إبراهيم: اتّفاق جرود عرسال يسير وفق المرسوم له ملّاك تفقّد الوحدات في البقاع الشمالي: المعركة المقبلة ستكون فاصلة
فيما يسيطر الهدوء التام على محاور القتال كافّة في جرود عرسال وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، استمرّت اعتداءات مسلّحي تنظيم «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع، على مراكز الجيش اللبناني في محيط المنطقة.
وردّ الجيش بقصف مواقع المسلّحين بالمدفعيّة الثقيلة بعد رصد تحرّكات مشبوهة، وعمل على تعزيز آليّاته وعناصره في محيط المنطقة.
وكانت أٌعدّت غرفة طوارئ بالتنسيق مع الصليب الأحمر والدفاع المدني في رأس بعلبك.
وأعلنت قيادة الجيش – مديرية التوجيه في بيان، أنّ «مركزاً تابعاً للجيش في مرتفع حرف الجرش- رأس بعلبك تعرّض لسقوط قذيفتَيْ هاون مصدرهما المجموعات الإرهابيّة المنتشرة في جرود المنطقة، وردّت قوى الجيش بقصف مصدر إطلاق النيران، من دون تسجيل إصابات في صفوف العسكريّين».
جولة ميدانيّة لملّاك
وتفقّد رئيس الأركان في الجيش اللواء الركن حاتم ملّاك قبل ظهر أمس، الوحدات العسكريّة المنتشرة في مناطق القاع ورأس بعلبك وعرسال، حيث جال في مراكزها واطّلع على أوضاعها وإجراءاتها الميدانيّة، ثمّ اجتمع بالضباط والعسكريّين وزوّدهم بالتوجيهات اللازمة.
ونوّه ملّاك بـ«جهودهم وتضحياتهم خلال الأيام الماضية لناحية ضرب خطوط تسلّل الإرهابيين باتجاه بلدة عرسال أو مخيّمات النازحين، وبالتالي تأمين حماية الأهالي وإبعادهم عن ساحة الاشتباكات، إضافةً إلى تأمين وصول المساعدات الغذائيّة والطبيّة لهذه المخيّمات بالتنسيق مع الصليب الأحمر اللبناني والصليب الأحمر الدولي».
وأشار إلى أنّ «النازحين في المخيمات هم في حمى الجيش، الذي يحرص على سلامتهم كالمواطنين اللبنانيين، ويتعامل معهم بروح الأخوة والعلاقة التاريخية التي تجمع اللبنانيين والسوريين، لكنّ وجود المسلّحين بين صفوفهم يعقِّد هذه العلاقة، والمطلوب منهم العمل على تجنّب الإرهابيين والتعاون مع الجيش في هذا الإطار».
وأكّد أنّ «حرب الجيش ضدّ الإرهاب ستبقى مفتوحة حتى تحرير آخر شبر من الحدود الشرقية، والمعركة المقبلة ستكون فاصلة، وسينتصر الجيش فيها لا محالة، كما انتصر سابقاً في كلّ المواجهات التي خاضها ضدّ التنظيمات الإرهابية، وذلك بالاستناد إلى الكفاءة القتاليّة لوحداتنا، وإلى ثقة اللبنانيين على اختلاف مكوّناتهم بالمؤسسة العسكرية وإجماعهم على دورها الوطني».
ودعا العسكريّين إلى «مزيد من اليقظة والاستعداد الأقصى للقيام بالمهمّات المرتقبة في القريب العاجل».
وعلى خطّ المفاوضات حول تنفيذ اتفاق جرود عرسال، أكّد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، أنّ «العمل جارٍ على قدم وساق، وكلّ شيء يسير وفق المرسوم له».
وأُفيد عن تشكيل لجنة لتسجيل أسماء النازحين السوريّين من المسلّحين والمدنيّين الراغبين بالعودة إلى إدلب في الشمال السوري. وطالبت اللجنة رؤساء المجموعات في المخيّمات برفع الأسماء بأسرع وقت ممكن إلى الأمن العام.
وبالتزامن، رُصدت أعمال تفكيك خيم بعض المخيمات قرب عرسال تمهيداً لعملية إخلاء المسلّحين.
مواقف
وفي المواقف، قال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في «أسبوع الشهداء الخمسة»، في حسينية البرجاوي: «نحن اليوم خضنا معركة مهمة وحساسة هي معركة تحرير جرود عرسال. ومن اليوم الأول قلنا بأنها معركة في الجرود، ولا علاقة لا لبلدة عرسال ولا لمخيمات النازحين في هذه المعركة، وهي تستهدف شذاذ الآفاق الذين احتلوا الجرود وانطلقوا منها لضرب الساحة اللبنانية ولإيذاء السلم الأهلي والاخلال بالتعايش بين المسلمين والمسيحيين ولإيجاد الفتنة في الداخل. هؤلاء مرض سرطاني لا يمكن معالجته إلا بالإستئصال، ولذا قرر حزب الله بأن يخوض هذه المعركة».
وأشار إلى أنه كان للعملية هدفان «الأول، تنظيف الحدود الشرقية من هؤلاء الوحوش الذين يخربون على الناس ويعيثون فساداً على الحدود اللبنانية. والثاني، هو حماية لبنان من مفخخاتهم أكانت سيارات أو أحزمة ناسفة والتي طالت المدنيين في كل الأراضي اللبنانية».
واعتبر ان «من مميزات هذه المعركة أن المعادلة الثلاثية الجيش والشعب والمقاومة كانت حاضرة بشكل علني»، مؤكداً «أن مقاومتنا ليست خاضعة لمنظومة المستكبرين، وهي قائمة على مبدأين، الأول، تحرير الأرض. والثاني، كسر التبعية، وهذان المبدآن سيستمران مع استمرار المقاومة».
من جهته، نوّه «تجمّع العلماء المسلمين» بالإنجاز الذي حصل في عرسال، متمنّياً «أن تمرّ عملية الاستسلام على خير، وأن يتوجّه الجميع إلى تطهير جرود القاع ورأس بعلبك من «داعش» فتصبح كلّ الحدود اللبنانية آمنة، ما يسمح للدولة أن تتفرّغ لتأمين الحاجات الاجتماعيّة للشعب اللبناني واللّاجئين السوريّين».
بدوره، أكّد الشيخ عفيف النابلسي في تصريح، «أنّ الوفاء يقتضي منّا أن نقف إلى جانب المقاومة في دفاعها عن لبنان وحرصها الشديد على شعبه، وأن ننحني أمام تضحياتها ونفخر بشهدائها وجرحاها، أمّا الذين يحرصون على حياة الذلّ والخنوع ويتوسّلون بالأميركي فلن يحصدوا إلّا الخيبة والخسران».
وأسف «لهذا التناقض الصارخ في المشهد اللبناني، فبينما يضحّي المقاومون بأرواحهم كي ينتصر لبنان ويأمن شعبه، نجد من يذهب إلى الولايات المتحدة ليكرّس حالة الانقسام بين الشعب والمقاومة والجيش، وليتحدّث عن مصالح قسم من اللبنانيّين، بينما يغضّ النظر عن القسم الذي يساند ويدعم المقاومة بالمال والأبناء وكلّ ما يملك من أجل بقاء لبنان».
وتساءل النابلسي «عمّا إذا يرضى رئيس الحكومة أن تفرض الإدارة الأميركيّة العقوبات على قسم من اللبنانيّين لأنّهم يؤيّدون المقاومة؟ وهل رئيس حكومتنا هو رئيس كلّ اللبنانيين أم أنّه رئيس للقسم الذي لا يبالي إلّا بمصالحه الشخصية ويخاف أن تتعرّض للخطر؟».
واعتبر «أنّ سكوت رئيس الحكومة عن المهانة التي وُجّهت للبنان خلال حديث الرئيس الأميركي، استخفاف بدماء وتضحيات كلّ المقاومين الذين بذلوا أنفسهم في سبيل أن يكون هناك كيان وتكون هناك حكومة وزراء ونوّاب واقتصاد ومصارف».
ورأى المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني، أنّ «تحرير جرود عرسال من الإرهاب على أيدي المقاومة الإسلاميّة والجيش اللبناني في ظلّ احتضان ودعم وطني وشعبي، يطرح مجدّداً أمام اللبنانيّين أولويّة التصدّي المشترك للمخاطر الخارجيّة المتأتية من المشروع الأميركي «الإسرائيلي» وأدواته من أنظمة وقوى سياسيّة ومجموعات إرهابيّة».
وحيّا كلّ الشهداء الذين سقطوا في معركة تحرير جرود عرسال، داعياً إلى «ضرورة استكمال تحرير باقي الجرود وضرب أيّ قاعدة أمنيّة ثابتة للإرهاب وتجفيف منابعه»، مشدّداً على «ضرورة استمرار التصدّي للخطر الداخلي النابع من النظام الطائفي المذهبي، ومن الخطاب المذهبي لبعض القوى السياسيّة اللبنانيّة الساعية لضرب البعد الوطني لهذه المعركة لتحسين موقعها في المعادلة الداخلية».
احتفال جرحى النصر والكرامة
إلى ذلك، شارك رئيس «تيّار صرخة وطن» جهاد ذبيان في مهرجان الفرح الذي أُقيم في بلدة القماطية، والذي أُقيم احتفاءً بعودة جرحى المقاومة من معارك جرود عرسال في مواجهة الإرهاب التكفيري.
وأكّد ذبيان في كلمة له، أنّ «هذا النصر المبارك تحقّق بفضل دماء المقاومين، التي أثمرت الانتصار في تحرير جنوب لبنان عام 2000، وهي نفسها الدماء تزهر نصراً في تموز 2006، وها هي اليوم تسطّر انتصاراً جديداً في جرود عرسال على الإرهاب التكفيري الذي اندحر أمام عظمة وصمود المقاومين، الذين سطروا مجدّداً ملحمة في البطولة والعزّة والكرامة».
وأشار إلى أنّ «هذا النصر المبين هو فخر للبنان وللشعب اللبناني، الذي يفتخر بهؤلاء الشهداء الذين يقدّمون كلّ شيء من اجل أن يبقى الوطن حرّاً عزيزاً مستقلّاً»، وقال: «هؤلاء الشهداء الأبرار الذين لا يأبهون بشيء، ويدفعون ضريبة الدم عنّا من غير منّة هم مصدر فخرنا وعزّتنا».
وختم ذبيان موجّهاً التحية والتبريكات إلى قائد المقاومة السيد حسن نصرالله، الذي وعد بتحرير الجرود والقضاء على الإرهاب، «فكان هذا النصر المبارك في ذكرى انتصار تموز 2006 وعداً صادقاً جديداً، وكلّ نصر ولبنان بجيشه وشعبه ومقاومته بألف خير».
واختتم الحفل بزيارة الجرحى في بلدية القماطيّة.