تسلَّط اليهود على القدس والأقصى بفضل يهودنا الداخليين الحقيرين المتآمرين ضدّ شعوبهم وأوطانهم
اياد موصللي
قال سعاده: «لم يتسلط اليهود على جنوبي بلادنا ويستولوا على مدن وقرى لنا إلا بفضل يهودنا الحقيرين في ماديتهم الحقيرين في عيشهم الذليلين في عظمة الباطل.
انّ الصراع بيننا وبين اليهود لا يمكن ان يكون فقط في فلسطين بل في كلّ مكان حيث يوجد يهود قد باعوا هذا الوطن وهذه الأمة بفضة من اليهود، انّ مصيبتنا بيهودنا الداخليين أعظم من بلائنا باليهود الأجانب».
«اننا نواجه الآن أعظم الحالات خطراً على وطننا ومجموعنا فنحن أمام الطامعين المعتدين في موقف يترتب عليه إحدى نتيجتين أساسيتين هما الحياة والموت وأية نتيجة حصلت كنا نحن المسؤولين عن تبعتها».
وسيبقى السيف الإسرائيلي يلعب في رقابنا ما دامت هذه الرقاب محنية على النطع وسيبقى سيفهم أشدّ فتكاً من ألسنتنا التي تلعق يد الظلم والبطش. «والسيف أصدق انباء من الكتب».
انّ هذا الذي جرى ويجري في القدس اليوم هو إتمام للمشروع الصهيوني الذي صنعه بن غوريون فقال: «سيأتي من نسلك ملوك ويحكمون حيث تطأ قدم الإنسان إلى تلك اعطِ كلّ الأرض التي تحت السماء، وسوف يحكمون كلّ الأمم حسب رغبتهم، وبعد ذلك سوف يسحبون الأرض كلها إليهم ويرثونها إلى الأبد». هذا هو دستور «إسرائيل».
وتوضح معالم الأحداث التي جرت على أرضنا ووطننا هذه المخططات.. التي من أبرز معالمها إعادة تشكيل «الشرق الأوسط الجديد» عبر تذويب وتفتيت دوله العربية والإسلامية الرئيسة، وبذلك يضمن هيمنة «إسرائيل» على المنطقة ومواصلة عملية التطهير العرقي للمناطق الفلسطينية المحتلة. واستهداف الأديان الأخرى هو أحد الأهداف الرئيسية في المخطط الإسرائيلي..
ففي الصفحة 262 من البروتوكول السادس عشر يتحدّد هذا الهدف حيث يقول: «وقد سبق لنا في ما مضى من الوقت ان بذلنا جهداً لإسقاط هيبة رجال الدين عند «الغوييم»، المسيحيون خاصة وكلّ ما هو غير يهودي عامة. وقصدنا بذلك ان نفسد عليهم رسالتهم في الأرض، وهي الرسالة التي يحتمل انها لا تزال بنفوذها عقبة كأداء في طريقنا. ولا نرى هذا النفوذ في الوقت الحاضر إلا في تناقص يوماً بعد يوم. أما حرية الضمير فقد انتشرت وعمّت في كلّ مكان وبتنا الآن لا يفصلنا عن رؤية الدين المسيحي قد انهار تماماً سوى بضع سنين.
أما ما يتعلق بالأديان الأخرى، فالصعوبة التي سنلاقيها في تعاملنا معها تكون أقلّ، ولكن من السابق لأوانه ان نتكلم عن هذا الآن، وسنضيّق الحلقة على الكهنوتية ورجال الكهنوت لنجعل نفوسهم تنكمش وترجع القهقرى بالقياس إلى ما كان لهم من فلاح في الماضي».
إذا نظرنا لما جرى ويجري اليوم، وقد سبق لنا ان توقعنا في مقالات سابقة أنهيناها بكلمة وداعاً يا أقصى… لأنّ مواقف الأذلاء تؤدّي الى هذه النتيجة والدفاع عن الحقوق والأوطان لا يتمّ بالبكاء والنحيب والتظاهرات بل بوقفة العز وبالدماء التي ودّعتها الأمة لدينا وعلينا إعادة الوديعة والجهاد وعدم التقاعس لأنّ من تقاعس عن الجهاد مهما كان شأنه فقد أخر في سير الجهاد..
انّ «إسرائيل» تعرف جيداً انّ العرب أشباه رجال لن يصدر عنهم اليوم ايّ موقف يقلقها، والتاريخ يعيد نفسه، وهذا الموقف وهذه القناعة هي نتيجة إيمان بما ورد في الصفحة 205 من البروتوكول الخامس الذي يقول:
«اذا قام في وجهنا غوييم العالم جميعاً، متألّبين علينا، فيجوز ان تكون لهم الغلبة، لكن قوتنا، ولا خطر علينا من هذا، لأنهم هم في نزاع في ما بينهم، وجذور النزاع عميقة جداً الى حدّ يمنع اجتماعهم علينا يدا واحدة، أضف الى هذا أننا قد فتنا بعضهم ببعض بالأمور الشخصية والشؤون القومية لكلّ منهم. وهذا ما عنينا بديمومته عليهم وتنميته مع الأيام خلال العشرين قرناً الأخيرة. وهذا السبب الذي من أجله لا ترى دولة واحدة تستطيع ان تجد لها عوناً إذا قامت في وجهنا بالسلاح. اذ أنّ كلّ واحدة من هذه الدول تعلم انّ الاصطفاف ضدّنا يجرّها إلى الخسارة، اننا جدّ أقوياء ولا يتجاهلنا أحد، ولا تستطيع الأمم ان تبرم ايّ اتفاق مهما يكن غير ذي بال الا إذا كانت لنا فيه يد خفية.
متى ما ولجنا أبواب مملكتنا، لا يليق بنا ان يكون فيها دين آخر غير ديننا، وهو دين الله الواحد، المرتبط به مصيرنا، من حيث كوننا الشعب المختار وبواسطته ارتبط مصير العالم بمصيرنا. فيجب علينا ان نكنس جميع الأديان الأخرى على اختلاف صورها».
ومن هنا يجب ان لا ننسى معنى ومغزى إعلان «إسرائيل» دولة يهودية، وإصرارهم على يهودية الدولة كجزء من هذا المفهوم… «مني يستمد الملوك سلطتهم» هذا واحد من معتقداتهم.
أبكيك فلسطين، لقد أضاعك، الأعراب بكلّ تعدادهم وانتشارهم وامتلاكهم العالم… ملكوا الثروات وفقدوا العزة والكرامة، ضاعت فلسطين بعد أن أفلست العروبة، فقدت وهجها وجوهر وجودها، العروبة أفلست في إثبات وجودها ولو فعلت لغيّرت وجه التاريخ… سنبقى هكذا في خانة الذلّ والعبودية حتى يأتي جيل يأبى ان يكون قبر التاريخ مكاناً له في الحياة فيقف وقفة العز ويغيّر مجرى التاريخ… «لا يغيرّ الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم». عندئذ فقط سيكتب التاريخ انتصرت فلسطين وانتكس الأعراب وأفلسوا.
انّ إظهار الدور الخياني لبعض القادة وأصحاب القرار هو واجب ينبغي ان يطلع عليه أهلنا ومواطنونا، كلّ عمل مهما كان دافعه او مقصده لا يصبّ في مصلحة الأمة التي هي فوق كلّ مصلحة اعتبار خيانة.
انني أسأل: الفلسطينيون يتظاهرون يستشهدون يصارعون بالوسائل والإمكانيات التي بين أيديهم الى هذه الساعة، أخبروني عن موقف جامعة الدول العربية، تلك الجامعة التي سارعت واجتمعت لتتخذ موقفاً ضدّ الجمهورية العربية السورية عندما اتخذت موقفاً جريئاً شجاعاً ضدّ المؤامرة التكفيرية التي هيّأت «إسرائيل» فصولها ودفعت السعودية وقطر أموالها…
أخبروني عما فعلت السعودية حامية الحرمين الشريفين للدفاع عن المسجد الأقصى أولى القبلتين ومهد الإسراء والمعراج وثالث الحرمين، ماذا فعلت؟ وهي من أجل استقبال الرئيس الأميركي ترامب جمعت 54 دولة عربية وإسلامية في قمة السيف والترس ودفعت أكثر من 400 مليار دولار. ومن أجل حماية الأقصى سكتت وصمتت هي ودول الخليج… تحارب في اليمن تقتل وتدمّر عرباً ومسلمين، وتزرع الفتن في الشام والعراق، أما بالنسبة لفلسطين فهي شاهد ما شافش حاجة .
الذين باعوا فلسطين من الحكام بالأمس هم وورثتهم اليوم شهود التطويب وتحرير شهادة التمليك.
لهؤلاء نقول: أبدأ أبداً سنقاتل وطريقنا طويلة وشاقة لأنها طريق الحياة وأبناء الحياة ولا يستمرّ عليها إلا الأحياء وطالبو الحياة أما الأموات فيسقطون على جوانب الطريق..
الرعيل الأول من الحكام باعوا فلسطين.. وما زال الأعراب يمارسون نفس أدوار العمالة فبعد حرب لم يخوضوها أصبحوا سماسرة المفاوضات والتسويات وصكوك التمليك وتطويب فلسطين بشكل قانوني ونهائي لليهود، لقد صنع الاستعمار من هؤلاء المشايخ والأمراء حكام دول وهمية، ليكونوا يوماً ما صوته وسوطه وهذا هو دورهم يمارسونه بإيمان وحماس، صدق القول الكريم: «والأعراب أشدُّ كفراً ونفاقاً».