قالت له

قالت له: هل للحبّ مكان بعد الفراق؟

فقال لها: ليس اللقاء شرطاً عند العشاق.

فقالت: وهل تشتاق النفس أم الجسد يشتاق؟

فقال: الشوق شيء والرغبة شيء والتسلل بينهما مسموح في الفراق.

فقالت: وهل من الحبّ ارتضاء الافتراق أم وقوعه قهراً يمنح الفراق عذراً؟

فقال: في حالات الحبّ يسعى البعض إلى فروسية الظهور بتضحيات لمنح الآخر ما لا يجرؤ على طلبه، ويكتفي بصورة الفروسية تعويضاً. فالحبيب في ذروة الحبّ يشعر بالفرح كلّما كبر في عين الحبيب.

فقالت: وقد يكون كلّه تزييناً لصورة الهروب.

فقال لها: لكل من الحبيبين صورة عما يريد الآخر وعن نفسه، والتضارب في الصور المتبادلة هنا يعني أن الفراق واقع طوعاً أو قهراً. فأن يقع طوعاً يكون خيراً.

قالت: وهل يزهد الحبّ بالوصال؟

قال: ينشأ وصال في الخيال سقفه رؤية ابتسامة معلقة فوق غيمة توحي بسعادة الحبيب.

فقالت: وهل في الحياة من هذا أم هو شعر وأساطير؟

فقال: الحبّ يعني أن نكون واقفين ونحسّ بأننا نطير.

قالت: أتمنحني فرصة عناق ما قبل الرحيل؟

قال: ومنك وشاح معطّر.

فقالت: إليك خذه وعدني أن استردّه بعد الانتظار الطويل.

قال: أعدك أن أشمّه وأسكر. وضمّ الوشاح ومضى في عتم الليل الثقيل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى