أبو أحمد فؤاد: نرفض عقد المجلس الوطني الفلسطيني تحت حراب الاحتلال الصهيوني

دمشق نعيم إبراهيم

أكّد نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو أحمد فؤاد، رفض الجبهة محاولات عقد مجلس وطنيّ فلسطينيّ بمدينة رام الله في هذه الفترة، وقال إنّ الترتيبات الجارية لذلك تحمل في طيّاتها مآخذ عديدة من قِبلنا، ونحن نرى أنّ الأولويّة راهناً هي لاستعادة الوحدة الوطنيّة الفلسطينيّة، وليس لتكريس الانقسام. ودعا إلى إجراء انتخابات للمجلس في الداخل والخارج.

وتساءل أبو أحمد فؤاد في حديث لـ«البناء» من دمشق، كيف يمكن أن يُعقد مجلس وطنيّ فلسطينيّ في مدينة رام الله تحت حراب الاحتلال، وأكثر من ذلك حصل تطوّر لم نكن نتوقّعه، لأنّه في اللجنة التحضيريّة التي عُقدت في بيروت اتّفق على عقد مجلس وطنيّ توحيديّ على قاعدة اتفاقات القاهرة، وعلى قاعدة إمكانيّة عقد المجلس خارج الوطن حتى يشارك الجميع، إضافةً إلى أنّه لا يمكن لبرلمان في أيّ حركة تحرّر أن يُعقد تحت الاحتلال، خصوصاً في مرحلة التحرّر الوطني.

وأوضح نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أنّ عقد المجلس في هذه الظروف الفلسطينيّة المعقّدة والانقسام القائم، يمكن أن يؤدّي إلى زيادة المشاكل، لأنّ المحاولات التي تسعى لاستعادة الوحدة الوطنيّة مستقبلاً يمكن أن تتكلّل بالنجاح.

وسأل: كيف ستكون الأمور إذا عقدت القيادة المتنفّذة المجلس الوطنيّ في رام الله وفكّر آخرون بعقد مجلس في مكان آخر؟ إنّ هذا يعني أننا دمّرنا هذه المؤسّسة، وبشكل أو بآخر يكون البعض قد ساهم بتدمير منظّمة التحرير كخيمة وكجامع وكمرجعيّة لكلّ الشعب الفلسطيني، وممثل شرعيّ وحيد لهذا الشعب، ولكنّ هذه المنظمة تحتاج إلى إعادة بناء أو إلى إصلاحات أو إلى انتخابات، بمعنى أنّ مؤسّساتها تجب إعادة بنائها على أُسس ديمقراطية كما اتّفقنا في القاهرة، وعلى أساس برنامج وطنّي سُمّي «برنامج الوفاق الوطني» أو «برنامج الأسرى».

وعن المبادرات الفلسطينيّة والعربيّة التي قُدّمت قبل عدّة أيام لإعادة تفعيل الحوار الوطنيّ الفلسطينيّ، رأى أبو أحمد فؤاد أنّها لن ترى النور، وكلّها تُرمى على الطاولة، ولكن لا أحد يناقشها، لأنّ المبادرات يجب أن تُقدّم إلى هيئات أو لحوار وطنيّ شامل، ونحن ندعو لمثل هذا الحوار، علماً أنّ هناك اتفاقات لو التزم بها الجميع لكنّا الآن أمام وضع مختلف تماماً، سواء بالموضوع السياسيّ أو بالموضوع التنظيميّ.

وأضاف أبو أحمد فؤاد، أنّ الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين تفضل الآن العودة إلى الحوار الوطنيّ الشامل رغم كلّ شيء، ولتطرح جميع الأفكار والآراء من قِبل كلّ الفصائل والقوى الفلسطينيّة، وأيضاً المبادرات لهذا الحوار من أجل الوصول إلى حلول للمشكلات المستعصية التي نعاني منها. ولكن هناك نصوص في النظام الأساسي يتمّ تجاوزها الآن، فاللجنة التحضيريّة تبدأ عملها لتحضّر لعقد الدورة المقبلة للمجلس الوطنيّ الفلسطينيّ، وهذه اللجنة تشارك فيها كلّ الفصائل وبما في ذلك اللجنة التنفيذية. وقد اجتمعت اللجنة لمرّة واحدة في بيروت، واتّخذت قرارات أهمّها عقد مجلس وطنيّ توحيديّ، وتمّت مناقشة المكان والزمان، وكان لنا ولغيرنا رأي بأن تُعقد هذه الدورة في الخارج مثل مصر أو الأردن أو سورية أو لبنان أو غيرها، وليس تحت حراب الاحتلال الصهيونيّ. ويجب أن تُعطى الفرصة للجميع من أجل الحضور والمشاركة، بينما المطروح الآن عقد مجلس وطني في رام الله و«فيديوكونفرانس» للخارج. فكيف يمكن أن يحصل ذلك؟ وهل المطلوب إلقاء خطابات فقط، وبالتالي لمن سيكون الـ»فيديوكونفرانس»؟ هذا أمر غير مقبول، ولا نريد تكريس قاعدة بمن حضر أو تحقيق النّصاب زائد واحد أو ناقص واحد، بل نريد القول إنّ هذا مجلس وطنيّ يُجمع عليه الشعب الفلسطينيّ، أو إنّه سيؤدّي إلى مزيد من الانقسام والخلافات.

وأوضح أبو أحمد فؤاد، أنّ الجبهة الشعبية ليست مع أيّ تغيير بهيكليّة منظّمة التحرير الفلسطينيّة والمرجعيات كما هو منصوص عليها بالميثاق الفلسطيني وكما هو منصوص بالنظام الأساسي لمنظّمة التحرير، ومن يريد تقديم مثل هذه الأفكار عليه أن يذهب بها إلى المجلس الوطنيّ المنتخب أو المجلس الوطني المتّفق عليه، لأنّه أعلى هيئة وهو الذي يقرّر أيّ تغيير في هذه الهيكليّة.

من هنا نقول، إنّ الموضوع السياسيّ هو الموضوع الرئيسيّ والاتفاق على الموضوع السياسيّ، ثم بعد ذلك كيف يمكن أن نعطي المجال للشعب الفلسطينيّ أن ينتخب مؤسّساته وهيئاته ويصبح البرلمان الفلسطيني برلماناً منتخباً يحاسِب ويحاسَب. أمّا القائم الآن، فهو حالة من الفوضى حيث لا يوجد مجلس وطنيّ ولا مجلس مركزيّ ولا حتى لجنة تنفيذيّة لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة، وإنما الموجود هو الرئيس الذي يتصرّف فقط، وهذا لا يقبله أحد على الأقلّ في مرحلة تحرّر وطني، وبعد ذلك لكلّ حادث حديث.

وحول مستقبل الملف السوري، قال أبو أحمد فؤاد، لا شكّ في أنّ سورية تخرج تدريجيّاً من الأزمة وستعود حتماً إلى وضعها الطبيعي واحدة موحّدة، بدعم الأصدقاء والحلفاء، وهذا شيء مهمّ ويصبّ في مصلحة فلسطين، وهي دفعت ثمناً كبيراً على هذا الطريق. ولكن من المهمّ الإشارة هنا إلى أنّه كلّما تقدّمت سورية باتجاه الحلّ، كلّما تسارعت الخطى من قِبل القوى المعادية لإنهاء القضيّة الفلسطينيّة بالطريقة التي تريدها الولايات المتحدة الأميركية، والتي يريدها الكيان الصهيونيّ، في ظلّ انشغال العالم العربي بأزماته الداخليّة وتسريع وتيرة التطبيع من قِبل البعض، وقبل أن يتغيّر الوضع في سورية أو العراق أو مصر أو في دول الطوق ومن بعد ذلك بقيّة الدول العربية.

لكنّنا نؤكّد، أنّ القضيّة الفلسطينية لن تنتهي، مهما حصل من أزمات وانهيارات في الوضع العربي ومن تغيّرات بالوضع الدوليّ، وهذا ثابت من ثوابت الشعوب عبر التاريخ، خاصة في مواجهة الاستعمار.

ولذلك، مطلوب منّا كفلسطينيّين وكفصائل أن نصمد ولا نقدّم أيّ تنازل، وفي نفس الوقت نراهن على المرحلة المقبلة عربياً ودوليّاً، لأنّ مؤامرة الربيع العربي انتهت، وأنا متفائل إزاء هذه المرحلة إذا ما رتّب الفلسطينيّون أوضاعهم الداخليّة واستعادوا الوحدة الوطنيّة وركّزوا على المقاومة ودخلنا كفلسطينيّين كلّنا في محور المقاومة، وليس محور السعودية ومؤتمراتها، ولا محور الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ونحن كفلسطينيّين يجب أن نكون هنا.

وحول مستجدّات أزمة مخيم اليرموك، أكّد أبو أحمد فؤاد أنّها شارفت على الانتهاء، من دون معارك ودم أسوة ببعض المناطق السوريّة التي شهدت مصالحات وطنيّة.

وطالب نائب الأمين العام للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، حركة حماس بالعودة إلى الاتجاه الذي يخدم القضيّة الفلسطينية، وقال إنّ موقفهم إزاء سورية مؤسف جداً، غير أنّني أعتقد أنّ مراجعة تجري الآن من قِبل بعض قيادات الحركة للعلاقة مع سورية، ولما جرى من قِبلهم بالنسبة للبلد. وهناك محاولات لفتح حوار أو اتصالات، ربما تجد طريقها إلى النور.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى