عريجي: فلسطين هي جوهر الصراع… والأحداث التي تعصف في المشرق تؤكّد أهمّية فكر سعاده
أقامت مديرية بسكنتا التابعة لمنفذية المتن الشمالي في الحزب السوري القومي الاجتماعي ندوة لمناسبة الذكرى الثامنة والستين لاستشهاد الزعيم أنطون سعاده، في سينما «لونا» ـ بسكنتا تحت عنوان «لبنان والصراعات الإقليمية والدولية»، تحدّث فيها الرئيس السابق للحزب جبران عريجي، بحضور رئيس الحزب الأسبق مسعد حجل، عضو المجلس الأعلى نجيب خنيصر، منفذ عام المتن سمعان الخراط، الوزير السابق فادي عبود، رجل الأعمال إيدي معلوف ممثّلاً النائب إدغار معلوف، عضو المكتب السياسي في حزب «الوعد» جيمي كرم، عضو الهيئة التأسيسية في التيار الوطني الحرّ طانيوس حبيقة، الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى الدكتور غالب غانم، رئيس بلدية بسكنتا الدكتور إيلي كرم وأعضاء المجلس البلدي ومخاتير بسكنتا، مسؤول هيئة بسكنتا في التيار الوطني الحرّ لويس كرم على رأس وفد، مسؤول هيئة كفرتيه في التيار الوطني الحرّ مروان الهيبي، رجل الأعمال جورج عبود، مسؤول فرقة «لوبام» روكس حبيقة، مدير مديرية بسكنتا بهيج أبو حيدر وجمع من القوميين والمواطنين.
الخوري حنّا
بدأت الندوة بالنشيدين اللبناني والسوري القومي الاجتماعي، وقدّم لها هشام الخوري حنّا بكلمة جاء فيها: أهلاً وسهلاً بكم في بسكنتا بيت العلم والعدل المنثورة كزنّار زهر على سفح صنين. بسكنتا ولادة الشعراء والأدباء والعلماء وسجّلت اسمها في سجلّ المقاومين مع المناضل المقاوم ضدّ السلطنة العثمانية الطبيب الطريد الدكتور طانيوس أبو ناضر الذي شكّل خلايا سرّية مع كلّ عائلات بسكنتا لإسقاط الحصار العثماني عنها.
وقال الخوري حنّا: نلتقي بكم اليوم في بسكنتا العابقة بأعياد الفرح والحياة والعزّ تمّوز الفداء وأدونيس وبعل وإيل تمّوز التجدّد والانبعاث مع النهوض، واختار سعادة تمّوز شهراً ليختم حياته باسقاً على رمل بيروت معلّماً الأجيال الآتية سموّ التضحية من أجل الحبّ، قائلاً: أليس نبيلاً وشريفاً أن يضحّي الإنسان بكل شيء في سبيل من يحبّ؟ فأزهر دمه في فجر الثامن من تمّوز حبّاً ورجولة ووفاء لبلاده.
وتابع: اغتيل سعاده لأنه وعى حقيقتنا القومية ولأنه حدّد الأخطار، ودعا إلى مقاومة اليهود، وحذّر من الخطر التركي ونبّه من الوهابية البغيضة. ولأنه دعا إلى الوحدة الاجتماعية ورصّ الصفوف ومحاربة الطائفية والمذهبية. لأجل ذلك كلّه اغتيل سعاده، وها هي الأمّة اليوم ما تزال غارقة في مشاكلها ودمائها وأزماتها في العراق والشام حتى فلسطين، فالعدوّ واحد والمعركة واحدة والمصير واحد. ولقاؤنا اليوم في بسكنتا إيماناً منّا بأن الكلمة والحوار هما أداة الصراع الفكري.
