رئيس الجمهورية يلتقي الحريري: سنُجري في مجلس الوزراء تقييماً للواقع بعد إقرار السلسلة وثمة ملاحظات لا بدّ من درسها
قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عشية عيد الجيش: «الاستشهاد يرفع الإنسان إلى مستوى القداسة، وإذ نتذكّر اليوم شهداء جيشنا، ننحني أمام أضرحتهم مصلّين».
والتقى رئيس الجمهورية رئيس الحكومة سعد الحريري الذي أكد رداً على سؤال عن معركة جرود رأس بعلبك أن الجيش يجهّز، وعندما تبدأ ساعة الصفر سينتصر، لأن كل القوى السياسية إلى جانبه. وقال واجبي حماية لبنان وشعبه واقتصاده ولا دخل لنا بمواقف الدول الخارجية تجاه بعض الأحزاب اللبنانية. وشدّد على أن الإنجاز الذي تمكنا من تحقيقه هو إقرار السلسلة من دون أن ندخل في ديون إضافية. وهمنا المحافظة على موازنة الدولة.
وكان الرئيس عون أبلغ زواره أنه سيجري مع رئيس الحكومة والوزراء في الجلسة التي يعقدها مجلس الوزراء يوم الأربعاء المقبل، «تقييماً للواقع الذي استجد بعد إقرار مجلس النواب سلسلة الرتب والرواتب والاحكام الضريبية الجديدة، وذلك في ضوء ردود الفعل المتفاوتة التي برزت على مختلف الاصعدة».
واشار الرئيس عون إلى أن «ثمة ملاحظات طرحت في أكثر من قطاع لا بد من درسها بروية ومسؤولية وبعيداً عن المزايدات السياسية والإعلامية، لأن الأمر يتعلق بالسلامة العامة لمالية الدولة من جهة، وبالاستقرار الاجتماعي والاقتصادي من جهة ثانية، إضافة إلى كون التشريعات التي أقرّها مجلس النواب على صلة مباشرة بحقوق العمال والموظفين ومكتسباتهم، والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم، فضلاً عما ترتبه على الدولة من موجبات»، مجدداً تأكيده أن «إقرار الموازنة خطوة ضرورية على مجلس النواب إنجازها في أسرع وقت بهدف انتظام الوضع المالي وتحديد واردات الدولة وما يترتب عليها من نفقات».
وكانت المواقف التي برزت بعيد إقرار مجلس النواب لسلسلة الرتب والرواتب والاحكام الضريبية، محور متابعة خلال اللقاءات التي عقدها الرئيس عون مع زواره في قصر بعبدا، حيث تم عرض عدد من النقاط المتصلة بالسلسلة والضرائب مع سياسيين ومصرفيين ونقابيين، إضافة إلى متابعته مواضيع بيئية وأخرى ديبلوماسية.
سياسياً، استقبل الرئيس عون وفداً من حزب الكتائب برئاسة النائب سامي الجميل الذي قدّم لرئيس الجمهورية دراسة أعدّها الحزب حول «الآثار الاقتصادية والمالية للضرائب التي أقرّها مجلس النواب، وتداعيات كل ضريبة على الواقع المالي»، وتمنّى على الرئيس عون «ردّ القانون الى مجلس النواب لمزيد من الدرس».
وبعد اللقاء تحدّث الجميل للصحافيين: في الوقت الذي يتم فيه إعداد الموازنة، وهناك مبدأ شموليتها ووحدتها، فإننا نتمنّى أن يردّ فخامة الرئيس قانون الضرائب إلى المجلس النيابي لإعادة درسه، وإقرار الضرائب التي لا تطاول اللبنانيين في لقمة عيشهم اليومية ولا تؤثر على قدرتهم الشرائية والتخلّي عن الضرائب الأخرى كافة التي تطاولهم بشكل مباشر، مع تأكيدنا أن هنالك خمس ضرائب محقّة تطاول القطاعات التي تحقق أرباحاً هائلة سواء في المجال العقاري أو غيره، ولكن هنالك خمس عشرة ضريبة غير مباشرة تطاول شرائح المجتمع اللبناني كافة تشكل خطراً على الاقتصاد اللبناني، ومع تأكيدنا كذلك على أحقية السلسلة وضرورة إقرارها وتمويلها من مصادر أخرى بديلة، اقترحنا جزءاً منها على فخامة الرئيس، ونتمنى ان يأخذها بعين الاعتبار».
وتابع «نحن سنلجأ الى خيار الطعن وقد قلنا ذلك، في حال أصرّ المجلس النيابي على هذا القانون، او قرر فخامة الرئيس التوقيع عليه. لكن برأيي اننا لن نصل الى هنا لأن فخامته أبدى اهتماماً كبيراً بما قلناه وقد سمعنا منه كلاماً مطمئناً جداً».
وفي الإطار نفسه، استقبل الرئيس عون وفد جمعية المصارف في لبنان برئاسة الدكتور جوزف طربيه الذي قدّم لرئيس الجمهورية، مذكرة تناولت «ملاحظات الجمعية على بعض الأحكام الضريبية التي أقرها مجلس النواب مع سلسلة الرتب والرواتب»، والتي قال إنها «تخالف الدستور والمبادئ العامة للقانون». وأشار إلى أن من أبرز هذه المخالفات «تلك الواردة في المادة 17 التي تطاول المصارف والمؤسسات المالية، كما تطاول المهن الحرة، ومنها استحداث ازدواج ضريبي على الدخل نفسه ومخالفة مبدأ عدم تراكم الضرائب النوعية ومخالفة مبدأ عدم جواز إعطاء مفعول رجعي للقوانين الضريبية ومخالفة مبدأ اليقين القانوني».
وأكد الرئيس عون لوفد جمعية المصارف، أنه يدرس «كل النقاط الواردة في سلسلة الرتب والرواتب والأحكام الضريبية، في ضوء الواقع الراهن للمالية العامة للدولة والتوقعات المرتقبة»، داعياً إلى «جعل النقاش حول سلسلة الرتب والرواتب وامتداداتها خارج نطاق المزايدات السياسية والشعبية، لأن البلاد لا تحتمل ترف مثل هذه المواقف».
بعد اللقاء، تحدّث الدكتور طربيه إلى الصحافيين، فقال: تداولنا بالوضع المالي من جوانبه كافة، وبصورة خاصة في الأعباء الإضافية التي ستترتب على الاقتصاد الوطني نتيجة التشريع الأخير الذي أقرّه مجلس النواب في الأسبوعين الماضيين والذي يزيد نفقات الدولة بصورة كبيرة جداً، ترافقه تشريعات ضرائبية جديدة، هناك اعتراض كبير عليها من جهات اقتصادية عدّة، وبصورة خاصة، ما يتعلق منها بالازدواج الضريبي الذي أثارته نقابات المهن الحرة، ونثيره نحن كجمعية مصارف، لأنه يتناول تشديد العبء الضريبي بشكل غير متوازن وغير متساوٍ وغير مضبوط بالنسبة لأرباح المصارف. فإذا كانت الضريبة سترتفع من 15 الى 17 ، الا انه بالنسبة الى المصارف فستكون بحسب توظيفات كل مصرف في سندات الخزينة وقد تصل الى 40 أو 50 ، بحيث أن كل مصرف ستكون الضريبة المفروضة عليه مختلفة عن المصرف الآخر. وهذا أمر غير سوي بالنسبة الى التشريع يقتضي المعالجة».
وختم: «لقد تمنينا على فخامة الرئيس إعادة القانون إلى المجلس النيابي من أجل قراءة ثانية له، كما يسمح بذلك الدستور اللبناني للتوقف عند كل الاعتراضات التي أتت من مختلف الجهات وليس من جهة واحدة».
إلى ذلك حضر موضوع سلسلة الرتب والرواتب، بين الرئيس عون ووفد الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرّغين في الجامعة اللبنانية، برئاسة الدكتور محمد صميلي، الذي قدّم مذكرة، ركّز فيها على «واقع الأساتذة المتفرّغين ومكتسباتهم التي تأثرت نتيجة قانون سلسلة الرتب والرواتب، لا سيما منها صندوق التعاضد الذي يشمل الأساتذة في الملاك والتفرغ والرواتب والأجور، لأن المقارنة بنسب الزيادة تظهر أن رواتب أساتذة الجامعة اللبنانية في العام 2012 قاربت الـ 40 ، في حين أن الزيادات التي حصل عليها موظفو القطاع العام بموجب السلسلة الأخيرة قاربت في بعض القطاعات 120 وأصبحت تفوق رواتب أساتذة الجامعة اللبنانية خلافاً لما كان عليه الوضع منذ العام 1998».
وطالب الوفد بـ»إقرار سلسلة رتب ورواتب جديدة لأساتذة الجامعة اللبنانية تنصفهم وتؤكد على موقع الأستاذ الجامعي وخصوصيته».
وردّ الرئيس عون أن «هذه المطالب وغيرها ستكون موضع بحث ونقاش في مجلس الوزراء قريباً».
وفي إطار الاهتمامات البيئية لرئيس الجمهورية، استقبل الرئيس عون وزير البيئة طارق الخطيب، الذي عرض معه «عدداً من المواضيع المتصلة بعمل الوزارة، إضافة إلى عدد من المشاريع التي يوليها الرئيس عون اهتماماً في مجال المحافظة على البيئة وإزالة العوائق من أمام تطبيق إجراءات الحماية البيئية في عدد من المناطق».
وفي المجال البيئي أيضاً، استقبل الرئيس عون وفد الحملة الوطنية لحماية حوض نهر الليطاني، ضم، النائب علي فياض وبسام طليس وأمينة سر الحملة أمل الحاضر وعدداً من رؤساء الاتحادات البلدية والبلديات والمسؤولين عن الشؤون العمالية والبلدية والاجتماعية في المناطق التي يمرّ فيها نهر الليطاني.
وتحدّث في مستهل اللقاء النائب فياض، شاكراً رئيس الجمهورية على استقباله الوفد، مقدماً «التهاني له لمناسبة تحرير جرود عرسال من التنظيمات الإرهابية»، مشيراً إلى أن «حجم التلوث الذي يطاول النهر هائل، وقد بات معروفاً، لكن ما هو غير معروف أن في منطقة البقاع وحدها هناك نسبة 55 مليون متر مكعب من المياه المبتذلة تدخل في النهر، وفي قعر بحيرة القرعون 11 مليون متر مكعب من الرسوبيات السامة، أما في الجنوب فكانت هناك مجارير عائدة إلى 162 منتزهاً تصبّ فيه، إضافة إلى 660 مصنعاً في زحلة وقضائها تمارس تأثيراتها البيئية المباشرة وغير المباشرة عليه، مع وجود نحو مئتي الف نازح سوري على ضفافه».
وكشف عن دراسة طبية أجراها الدكتور وليد سكرية مع الجامعة الأميركية في بيروت، حول «معدلات الإصابة بالسرطان في القرى المحيطة بالنهر، تبيّن فيها أنها أعلى بنسبة خمسة أضعاف مما هو قائم في المناطق اللبنانية الأخرى»، مطالباً بـ «دعم الرئيس عون في جهود مكافحة تلوث نهر الليطاني، خصوصاً بعدما تحوّلت قضيته الى قضية وطنية طارئة، وأن يتبناها مباشرة بصفته رأس الدولة ويوليها أعلى مستويات الاهتمام التي تستدعي إجراءات عاجلة ومستدامة، من بينها التسريع في إنجاز القانون الذي أقرّ في مجلس النواب ويقضي ببناء منظومة محطات تكرير وشبكات صرف صحي تطاول كل حوض النهر، والتشديد في قمع أشكال الاعتداء عليه كافة بشكل حاسم والتي لا تزال قائمة إلى الآن. أما على المدى البعيد، فإضافة إنشاء الإدارة المتكاملة للمياه والحوكمة الخاصة بها والقضاء البيئي والشرطة المتخصّصة بالمياه، بهدف إعادة إحياء نهر الليطاني».
وردّ الرئيس عون مرحباً بالوفد، واعتبر أن «الحل الجذري للمعالجة يقتضي في الطليعة التزام المؤسسات المعنية احترام الشروط البيئية والصحية المفروضة إضافة إلى تحمّل السلطات المحلية مسؤولياتها في هذا الإطار بالتعاون مع أجهزة الدولة كافة»، ملاحظاً أن «السرعة مطلوبة»، داعياً إلى «أعلى درجات التنسيق بين مختلف الأجهزة المعنية لتنفيذ الحل المنشود الذي باتت معالمه واضحة».
وأشار إلى «أن «تمويل مراحل الحل تستلزم الحصول على قروض كبيرة، إضافة إلى معالجات عملية أساسية تتولاها شركات كبرى تعمل بالسرعة اللازمة»، مشدّداً على أن «جميع المواطنين مدعوّون للمساعدة والعمل معاً لحماية نهر الليطاني وإنقاذه»، مؤكداُ «التزامه إيلاء هذا الموضوع الأولوية المطلقة وتخصيص اجتماعات سريعة لبحث موضوع النهر، وطرح ما يلزم على مجلس الوزراء لاتخاذ الإجراءات كافة للانطلاق بالعمل إضافة إلى السعي لإيجاد التمويل المطلوب، لأن كل ما يتعلق بالصحة العامة للمواطنين هو في صلب اهتماماته الأساسية».
دبلوماسياً، استقبل الرئيس عون، سفير ماليزيا بالاشاندران ثارمان لمناسبة انتهاء مهامه في لبنان. والتقى أيضاً سفيرة لبنان المعينة في الصين ميليا جبور التي شكرته على «الثقة التي أولاها إياها رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء».