لافروف: حلّ الأزمة يتوقف على حكمة الجميع والصين تلتزم بالعقوبات مهما كانت الخسائر!
أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس بـ «تصدّي دول أخرى لقضية البرنامج الصاروخي لكوريا الشمالية بعد أيام من فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات جديدة على بيونغ يانغ جراء تجربتين بصاروخين باليستيين عابرين للقارات في تموز».
وغرّد ترامب على تويتر قائلاً «بعد سنوات من الفشل تتوحّد الدول أخيراً للتصدّي للخطر الذي تمثله كوريا الشمالية. علينا التحلي بالصرامة والحزم!».
وأقرّ مجلس الأمن يوم السبت مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة بشأن كوريا الشمالية. وانتقد وزير خارجية كوريا الشمالية ري يونغ هو، بتصريحات شديدة اللهجة هذا القرار، الذي وصفه بـ «المفتعل»، متوعّداً الولايات المتحدة مرة أخرى بتلقينها «درساً قاسياً» باستخدام القوة النووية العسكرية.
في السياق نفسه، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، «أنّه من الممكن التوصّل إلى حل يُرضي الجميع لتسوية الأوضاع حول كوريا الشمالية، شريطة أن يتبع اللاعبون كافة المنهج الحكيم إزاء الأزمة الراهنة».
وذكر لافروف أثناء مؤتمر صحافي عقده أمس، في العاصمة الفلبينية مانيلا، على هامش منتدى «آسيان»، «أنه بالرغم من تصريحات بيونغ يانغ شديدة اللهجة بشأن العقوبات الجديدة المفروضة عليها بموجب قرار مجلس الأمن الدولي، ينبغي الاعتماد على الأفعال وليس الأقوال، في تقييم موقف كوريا الشمالية».
وقال لافروف: «سمعت أنّ كوريا الشمالية أعربت على لسان وزير خارجيتها، بعبارات شديدة اللهجة عن رفضها قرار مجلس الأمن الذي تعتبره عديم العدالة، غير أن ممثلي كوريا الشمالية ردّوا بتصريحات مماثلة على جميع القرارات الأممية السابقة بهذا الصدد، ولذلك لننطلق من خطوات محددة تتخذها بيونغ يانغ».
وشدّد رئيس الدبلوماسية الروسية على أنه «لا بديل عن استئناف العملية السياسية، لا سيما المفاوضات السداسية، لتسوية الأزمة الراهنة في شبه الجزيرة الكورية»، مضيفاً «أنّ موسكو وبكين طرحتا مبادرة في هذا الصدد، وتعتزمان تقديمها في الأمم المتحدة، وضمن منتديات دولية أخرى».
وأعرب لافروف عن «استعداد موسكو لمواصلة الحوار مع كوريا الشمالية»، قائلاً: «اعتقد أننا سنتمكن من التوصل إلى حل يُرضي جميع الأطراف، إذا اتبع اللاعبون كافة، بمن فيهم الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، المنهج الحكيم».
من جهته، أعلن وزير الخارجية الصيني وانغ يي «أنّ بكين هي أول المتضررين من قرار مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية».
وشدّد الوزير في بيان منشور على موقع الخارجية الصينية أمس، على أنّ «الصين هي مَن سيدفع أبهظ ثمن لتطبيق القرار الأممي الجديد، نظراً لعلاقاتها الاقتصادية والتجارية التقليدية مع بيونغ يانغ».
وأكد الدبلوماسي الصيني، في الوقت نفسه، «التزام الصين الكامل والصارم المستمر بتنفيذ القرار، من أجل حماية منظومة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل والدفاع عن السلم الإقليمي».
وذكر الوزير بأنّ «القرار، علاوة على تشديد العقوبات ضدّ بيونغ يانغ، يحثّ جميع الأطراف المعنية على استئناف المفاوضات سداسية الأطراف بغية جعل شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من الأسلحة النووية».
تجدر الإشارة، إلى أنّ الوضع في المنطقة لا يزال في «غاية التوتر» في ظل استمرار بيونغ يانغ في إجراء تجارب صاروخية باليستية.
على صعيد آخر، حاول وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في بانكوك أمس، «إقناع تايلاند بالحدّ من علاقاتها التجارية مع كوريا الشمالية»، وسط جهود أميركية لـ«رصّ صفوف حلفاء واشنطن بوجه الطموحات النووية الكورية الشمالية».
وتايلاند إحدى دول جنوب شرق آسيا التي تقيم علاقات دبلوماسية مع كوريا الشمالية، ولدى بيونغ يانغ سفارة على أراضيها، كما تقيم علاقات تجارية جيدة مع نظام كيم جونغ أون.
وتطالب الولايات المتحدة تايلاند بإيقاف عمل الشركات الكورية الشمالية التي تستخدم العاصمة التايلاندية كمركز تجاري لشركات صورية، بحسب مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا سوزان ثورنتون.
وتقول ثورنتون «إنّ وزير الخارجية يسعى أيضاً إلى الضغط على المملكة لتشديد إجراءات منح الكوريين الشماليين تأشيرات دخول إليها وتقليص بعثتها الدبلوماسية».
وأعلن متحدّث باسم الحكومة التايلاندية عقب اللقاء «أنّ المملكة على استعداد للتعاون ولتقديم الدعم من أجل حلّ الأزمة في شبه الجزيرة الكورية»، مضيفاً أنّ «تايلاند ملتزمة بالعقوبات المشدّدة التي فرضتها الأمم المتحدة على بيونغ يانغ».
وقد تكلف تلك العقوبات كوريا الشمالية مليار دولار سنوياً.
وتقول ثورنتون «إنّ تيلرسون حاول كذلك حضّ تايلاند على استقبال المزيد من اللاجئين الكوريين الشماليين».
وطالما شكلت تايلاند ممراً للمنشقين الذين يقومون برحلات صعبة عبر الصين مروراً بلاوس وكمبوديا وصولاً إلى تايلاند، حيث يطلبون اللجوء في السفارة الكورية الجنوبية، إلا أنّ المملكة لا تمنحهم صفة لاجئين.
ويستبعد محللون قيام تايلاند بإعادة صياغة علاقاتها مع كوريا الشمالية.
وفي السفارة الأميركية في بانكوك أعلن تيلرسون، الذي زار تايلاند مراراً بصفته رئيساً لشركة اكسون موبيل، أنه يريد «تطوير» العلاقات بين الولايات المتحدة وأقدم حلفائها الآسيويين «حتى ضمن تقلباتها».
ولم يتضح بعد إلى أي مدى سيضغط تيلرسون على الحكومة العسكرية في ما يتعلّق بقمع الحريات السياسية.
ويجري الرئيس الأميركي إعادة صياغة لعلاقات الولايات المتحدة مع المجلس العسكري الحاكم في تايلاند بعد أن تدهورت العلاقات منذ إطاحة الجيش التايلاندي الحكومة المدنية عام 2014.
وقد دانت الولايات المتحدة حينها الاستيلاء على السلطة ونأت بنفسها من النظام وقلصت مساعداتها العسكرية.
ولكن العلاقات تحسّنت في عهد ترامب، الذي أثار غضب المنظمات الحقوقية بإشادته بالقادة «الأقوياء» حول العالم، مع دعوته زعيم المجلس العسكري التايلاندي لزيارة البيت الأبيض.
ويأتي تحسن العلاقات كذلك وسط تنامي مخاوف واشنطن إزاء نفوذ الصين في المنطقة.
وتشكل تايلاند حجر الزاوية لبرنامج الصين الضخم للبنى التحتية والتجارة المعروف باستراتيجية «حزام واحد، طريق واحد». وتعتزم الصين بناء سكك حديد لقطار فائق السرعة يربط تايلاند بموانئها الجنوبية.