عريجي
واستهلّ عريجي كلامه مشيراً إلى أنّ أحد أسباب اغتيال سعاده لأنه نادى بتوحيد الكيانات التي أفرزتها الحرب العالمية الأولى، ولأنه طالب باستخدام النفط كسلاح إنترنسيوني، ولأنه دعا إلى النفير من أجل استعادة فلسطين إلى أهلها وإزالة الكيان اليهودي، فهذه الأسباب كانت الدافع وراء تدبير مؤامرة اغتيال سعاده.
ولفت عريجي إلى أنه يمكن أن نستخلص من أدبيات سعاده أن الأخطار التي نشأت كانت في داخل الكيانات التي أوجدها الاستعمار. كذلك أشار إلى المحاولات الفرنسية والبريطانية للإطاحة بسعاده وتصفيته، لا سيما بعدما أطلق الثورة القومية الأولى، وأعلن التمرّد على الوضع الذي كان قائماً آنذاك، من أجل إحداث تغيير جذري في المجتمع وتصويب البوصلة نحو فلسطين.
وأشار عريجي إلى أنّ الأحداث الأخيرة التي تعصف في المشرق العربي وفي بلاد الشام والعالم العربي، أعادت الاعتبار إلى فكر سعاده ورؤيته، والآن فكره في النسيج العام القومي يحتلّ المرتبة الأولى بعد أن خُوِّن هو وحزبه بكلّ المقولات، واتّهم بالنازية والفاشية والشوفينية، لكن الأحداث جاءت لتؤكّد صحّة نظرة سعاده وتفكيره القومي الاجتماعي.
وإذ لفت عريجي إلى أنّ النهضة كانت موجودة أوائل القرن العشرين من خلال عدد من المفكّرين والمثقفين المسيحيين والمحمديين، أشار إلى أنّ هذه النهضة كانت تحتاج إلى نهضة جديدة، فجاء سعاده بمشروعه وفكره القومي الاجتماعي الوحدوي، فوقعت جريمة اغتياله لأنّه ممنوع أن يكتمل مشروع النهضة في العالم العربي، وتحديداً في بلاد الشام أو سورية الطبيعية.
وأضاف عريجي: أنطون سعاده كان صاحب أوّل فكر مستقلّ في هذا الشرق أساسه مرتبط بفكرة التنظيم والفعل. كما أكد أن لا مجال للمواجهة مع الغرب والاستعمار الا من خلال الفكر الذي أرساه سعاده من أجل القضاء على حالة التفكّك في العالم العربي، حيث يتم استخدام مجموعة أفكار لضرب المجتمع، واليوم، ليس صحيحاً أنّ الغرب يسعى إلى تغيير الأنظمة السياسية، فالمشروع الغربي يسعى إلى تدمير مجتمعنا وكلّ المجتمعات العربية، والذي يحصل في منطقتنا هو حرب المجتمع على ذاته، بهدف تحويل هذه المجتمعات إلى مراعٍ، وإبقاء «إسرائيل» قوية متماسكة ترعى هذه المنطقة، لأنّه لا خطة أميركية مستقلّة عن «إسرائيل».
من جهة ثانية أشار عريجي إلى أن الحالة التكفيرية هي الوجه الآخر للصهيونية العالمية، وقد نشأت في الأحضان الأوروبية والأميركية. وشدّد أن لا خلاص في العالم العربي إلّا بفصل الدين عن الدولة، وهذا المبدأ الذي يعتمده الغرب في بلدانه يرفض أن يُطبَّق على دول العالم العربي، لأنّ عنده عقيدتين، عقيدة للداخل كي يبقى مجتمعهم موحدّاً، وعقيدة للخارج هي الإبقاء على تخلّف هذه المجتمعات كي تبقى مسيطرة عليها.
وختم عريجي داعياً إلى إعادة ترتيب البوصلة باتجاه فلسطين، فهي تمثل جوهر الصراع القومي، لافتاً إلى أن الغرب دائماً يخلق لنا عدوّاً وهمياً لإبعاد الصراع والخطر عن «إسرائيل».