كفرحتى تكرّم شهداء الجيش باحتفال حاشد وأهاليهم يؤكّدون الاستعداد لتقديم المزيد في سبيل الوطن

محمد هاني حمية

حملوا جراحهم وأتوا من مناطق متعددة إلى الجنوب للقاء أولادهم مرة جديدة من خلال كلمة وصورة وتضامن، لم يعرفوا يوماً أن عيد الأضحى هذا العام سيحل عليهم في هذه الظروف المأسوية ولم يتوقعوا أن يستقبلوا العيد من دون أولادهم، إنهم أهالي شهداء الجيش اللبناني.

إلى كفرحتى كانت الوجهة والمسار، حيث فتحت ذراعيها لاستقبالهم على وقع حماسة أهالي البلدة ورايات وأعلام الجيش المرفوعة على جانبي الطريق والمرحبة بأهالي الشهداء، حتى عندما تمر تخال نفسك وكأنك تدخل إلى ثكنة عسكرية للجيش.

بلدية كفرحتى هي صاحبة الدعوة والمنظمة لهذا الإحتفال التكريمي لشهداء الجيش الجامع الذي أقامته في «مجمع أهل البيت» في البلدة، وحضره ممثل عن وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي، النائب والوزير السابق زاهر الخطيب، راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك المطران الياس نصار، ممثلون عن المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص والمدير العام لأمن الدولة وقائد الدرك، رئيس جهاز الإستخبارات في الجيش في الجنوب العميد علي، وممثلون عن حركة امل وحزب الله والتيار الوطني الحر، وذوو شهداء الجيش وشخصيات سياسية واجتماعية وعسكرية ورؤساء بلديات ومخاتير المنطقة وفاعليات.

رئيس البلدية

افتتح الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني والوقوف دقيقة صمت عن ارواح شهداء الجيش، ثم ألقى رئيس بلدية كفرحتى حسين عباس حمية كلمة أكد فيها «المضي على درب المؤسسة العسكرية قيادة وضباطاً وعناصر في تكريس منهجية نشر ثقافة التعايش والتسامح والعمل الدؤوب لتوحيد الجهود من أجل ترسيخ المشتركات الفكرية والإنسانية»، وقال: «إنها العامل الأهم في خلق وحدة وطنية شاملة».

نصار

وأكد المطران نصار أن «وقوفنا إلى جانب الجيش وعائلات شهدائه الأبرار هو التعبير الأبلغ عن قيمة المؤسسة العسكرية الوطنية التي لا تزال تحافظ على تماسكها ووحدتها، ولا تزال تعمل بمناقبية عالية وبانضباطية غاية في الدقة، وتؤدي رسالتها بكل إخلاص وأمانة للعهود العسكرية ولشعارها شرف تضحية وفاء، والذي لا يزال يعكس صورة الوطن لبنان، صورة التنوع في الوحدة وصورة الغنى الثقافي والحضاري التي هي وليدة تراكم خبرات إنسانية تعود بالزمن إلى آلاف السنين».

الزين

أما رئيس تجمع العلماء المسلمين الشيخ أحمد الزين فقد شدد على وطنية المؤسسة العسكرية بسياستها الرشيدة وإخلاصها، مذكراً بالإمام موسى الصدر الذي شكل هيئة نصرة الجنوب والتي أعطت الصورة الحقيقية للبنان من رؤساء الطوائف كافة في الجنوب.

عبد الخالق

وأكد ممثل شيخ عقل الموحدين الدروز نعيم حسن الشيخ دانيل عبد الخالق «الالتزام إلى جانب جيشنا بالثوابت الوطنية ودرء الفتنة». وقال: « إذا كان الجيش مسؤولاً بطبيعته عن حماية الحدود ومراقبتها فإن استنزافه في الأحداث والإشكالات الداخلية الناتجة من ذر قرن الفتنة الطائفية والمذهبية في منطقتنا ترهقه وتضعف من فاعليته والتجاذب السياسي يؤثر في سرعة وصوابية قراره».

ياغي

وتساءل الشيخ علي ياغي «هل يجوز أن يبقى الجندي اللبناني يقاتل بوهج عقيدته أكثر مما يقاتل بسلاحه، وهل يجوز أن يدافع عن عرضه وكرامة إنسانه بقيد سياسي من هنا أو هناك؟».

كانت كلمات مختصرة لأهالي الشهداء لكنها حملت الكثير من معاني الإنسانية والتضحية والوعي والحكمة وكانت أبلغ من الخطابات، وفي حديث لصحيفة «البناء» توحدت المواقف على الإستعداد لتقديم المزيد من أبنائهم الآخرين شهداء دفاعاً عن الوطن والكرامة والشرف، وأجمعت على أن استشهاد أبنائهم يشكل نموذجاً للوحدة الوطنية ومثالاً للانتماء والولاء للمؤسسة العسكرية.

والد الشهيد محمد حمية

وشرح معروف حمية والد الشهيد محمد حمية الذي أعدمته جبهة النصرة رمياً بالرصاص معاناته ومعاناة أسرته خلال فترة الأسر. وقال لـ«البناء»: «عانينا الكثير وانتظرنا حكومتنا كثيراً وتلقينا وعوداً كثيرة ولم نر شيئاً فعلياً».

وتوجه إلى الشهداء في عيد الأضحى قائلاً: «إن شاء الله يكونون فداء عن كل رفاقهم الأسرى الذين لا يزالون في الأسر».

ورفض حمية الغوص في تفاصيل تواصله مع الجهات الخاطفة للافراج عن إبنه مكتفياً بالقول: «تواصلنا مع الكثير من الأطراف وحاولنا الافراج عن محمد ولكن لم نتوصل إلى أي نتيجة».

وأعلن استعداده لتقديم ابنائه الآخرين «دفاعاً عن الوطن والكرامة والشرف».

وتحدث عن مزايا ابنه مؤكداً أن «إبنه محمد كان يحب الجيش ولو لم يحبه لما دخله، وهو وجه ضحوك ويتمتع بأخلاق عالية. مؤمن بالله ويتمتع بكل الصفات الحسنة».

وكرر حمية أننا «ما زلنا على وعدنا ولن نتراجع وسنأخذ حقنا من قتلة محمد وهذا ليس صعباً ولسنا مستعجلين، وهذا الحق سنأخذه من مصطفى الحجيري ومن علي الحجيري لكن لا علاقة لكل آل الحجيري».

واعتبر حمية أن «الدولة قصرت كثيراً تجاه أبنائنا الذين استشهدوا والذين لا يزالون في الأسر لأن الدولة منقسمة الى مئة قسم ولا أحد يرد على أحد». ودعا الدولة الى «أن تصدق مع الأسرى الآخرين وأن توقف الوعود الكاذبة».

والد الشهيد محمود حمية

وتحدث عمر حمية والد الشهيد محمود حمية الذي استشهد في تفجير المستشارية الإيرانية في بئر حسن لـ «البناء» مؤكداً أننا «كلنا نسير على هذه الطريق التي اختارها الشهيد». وقال: «أنا إبن المؤسسة العسكرية التي لي شرف الإنتماء إليها»، معتبراً أن «الذين يتهجمون على الجيش اليوم من نواب ووزراء كلهم مدسوسون ويتعاملون مع الخارج»، مضيفاً: «التاريخ يعيد نفسه حيث شاهدنا الحرب في عام 1975 وكيف عمل بعض الزعماء السياسيين على حل الجيش اللبناني والمؤسسة العسكرية التي تحمي الوطن».

وأشار حمية إلى أن «لديه 14 إبناً وجميعهم أنجزوا خدمة العلم الإجبارية ولن يقصر إذا استدعت الحاجة تقديم أبناء جدد جنوداً في الجيش اللبناني لأنه درع الوطن». واعتبر أن «الجيش قادر على الضرب بيد من حديد في كل المناطق اللبنانية وأن يحسم كل المعارك إنما ليس لديه الغطاء السياسي وهذا الأمر يعود للسياسيين».

ورأى حمية أن «استشهاد إبنه وهو من برجا وحسين ومحمد حمية من طاريا، يشكلان نموذجاً للوحدة الوطنية ومثالاً للانتماء والولاء للمؤسسة العسكرية لأنهم شهداء الوطن ولأن الجيش ليس لديه مذهب بل مذهبه الوطن والارض ولا يهم انتمائه الطائفي والمذهبي».

والد الشهيد حسن حمية

يعتز والد الشهيد حسين حمية الذي استشهد في معارك عرسال الأخيرة بإبنه الشهيد معتبراً أنه «لم يقتل سدىً بل استشهد دفاعاً عن الوطن وعن الشرف ولكن رغم ذلك تبقى حرقة في القلب».

وشرح لـ «البناء» ظروف استشهاد ابنه قائلاً: «حسين كما نقل لنا رفاقه في ساحة المعركة أنه أسعف عدداً من رفاقه الجرحى قبل أن يستشهد رغم انه كان بعيداً من رفاقه الشهداء أكثر من ثلاثين متراً إلا أنه أصر على الذهاب باتجاههم لإسعافهم ثم المبادرة والهجوم على الإرهابيين».

وألقى حمية اللوم على «الدولة التي قصرت كثيراً لأنها كانت على علم قبل أيام بهجوم ستنفذه المجموعات الارهابية على مراكز الجيش في عرسال ولكنها لم تحرك ساكناً».

ويعبّر حمية عن افتخاره «بإبنه الشهيد من جهة ويعتز من جهة أخرى بأن ولديه الآخرين ينتسبان إلى المؤسسة العسكرية، وكشف أنه طلب من قائد الجيش إدخال ابنته أيضاً إلى الجيش». ورأى أن «المستهدف اليوم ليس الجيش اللبناني فحسب بل كل الوطن»، مؤكداً «تمسكه بالدولة اللبنانية والمؤسسات».

بلدية كفرحتى

كفرحتى التي قدمت العديد من خيرة أبنائها من الجيش على مذبح الوطن دفاعاً عن السلم الاهلي والوحدة الوطنية وخصوصاً الشهيدين المعاون أول حسن أحمد حمية الذي استشهد بانفجار لغم بعد قيامه بواجبه في تفكيك ألغام زرعها العدو «الإسرائيلي» في الجنوب. والملازم أول علي نصار الذي استشهد في معارك مخيم نهر البارد ضد الارهاب، أكد رئيس بلديتها حسين عباس حمية لـ«البناء» أن «هذا الاحتفال التأبيني هو أقل واجب يمكن أن تقدمه بلدة كفرحتى إلى شهدائها وكل الشهداء من الجيش وإلى عوائلهم أيضاً وهي التي ترفد الجيش خصوصاً وكل الأجهزة الأمنية عموماً بالعديد من العسكريين ضباطاً ورتباء وجنوداً».

وجدد حمية التأكيد أن «آل حمية في كل المناطق اللبنانية ولا سيما في البقاع يقفون خلف الجيش والقوى الأمنية ولن ينجروا إلى أي فتنة مذهبية مهما اشتدت الظروف بل سيقفون سداً منيعاً في وجه مشاريع الفتنة والتقسيم والفوضى».

وإذ أشار الى أن «هذه المجموعات الإرهابية لا تشكل خطراً على طائفة معينة أو مذهب معين بل على كل لبنان»، أكد رئيس بلدية كفرحتى أن «أهالي الشهداء الأسرى لن يأخذوا حقهم إلا من المتورطين المباشرين في قتل أبنائهم وهم معروفون لدى الدولة اللبنانية ومتوارون عن الأنظار ولا علاقة لآل الحجيري كلهم الذين هم أبناؤنا وأهلنا»، لافتاً إلى أن «الطائفة السنية الكريمة هي أكثر المتضررين من هذه الجماعات والدليل هو ما ارتكبته بحق أهالي عرسال وأرزاقهم قبل خروجها من البلدة».

وشدد حمية على أن «الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية هي الضامن الوحيد لوحدة لبنان واستقراره وأمنه».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى