الأميركي «هدية للأوغاد الأميركيين».
ويشكّل امتلاك كوريا الشمالية صاروخاً بالستياً عابراً للقارات يمكن تزويده برأس نووية منعطفاً مهماً للنظام الشيوعي الذي أجرى حتى اليوم خمس تجارب نووية ويمتلك ترسانة صغيرة من القنابل الذرية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعهّد في كانون الثاني بأنّ ذلك «لن يحصل». إلا إنّ العديد من الخبراء قالوا إنّ صاروخ هواسونغ-14 يمكنه بلوغ ألاسكا.
سيفرض هذا النجاح الذي حققته بيونغ يانغ ويشكل تحدّياً جيوسياسياً لواشنطن، إعادة تقييم للتهديد الذي يمثله أحد أكثر الأنظمة انعزالية في العالم.
وتؤكد بيونغ يانغ التي قامت بخمس تجارب نووية حتى الآن ولديها مخزون صغير من القنابل الذرية، أنّ الصاروخ الجديد يمكن تزويده بـ«رأس نووي كبير».
وتحدّثت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية عن توجيه «رسالة تحذير قوية»، من خلال المناورات بينما أوضحت رئاسة أركان القوات الكورية الجنوبية أن التدريبات «أثبتت القدرة على توجيه ضربة محددة بدقة إلى القيادة العامة للعدو في حال الطوارئ».
من جهته، أعلن الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن المؤيد لاستئناف الحوار مع الشمال أنّ «الاستفزاز الخطير من قبل الشمال يتطلب منا رداً أكثر من مجرد بيان».
في سياق متصل، وبعد أقل من 24 ساعة على التجربة التي أثارت تنديداً من قبل الأسرة الدولية، قامت القوات الأميركية والكورية الجنوبية بإطلاق صواريخ عدة قصيرة المدى سقطت في بحر اليابان.
وصرّح قائد القوات الأميركية في كوريا الجنوبية الجنرال الأميركي فينسنت بروكس أنّ «ضبط النفس خيار وهو يفصل بين الهدنة وإطلاق النار».
وحذّر بروكس «إطلاق صواريخ بالذخيرة الحية دليل على قدرتنا على تعديل خيارنا، بحسب أوامر القادة المحليين للتحالف».
وتربط بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة اتفاقية تعاون عسكرية، كما ينتشر نحو 28 ألف عسكري أميركي في القسم الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية.
من المتوقع أن تثير هذه المناورات غضب الشمال الذي يشدّد على أنه مضطر لتطوير برامج عسكرية وبالستية لمواجهة التهديد الذي يمثله الانتشار العسكري الأميركي الكثيف في الجنوب.
وكان مجلس الأمن الدولي أصدر قرارات عدة مرفقة بعقوبات بحق بيونغ يانغ لحثها على العدول عن برامجها الصاروخية والنووية.
ومن المقرّر أن يعقد مجلس الأمن اجتماعاً طارئاً للتباحث في الملف الكوري الشمالي، وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش علّق أول أمس، بأنّ التجربة الصاروخية الكورية الشمالية «تصعيد خطير وانتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن الدولي».
وإفادت وكالة الأنباء الكورية الشمالية «أنّ الزعيم كيم جونغ أونغ الذي أشرف شخصياً على عملية إطلاق الصاروخ قال إنّ الأوغاد الأميركيين لن يكونوا مسرورين كثيراً بهذه الهدية التي أرسلت في ذكرى الرابع من تموز».
وتابعت: «أنّ كيم أعرب لدى معاينته صاروخ هواسونغ-14 عن الرضا، وقال: إنّ الصاروخ كطفل جميل ومكتمل».
في السياق نفسه، خصّصت صحيفة «رودونغ سينمون» الناطقة باسم الحزب الحاكم خمساً من صفحاتها الست لعملية إطلاق الصاروخ ونشرت ما لا يقلّ عن خمسين صورة للحدث.
ولا تزال هناك تساؤلات حول مواصفات الصاروخ وقدرة بيونغ يانغ على تصغير رأس نووي لتثبيته على صاروخ ومدى امتلاكها لتقنية دخول الصواريخ في المجال الجوي.
وأكدت وكالة الأنباء الكورية الشمالية «أنّ عملية الإطلاق استوفت كلّ المعايير التكنولوجية بما فيها مقاومة الحرارة والثبات الهيكلي للصاروخ»، وهي عوامل ضرورية لضمان عودته عبر الغلاف الجوي دون أضرار. وأضافت: «أنّ رأس الصاروخ مصنوع من ألياف الكربون».
وأوضحت الوكالة «في ظروف صعبة من بينها درجات حرارة تقارب الآلاف والضغط والارتجاجات ظلت الحرارة داخل رأس الصاروخ مستقرة وتراوحت بين 25 و45 درجة مئوية»، وأشارت إلى أنّ «الصاروخ كان له مسار ممتاز وبلغ هدفه بدقة».
ولم يعبر الصاروخ سوى مسافة تقلّ عن ألف كلم لكن العلو الذي بلغه أكثر من 2800 كلم بحسب بيونغ يانغ دليل على أنه قادر على التحليق لمسافات أطول.
من جهته، أشار وزير الدفاع الكوري الجنوبي هان مين كو إلى «إمكان أن يتراوح مدى الصاروخ بين 7 و8 آلاف كلم، ما سيتيح بلوغ القيادة الأميركية في المحيط الهادئ ومقرّها هاواي بسهولة».
وأثارت تجربة الشمال رد فعل قوياً من ترامب الذي طالب بكين الحليف الدولي الأبرز لبيونغ يانغ بـ«وضع حد نهائي لهذه العبثية».
ودعا الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي يقوم بزيارة إلى موسكو مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بيونغ يانغ إلى وقف تجاربها النووية والبالستية وواشنطن إلى العدول عن المناورات العسكرية على نطاق واسع مع حليفتها الكورية الجنوبية.
وأدى إعلان كوريا الشمالية على إطلاق صاروخ عابر للقارات أول أمس، إلى زيادة التوتر بين البلدين بعد التقارب الذي حصل في الأشهر الأولى لرئاسة ترامب.
كما أعلنت الصين، أبرز حليف دبلوماسي لبيونغ يانغ وشريكها التجاري، في شباط تعليق وارداتها من الفحم من كوريا الشمالية، التي تخضع لمجموعة من العقوبات الدولية تهدف إلى وقف برامجها لتطوير صواريخ بالستية ونووية. وتفيد معلومات الأمم المتحدة أنّ صادرات كوريا الشمالية من الفحم تراجعت إلى الصفر في نيسان.
وأكدت الولايات المتحدة أول أمس، إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً بالستياً عابراً للقارات، واتهمت النظام الشيوعي بـ«تصعيد التهديد».
وقال خبراء أميركيون: «إنّ هذا الصاروخ قادر على الوصول إلى ألاسكا على الأراضي الأميركية».