عين العرب… مقاومة شرسة والمقاتلون الأكراد يطردون «داعش» من أحيائها الشرقية أردوغان يُحاول بيع الغرب استعداده للتدخل البري «لأنّ القصف الجوي بلا نتيجة»
هل بدأت تركيا تدفع ثمن الغطرسة والعنجهية والسياسات اللاواقعية المستندة إلى أوهام وأحلام عثمانية تدغدغ فؤاد رئيسها رجب طيب أردوغان، رغم أنّ الزمن قد ولّى عليها قبل 100 عام تقريباً.
فها هي الدماء تسيل في شوارع أنقرة، حيث لم تحتمل حكومة أحمد داود أوغلو رؤية تظاهرات داعمة لمدينة عين العرب كوباني المحاصرة من تنظيم «داعش» المدعوم من تركيا، فردّت على المتظاهرين بالرصاص فسقط منهم أكثر من عشرة ضحايا وأصيب عشرات آخرون بجروح.
وكان أردوغان اعتبر أمس خلال إلقائه كلمة أمام اللاجئين السوريين في مدينة غازي عنتاب «في الأراضي السورية المغتصبة» أن العمليات البرّية ضرورية للقضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي.
وحذّر أردوغان من أن مدينة عين العرب «كوباني» السورية على وشك أن تسقط بأيدي التنظيم، وقال: «لقد مرت أشهر من دون تحقيق أي نتيجة، وكوباني على وشك السقوط».
وأضاف أردوغان، موجهاً حديثه للغرب، «لا يمكنكم القضاء على هذا الإرهاب عن طريق القصف الجوي فقط، ولا يمكن إنهاء هذا العمل بعمليات جوية من دون التعاون مع من يقوم بعمليات برية على الأرض». وقال: «لقد حذرنا الغرب. وكنا نريد ثلاثة أشياء. منطقة حظر طيران ومنطقة آمنة موازية لها وتدريب المعارضين السوريين المعتدلين»، مشيراً إلى أن تركيا ستتدخل إذا حدث تهديد للجنود الأتراك الذين يحرسون قبر «سليمان شاه مؤسس السلطنة العثمانية» في سورية وتعتبره أنقره أرضاً تابعة لسيادتها. لكن تركيا لم تتخذ حتى الآن أي خطوة للمشاركة في القتال عبر الحدود.
من ناحيتها، قالت فرنسا أمس إنه من الضروري بذل كل الجهود لوقف تقدم تنظيم «داعش» في مدينة كوباني وإنها تناقش مع تركيا ما ينبغي فعله.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس للبرلمان الفرنسي: «المخاطر كثيرة في كوباني ويجب بذل كل جهد ممكن لوقف إرهابيي داعش وردهم على أعقابهم». وأضاف: «إن مأساة تتكشف ويجب علينا جميعاً أن نتحرك… نتحرك من أجل كوباني».
وقال فابيوس إنه تحدث بالفعل مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو وأن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند سيتحدث مع أردوغان في وقت لاحق «لبحث كيفية التصرف في مواجهة هذا الوضع الملح».
تزامن ذلك مع إعلان الرهبنة الفرنسيسكانية عن اختطاف أب فرنسيسكاني وعدد من السوريين المسيحيين من قبل تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي في قرية القنية التابعة لريف محافظة إدلب.
وقالت الرهبنة في بيان على موقعها في شبكة الإنترنت إنه «منذ اختطافهم ليلة الأحد إلى الاثنين في قرية القنية التابعة لمحافظة إدلب قرب الحدود التركية لم نسمع أي خبر عن حارس الأراضي المقدسة حنا جلوف والكهنة المرافقين له». وأضاف البيان إن «الأب جلوف الذي يتبع لحراسة الأراضي المقدسة قد اختطف ومعه عدد من الرجال المسيحيين في البلدة فيما لجأت الراهبات الفرنسيسكانيات اللاتي كن في الدير إلى عدد من بيوت البلدة.»
وأشارت الرهبنة التي تغطي منطقة الشام وفلسطين المحتلة: «نحن لسنا قادرين على تحديد مكان الأب حنا ورعيته في الوقت الحاضر، ليس لدينا أي إمكانية للاتصال معه أو مع خاطفيه».
إلى ذلك، توسعت رقعة المعارك الشرسة بين مقاتلي الوحدات الكردية وتنظيم «داعش» الإرهابي لتشمل جنوب مدينة عين العرب وغربها، حيث وصلت المعارك إلى داخل المدينة، بعد تمكن «داعش» من السيطرة على ثلاثة أحياء في ناحيتها الشرقية.
لكن قناة «الميادين» ذكرت مساء أمس «أنّ المقاتلين الاكراد استعادوا السيطرة على الاحياء الشرقية لكوباني وطردوا إرهابيّي تنظيم داعش الى اطراف المدينة».
وأكد زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان «أنّ الاكراد في كوباني سيقاومون حتى الرمق الأخير».
كما أكدت مصادر كردية أن المدينة أعلنت عسكرية وجرى البدء بإخلائها من المدنيين، وأن مسلحي التنظيم الإرهابي لم يدخلوها، واستعاد مقاتلو الوحدات السيطرة على تلة عرب بيكار شمال شرقي المدينة كما قتل 15 مسلحاً من «داعش» في كمين في حي الصناعة شرق المدينة.
وتجري هذه التطورات فيما الجيش التركي حشد المزيد من دباباته على الحدود، بينما أفادت الأنباء بأن تظاهرات تعم شوارع دياربكر واسطنبول، فيما تحدثت بعض المواقع عن اشتباكات عنيفة بالأسلحة في مدينتي باطمان وليجة التابعة لديار بكر وعن سيطرة سكانها الكرد على جميع المراكز الحكومية فيها.
وكانت تركيا قد وضعت شروطاً للتدخل العسكري في المدينة، تناولت وقف تعاون وتنسيق الحزب الديمقراطي الكردستاني مع الحكومة السورية وإنهاء إعلان الحزب مناطق الإدارة الذاتية في كل من كوباني، عفرين والقامشلي، إضافة إلى عدم اتخاذ أي خطوات تهدد الأمن على الحدود السورية التركية.
بدوره حضّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كل من له قدرة على مساعدة سكان عين العرب على فعل ذلك. وقال بان في بيان أصدره مكتبه إنه قلق جداً من الهجوم الذي يشنه تنظيم «داعش» على المدينة، وناشد كل من لديه القدرة على فعل شيء لحماية سكانها المنكوبين أن يباشر به فوراً واستشهد بالفظاعات التي ارتكبها التنظيم في العراق وسورية كتبرير لهذه المناشدة.
وفي الحسكة شمال شرقي سورية، قتل 30 مقاتلاً كردياً في انفجار شاحنتين مفخختين يقودهما انتحاريان ينتميان إلى تنظيم «داعش» عند المدخل الغربي للمدينة، استهدف التفجيران مركزين تابعين لوحدات حماية الشعب وعناصر الأمن الكردي.
ونفذت طائرات التحالف الدولي غارات جديدة على مواقع «داعش» جنوب وغرب مدينة عين العرب، في حين أعلن نشطاء أن المعارك هناك امتدت لتشمل جنوب وغرب المدينة التي تقع على الحدود السورية التركية وذلك بعد سيطرة التنظيم على ثلاثة أحياء في شرقها.
وأشار نشطاء إلى ارتفاع عدد القتلى منذ بدء هجوم التنظيم على المدينة في 16 أيلول الماضي إلى 412 بينهم 219 عنصراً على الأقل من «داعش» و 163 من وحدات حماية الشعب الكردي، إضافة إلى مدنيين.
وأضاف النشطاء أن 20 مدنياً كردياً هم 17 مواطناً من ضمنهم فتيان اثنان، أعدمهم التنظيم الإرهابي في ريف كوباني، بينهم 4 على الأقل تم فصل رؤوسهم عن أجسادهم، إضافة إلى ثلاثة قتلوا جراء القصف العنيف على مناطق في المدينة من قبل التنظيم.