حزب الله يهاجم آخر معاقل الإرهابيّين في جرود عرسال والجيش يحبط محاولات تسلّل مسلّحين إلى البلدة ويعتقل مطلوبين

شنّ حزب الله في اليوم الخامس لمعركة جرود عرسال، هجوماً على آخر مواقع «جبهة النصرة» الإرهابيّة وتقدّم في اتجاه الملاهي ووادي حميّد.

واشتدّت بعد ظهر أمس حدّة المعارك بالصواريخ وقذائف الهاون، تمهيداً لاقتحام الملاهي.

وأفاد الإعلام الحربي التابع للمقاومة، أنّ «مقاتلي الحزب أحرزوا مزيداً من التقدّم في جرود عرسال، وسيطروا على وادي كميل ووادي حمودي ومكعبة الفرن والبيدر وشعبات النحلة». كذلك أعلن عن «إحكام الحزب سيطرته على كامل وادي المعيصرة، ومرتفع تلّة الحصن التي تشرف على معبر الزمراني شرق الجرود». وعلى الأثر، جالت مسيرات سيّارة تحمل أعلام الجيش اللبناني والمقاومة في بلدات البقاع احتفالاً بالنصر على الإرهابيّين، كما رُفع العلمان اللبناني وحزب الله فوق تلّة القرية.

وبموازاة التقدّم العسكري، حصلت عمليّة تفاوضيّة منذ أول من أمس لاستسلام قائد «جبهة النصرة» أبو مالك التلّي، فيما تردّدت معلومات عن أنّ تنظيم «داعش» الإرهابي اشترط لاستقبال التلّي في الأراضي التي تحتلّها في الجرود أن يعلن مبايعته علناً للتنظيم المذكور.

من جهةٍ أخرى، نقل الصليب الأحمر اللبناني بمواكبة من الجيش 9 نازحين من أطفال ونساء من مخيّمات عرسال إلى داخل البلدة، بالإضافة إلى نقل امرأة بحالة ولادة من مخيّمات وادي حميد إلى إحدى مستشفيات المنطقة.

وفي سياقٍ متّصل، ذكر الإعلام الحربي أنّه تمّ ضبط كميّات من الأسلحة والذخيرة كانت متّجهة من البادية إلى مسلّحي «جبهة النصرة» في القلمون الغربي.

وكان عدد من رجال المقاومة توجّهوا إلى بعلبك بعد انقضاء مهمّاتهم في الجرود، زاروا أضرحة الشهداء.

مداهمة للجيش

ودهم الجيش مخيم السنابل في عرسال وأوقف السوري حسين إسماعيل، وقتل السوري المطلوب يوسف نوح 22 عاماً . وكان نوح حاول الهروب من الدوريّة فحصل تبادل لإطلاق النار، ونُقلت جثّته إلى مستشفى الرحمة. كذلك، أحبط الجيش العديد من محاولات تسلّل المسلّحين، في ظلّ حالات فرار واسعة في صفوف «النصرة» باتجاه الجزء الشرقي للحدود.

مواقف

في غضون ذلك، تواصلت المواقف المشيدة والمهنّئة لانتصار المقاومة. وفي السياق، غرّد رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجيه عبر حسابه على موقع تويتر قائلاً: «محور المقاومة انتصر. والتكابر لا يفيد بشيء».

من جهته، توجّه رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، خلال ترؤّسه اجتماعاً للهيئة الشرعيّة للمجلس، بالتهنئة لـ«رجال المقاومة على بسالتهم وتضحياتهم في الدفاع عن لبنان وكلّ اللبنانيين، مسجّلين نصراً جديداً يعتزّ به كلّ الشرفاء ويجعل من لبنان وطناً محصّناً بوجه الإرهاب».

ونوّه بـ«التلاحم البطولي بين المقاومة والجيش والشعب، الذي يستحق أن يكون أنموذجاً وقدوة للاقتداء بها في عالمنا العربي والإسلامي»، متوجّهاً بـ«تحيّة إكبار وتقدير لشهداء المقاومة والجيش، وكلّ ضحايا الإرهاب».

بدورها، توجّهت قيادتا «رابطة الشغّيلة» و«تيّار العروبة للمقاومة والعدالة الاجتماعيّة» بعد اجتماع برئاسة الأمين العام للرابطة النائب السابق زاهر الخطيب، بتحيّة «اعتزاز وافتخار إلى رجال المقاومة الباسلة، وضباط وجنود الجيشَين اللبناني والسوري، الذين يصنعون اليوم في حربهم الوطنية ضدّ قوى الإرهاب التكفيري في الجرود اللبنانية – السوريّة ملحمة جديدة من الانتصار تكمل ملحمة انتصار تموز عام 2006 على الإرهاب الصهيوني».

وأكّدت القيادتان – بحسب بيان – أنّ «النصر الجديد على الإرهاب التكفيري أعاد تأكيد وترسيخ معادلة المقاومة والجيش والشعب بالتنسيق مع الجيش السوري، وأسقط مشاريع ومخطّطات الفتنة والقطيعة مع سورية، ودفن مجدّداً وعميقاً مشروع الشرق الأوسط الجديد».

من جهته، استغرب «تجمّع العلماء المسلمين» في بيان «مواقف بعض السياسيّين من معركة تحرير الجرود»، معتبراً تلك المواقف والتصريحات «مواقف نشاز ومأجورة وتخدم مصالح «النصرة» و«داعش» الإرهابيّتين، ومصالح العدو الصهيوني الغاشم»، مشيراً إلى أنّ «عملية التحرير تلك من قبضة الإرهابيّين والتكفيريّين هي من أجل لبنان واللبنانيّين، الذين عاشوا أيام الرعب والتفجير والتفخيخ وإرسال الانتحاريّين الذين فجّروا أنفسهم بين عامّة الناس، وقتلوهم في بيوتهم ومحلاتهم وبين الأزقة وعلى قارعة الطريق. لذلك الأَولى من كلّ من شكّك وهاجم المقاومة، أن يقبّل أيادي المقاومين والمجاهدين، ويقبّل أيادي جنود الجيش اللبناني البواسل لأنّهم ضحّوا بأنفسهم ورووا بدمائهم الزكيّة الطاهرة دفاعاً عن سيادة واستقلال وحريّة لبنان».

واعتبرت «جبهة العمل الإسلامي في لبنان»، «أنّ ما تحقّق إلى يومنا هذا يُعتبر إنجازاً وطنيّاً هامّاً، وانتصاراً كبيراً للبنان».

ورأت رئيسة «الكتلة الشعبية» ميريام سكاف، أنّ «أيّ جدل في شأن استرجاع الأرض من الإرهاب المحتلّ سيعزّز منطق الإرهاب».

وذكرت بأنّ «أهالي البقاع والجرود وعرسال عاشوا أياماً صعبة، ومن حقّهم أن ينعموا بالاستقرار، وأن يطلّوا على جرودهم ومزارعهم ويقطفوا حصادهم».

ورأى المجلس الوطني للإعلام في بيان، بعد اجتماعه أمس، أنّه «خلال تغطية الأحداث من جرود عرسال كان هناك توجّه إيجابي في بعض ما دار من نقاشات حول هذه المسألة، بحيث كان الاتجاه إلى تلافي السِّجالات التي تؤدّي إلى تعميق ثقافة الخلاف وإلى انعكاسات سلبيّة على الداخل اللبناني».

ونوّه المجلس بموقف رئيس الجمهورية ميشال عون ممّا يجري في جرود عرسال، داعياً «الإعلام المرئيّ والمسموع والإلكترونيّ والمكتوب إلى التعاطي مع هذه الأحداث من زاوية موقف فخامة الرئيس، الذي اعتبر أنّ التطوّرات الميدانيّة ستكون إيجابيّة على صعيد الحدّ من اعتداءات الإرهابيّين وممارساتهم ضدّ المدنيّين والعسكريّين، وستُعيد الأمن والاستقرار إلى الحدود».

واعتبر المجلس «أنّ ما قام به الجيش والمقاومة في عرسال عمل يستتبع هدوءاً في بعض القرى والبلدات في البقاع الشمالي، مثل رأس بعلبك واللبوة والقاع والعين»، آملاً أن يعتبر اللبنانيّون ما جرى في جرود عرسال انتصاراً لهم ولقضيّتهم، على اعتبار أنّ هذا الإرهاب يهدّد الدّاخل اللبناني قبل أن يكون تهديداً في أيّ مكان آخر.

في المقابل، واصلت كتلة «المستقبل» النيابيّة تهجّمها على حزب الله وإيران على خلفية خوض الحزب معركة تحرير الجرود من الإرهابيين.

وردّ رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب في تصريح عبر مواقع «التواصل الاجتماعي» على بيان كتلة المستقبل متسائلاً: «من أنتم يا كتلة المستقبل لتحدّدوا الشرعيّة الوطنيّة لمعركة عرسال؟ أنتم حثالة سياسيّة خرّبتم لبنان اقتصادياً وأمنيّاً، وتقبضون ثمن تخريبكم»، معتبراً أنّ «كتلة «المستقبل» برئاسة فؤاد السنيورة تشكّل الجناح السياسي لـ«داعش» والنصرة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى