هل من تباين في سياسات منظومة المقاومة والممانعة في سورية؟

حميدي العبدالله

نشرت تحليلات كثيرة في الآونة الأخيرة كرّست للحديث عن وجود تباين في سياسات منظومة المقاومة والممانعة إزاء بعض تطورات المنطقة. وتركزت هذه التحليلات على انتقاد كلّ من موسكو وطهران للضربات الجوية التي قامت وتقوم بها الولايات المتحدة وبعض شركائها العرب ضدّ تنظيم «داعش» و»النصرة» داخل الأراضي السورية، وعدم إعلان سورية موقفاً معارضاً لهذه الضربات، بل الترحيب بأيّ جهد من أي جهة جاء لضرب الإرهاب في سورية وفي المنطقة، واستنتج بعض المحللين بأنّ ثمة تبايناً في المصالح هو الذي يفسّر تباين المواقف المعلنة من دمشق بالمقارنة مع مواقف طهران وموسكو.

هل ثمّة تباين أملته مصالح مختلفة، أم أنّ المواقف المعلنة هي تعبير عن استراتيجية ذات حلقات مختلفة يكمل بعضها البعض؟

ليس هناك على الإطلاق تباين مصالح يفرض تباين المواقف بين سورية من جهة وبين إيران وروسيا من جهة أخرى.

الدولة السورية ضدّ «داعش» و»النصرة» وجميع التنظيمات الإرهابية بنفس القوة، بل أكثر من موسكو وطهران، لأنها هي التي تدفع الثمن الأكبر من دم شعبها وجيشها بسبب الأعمال الإجرامية لهذه التنظيمات. وموسكو وطهران لهما مصلحة لا تقلّ عن مصلحة سورية بالقضاء على هذه التنظيمات الإرهابية التي تشكل خطراً على أمنهما القومي، يوازي الخطر الذي جلبته على سورية، وبالتالي لا تباين على الإطلاق لا في المواقف ولا في السلوك ولا في المصالح في مواجهة هذه التنظيمات التكفيرية. كما أنّ دمشق مثلها مثل طهران وموسكو ليس لديها أية تقديرات تختلف عن حليفتيهما بشأن دور الولايات المتحدة ودول المنطقة في دعم التنظيمات الإرهابية، أو في احتمال أن تستغلّ الحرب الاستعراضية ضدّ هذه التنظيمات لتنفيذ أجندة مشبوهة موجهة ضدّ الدولة السورية والجيش العربي السوري، كما حذرت موسكو وطهران، بل إنّ دمشق أكثر ريبة من سلوك الولايات المتحدة وشركائها من حكومات المنطقة التي تشكل رأس الحربة في الأعمال الإجرامية التي تنفذ في سورية على أيدي الجماعات الإرهابية.

إذا لم يكن هناك تباين في المصالح، ولا تباين في تقدير الموقف بشأن قيام التحالف الأميركي بتوجيه ضربات جوية ضدّ تنظيمات «داعش» و»النصرة»، إذاً ما هي أسباب تباين الموقف الذي أوحى لكثير من المحللين أصدقاء منظومة المقاومة والممانعة الاستنتاج بأنّ ثمة تبايناً في المصالح والمواقف هو الذي يفسّر المواقف المعلنة والمتباينة الصادرة عن دمشق وطهران وموسكو؟

لا شك أنّ هناك استراتيجية تقوم على تقسيم العمل وتوزيع الأدوار وتكامل المواقف بما يعود بالنفع على المنظومة بكلّ أطرافها. فترحيب دمشق بأيّ جهد ضدّ الإرهاب ينسجم مع موقفها الذي دعا منذ البداية إلى وقف تمويل وتهريب الإرهابيين الأجانب إلى داخل سورية، وهو ما صدر عنه قرار مجلس الأمن الأخير الذي ترأسه رئيس الولايات المتحدة، وتحذير موسكو وطهران ومطالبتهما بضرورة التعاون والتنسيق مع سورية أملته القناعة المشتركة لدى المسؤولين السوريين والإيرانيين والروس من احتمال استغلال ضرب التنظيمات الإرهابية للمسّ بسورية والتعرّض للجيش العربي السوري، وهذه المواقف تصبّ في سياق استراتيجي واحد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى