دبور: إنجاز هام وضع خطاً أحمر لعاصمتنا لن يستطيع المحتل تجاوزه ثابت: دفاعاً عن التراث والذاكرة في وجه مَنْ يحاول تشويه التاريخ

كرّم الاتحاد العام للمهندسين الفلسطينيين في لبنان، رئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين ونقيب المهندسين اللبنانيين وعضو لجنة التراث في اليونيسكو جاد ثابت، في حفل أُقيم في بيت المهندس ـ بئر حسن، برعاية سفير دولة فلسطين أشرف دبور وحضوره، لدوره في إدراج مدينة الخليل القديمة والحرم الإبراهيمي على لائحة المواقع الأثرية العالمية.

حضر الحفل أنطوان شربل ممثلاً وزير الثقافة غطاس الخوري، الوزير السابق جورج قرم، عميد كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية محمد الحاج، أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات، منسق عام الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة معن بشور، عضو المجلس الثوري آمنة جبريل، وممثلون عن القوى الأمنية والأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية.

عوض

وأشاد رئيس إتحاد المهندسين الفلسطينيين فرع لبنان منعم عوض بمواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «الداعمة لفلسطين والقدس»، مثمناً «الدور الذي قام به النقيب تابت بادراج مدينة الخليل على لائحة التراث العالمي».

وأشار إلى أنّ تابت سعى لسنوات لتكون مدينة الخليل على لائحة التراث العالمي، واستطاع بصفته خبيراً دولياً وعضواً في هيئة التراث العالمي في اليونيسكو إجراء الاتصالات اللازمة «لأنه يعتبر أن هذا الأمر إنجاز قومي».

وأشار عوض إلى أنّ النقيب تابت قدم محاضرة في الجامعة الأميركية في بيروت في أيار الفائت عن تاريخ مدينة الخليل وأهميتها التراثية، مؤكداً أنها جزء لا يتجرأ من التراث الإنساني العام، لافتاً إلى قيام مجموعات من المثقفين في العام 2009 بحملة من أجل حماية تراث الخليل وسط المستوطنات المنتشرة كالسرطان في أنحاء المدينة».

نقيب المهندسين

وألقى النقيب تابت كلمة أكد فيها أنّ «بيت المهندس كان دائماً ولا يزال منارة مشرقة ينطلق منها المهندسون للإطلالة على هموم المجتمع وصرحاً أساسياً للدفاع عن القضايا الوطنية والقومية وعن قضية فلسطين بالذات بصفتها قضية سياسية وأخلاقية كبرى من أجل الحق والحرية، قضية جوهرية تختصر بأبعادها معنى القيم الإنسانية في عالمنا اليوم».

واعتبر تابت «أنّ هذا التكريم ليس له بل للجهود الدائمة التي بذلها المهندسون والمهندسات في لبنان من اجل دعم الشعب الفلسطيني في مقاومته للاحتلال ولاستعادة حقوقه المشروعة في أرضه ووطنه».

وعدّد النشاطات التي قامت بها النقابة، مشيراً إلى أنها نظمت المؤتمر العلمي الأول لهيئة المعماريين العرب تحت عنوان «القدس الآن ـ المدينة والناس وتحديات مستمرة» في العام 1999 في بيروت وكان «من أهم الأنشطة التي أشرف عليها ورعاها النقيب عاصم سلام الذي كان له الدور الكبير في إبراز دور القدس التاريخي والتراثي وفي مقارعة الاحتلال في المحافل الهندسية الدولية».

كما أشار إلى تنظيم النقابة لقاء تضامنياً مع مدينة غزة أثناء حصارها في العام 2008 بإشراف النقيب بلال العلايلي. وقال: «كانت صرخة مدوية انعكست في كلّ المنتديات العربية والدولية وكان لها الصدى العارم في وجه التعسف الإسرائيلي الغاشم».

ثم أكد تابت أنّ تسجيل مدينة الخليل القديمة على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو بصفتها إرثاً فلسطينياً يتهدّده الاحتلال «يؤكد أنّ للمقاومة والصمود أوجهاً متعددة بما في ذلك الدفاع عن التراث والذاكرة في وجه من يحاول محو الماضي وتشويه التاريخ خدمة لهوسه العنصري».

وتحدث عن أهمية مدينة الخليل التاريخية والجغرافية والإقتصادية، وقال: «إنها ملتقى لعدة طرق تربط بين مصر وجنوب بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية، كما أدت دوراً مهما كمركز اقتصادي وثقافي ومركز للحج بالنسبة إلى الأديان السماوية الثلاثة».

وعن الأهمية الدينية لمدينة الخليل، قال تابت: «تشكلت المدينة القديمة حول الحرم الإبراهيمي حيث دفن النبي إبراهيم برفقة زوجته ساره وأبنائهما، وسميت المدينة عند العرب نسبة إلى نبي الله ابراهيم الخليل. عرفت المدينة عصرها الذهبي في العهد المملوكي فاشتهرت بازدهار العلوم الدينية واللغوية وتحولت إلى مركز صوفي مميز وتطورت الزراعة والصناعة في محيطها وأصبحت مركزاً للبريد بين دمشق والقاهرة».

وعن تاريخ المدينة، قال: «تعود جميع الحارات التي لا تزال قائمة في مدينة الخليل اليوم إلى الفترة المملوكية ويمكن التأكيد من خلال قراءة كتابات الرحالة ودراسة عمر الأبنية الى نسيج المدينة القديمة كما هو عليه الآن بأسواقه وحاراته وأزقّته قد حافظ على السمات الأساسية للمدينة المملوكية».

ثم تحدث عن الدور الذي قام به وكيفية إعداد ملف لتسجيل مدينة الخليل القديمة على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، مشيراً إلى الكمية الهائلة من المعلومات والملفات والخرائط والصور التي أرسلتها مجموعة من الفلسطينيين وقام بدراستها بدقة وإمعان وإعداد الصيغة النهائية للسلطات الفلسطينية في خريف 2015 كي يصار إلى عرضه على هيئة التراث العالمي.

وذكر تابت الإجراءات «الإسرائيلية» عن تهويد مدينة الخليل القديمة ومحو هويتها، وكيف تشكلت لجنة إعمار الخليل عام 1996 لمواجهة هذه الإجراءات والتي سمحت بإفشال مخططات سلطات الاحتلال الهادفة إلى إفراغ المدينة من سكانها بغية الاستيلاء عليها.

وعن معنى إدراج مدينة الخليل على لائحة التراث العالمي لليونسكو، قال: «إنّ قضية فلسطين لا علاقة لها بالتعصب الديني أو العرقي أو القومي، بل لها أبعاد أخلاقية وسياسية وفكرية كبرى تخاطب ضمير الإنسانية».

سفير فلسطين

ثم ألقى السفير دبور كلمة جاء فيها: «لقاؤنا اليوم احتفاء بأحد الانجازات العديدة التي تحققت خلال مسيرة نضالنا وهو قرار اليونسكو بالتأكيد على الهوية الفلسطينية للحرم الإبراهيمي والمدينة القديمة لمدينة الخليل وإدراجهما على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر، القرار الذي أفشل محاولات الاحتلال الإسرائيلي بخلق واقع احتلالي صهيوني لمدينة الخليل».

وقال: «اليوم تحقق إنجاز هام وكبير وضع خطاً أحمر لعاصمة دولتنا بمقدساتها الإسلامية والمسيحية لن يستطيع المحتل تجاوزه، وهو مقدمة للعودة الطبيعية للوضع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى كاملاً غير منقوص كما كان عليه قبل العام 1967. إنّ تحقيق ذلك جاء نتيجة التناغم بين تضحيات وصمود شعبنا وموقف قيادتنا وثباتها بقراراتها الصلبة المرتكزة على الثوابت الفلسطينية بإنجاز المشروع الوطني بالوصول إلى أهدافنا بالحرية والاستقلال والعودة، ولتأخذ سلطات الاحتلال العنصرية العبر من بسالة وصمود شعبنا ولتتوقف عن سن القوانين والتشريعات وتطبيق الإجراءات التي تنتهك حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية، ومحاولات تهويد المقدسات وطمس هويتها الأصلية والتغيير الممنهج للطابع التاريخي والديمغرافي لها في خرق لأبسط قواعد ومبادئ القانون الدولي والانساني والتصرف كدولة فوق القانون».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى