إنكار وكيدية أم تواطؤ؟
غالب قنديل
أظهرت الأحداث مجدداً أهمية ما قام به حزب الله في سورية وبالذات في منطقتي القصير والقلمون لصد التهديد الإرهابي التكفيري وفي الحد من مخاطره على لبنان وعلى رغم الجحود والإنكار المستمرين اللذين تقابل بهما قوى 14 آذار إنجازات الحزب في مقاومة العصابات التكفيرية تماماً كما كانت تفعل قبل التحرير عام 2000 في التعامل مع بطولات مقاوميه في مجابهة الاحتلال الصهيوني يواصل الحزب الدفاع عن الحدود اللبنانية وفقاً لتعبير بيان قوى 14 آذار بالأمس في وصفه لما جرى في جرود بريتال.
يكرر قادة 14 آذار كلامهم السابق عن المطالبة بانسحاب حزب الله من سورية، وبينما يرفعون صراخهم مجدداً عن أحادية سلاح الجيش اللبناني ودوره في الدفاع عن الحدود نراهم يرفضون قبول الهبة الإيرانية لتسليح الجيش اللبناني وسط عجزهم المتمادي عن تفعيل المساعدات والهبات السعودية المعلقة والتي تخضعها الحكومة الفرنسية جهاراً للشروط «الإسرائيلية» على غرار المساعدات الأميركية التي لم تتضمن حتى الساعة تعزيزاً جدياً لقدرات الجيش اللبناني في مجابهة التهديد الإرهابي التكفيري.
من البدع الافتراضية تطل المطالبة بنشر القوات الدولية على الحدود مع سورية وبغض النظر عن الموقف منها وعن الأهداف الفعلية من وراء اقتراحها فهي غير واقعية وتبددها كما تطعن في جدواها استباحة جماعات الإرهاب المدعومة من الكيان الصهيوني لمواقع قوات الفصل الدولية في الجولان إلى جانب المواقف الغربية المعلنة ضد إرسال جنود إلى خطوط الاشتباك مع التكفيريين وهو ما تحول شرطاً تكوينياً في حملة أوباما الجوية وحلفه ضد الإرهاب.
أما الانسحاب من سورية فيعني إفساح المجال أمام تمدد الجماعات الإرهابية إلى مواقع جديدة قريبة من الحدود اللبنانية تمكن فيها حزب الله بالتعاون مع الجيش العربي السوري من ضرب معاقل الإرهاب خلال المعارك التي شارك فيها المقاومون اللبنانيون ودفعوا بها ضريبة غالية لدفع الخطر بعيداً عن بلدهم وشعبهم بينما كانت قوى 14 آذار غارقة في سبات الوهم الأميركي عن فرص إسقاط الدولة السورية تسخر جهودها لدعم جماعات الإرهاب والتكفير ولاستجلابها إلى سورية عبر الأراضي اللبنانية بضجيج صاخب عن ثورة مزعومة ويقيناً إن الوضع الشاذ في عرسال ومحيطها وفي مناطق أخرى ما هو إلا نتيجة ذلك التورط اللبناني في العدوان على سورية.
يمكن لأي متابع عاقل التأكد بالقليل من البحث الجدي من أن تنظيمي داعش والنصرة يضعان لبنان ضمن أهدافهما وعلى خرائط التخطيط لتدمير المنطقة، أما فصائل ما تبقى مما يسمى بالجيش السوري الحر فهي تريد منذ قيامها التواجد في لبنان لاستخدامه منطلقاً لتحركها في إطار العدوان على سورية وقد مكنتها قوى 14 آذار من إنشاء المعاقل وشبكات تهريب السلاح والأموال في السنوات الماضية وتهشمت تلك الحلقة الجهنمية بعد التحولات التي شهدها الميدان السوري.
إن التصميم على متابعة الحملات السياسية ضد دور حزب الله في سورية في ظل العدوان التكفيري السافر عبر الجرود الواقعة على الحدود لا يكشف فحسب عن عقلية سياسية منافية لمنطق المسؤولية الوطنية بل هو يفضح رغبة دفينة في إحداث ثغرة في معادلات الصمود السوري ووهماً عن إمكانية الانقلاب على ما تحقق منذ معركة القصير من توازنات جديدة أغلقت الكثير من بوابات الحرب على سورية انطلاقاً من لبنان. وهذا ما تجاهر به مراكز الدراسات الأميركية المرتبطة باللوبي الصهيوني كمعهد واشنطن منذ أكثر من سنة وثمة في صفوف الإرهابيين من يراهن عبثاً أيضاً على أن تعاظم التهديد الإرهابي في لبنان قد يفرض مثل هذه النتيجة وذلك سراب وهم لأن المقاومة أثبتت قدرة عالية على تطوير إمكاناتها البشرية والقتالية وهي متحسبة لجميع الاحتمالات في سائر ساحات نضالها دفاعاً عن الشرق العربي وتثبت كفاءة عالية ومرونة كبيرة في التعامل مع جبهات متعددة وتهديدات وجودية يتصدرها خطر العدوان الصهيوني وضمان التطوير المستمر لقدرات الردع علماً أن يوميات جبهة الجولان تجعل الفصل بين الخطرين الصهيوني والإرهابي أمراً في غاية الصعوبة.
المواقف الصادرة عن قوى 14 آذار تشكل تغطية للجماعات الإرهابية المعتدية وتبريراً لجرائمها ولو استفتت تلك القوى «جمهورها» في المناطق البقاعية المهددة لتوصلت إلى موقف معاكس كلياً ولانصرفت للبحث في كيفية تعزيز معادلة الشعب والجيش والمقاومة التي تثبت مرة أخرى أنها صيغة ذهبية للدفاع عن لبنان.
عضو المجلس الوطني للإعلام