عشق الصباح
عشق الصباح
كان الموج يرتل باللازورد أسرار البوح، وأنا أقصّ عليها من حكايات الذاكرة. أتدري كلّ السموات تُمطر ماء، إلا سماء دمشق تُمطر ماء بعطر الياسمين. هناك تتعلّق العيون بالأنجم الزهر المعلّقة في الفضاءات المطلقة كالقناديل، تلك الثريا وعلى كتف القمر بنات نعش يرافقه نجم سهيل. لا وقت للكلام، كنا نرتشف قهوتنا بصمت حيث يهطل الندى على شرفات الياسمين مزهواً أنيقاً نقياً كحبات مطر كانون. بردان تعال لصدري هنا دفؤك المشتهى، ملامح وجهك شرقية وفي عينيك بريق أخّاذ يسحر الفؤاد ويتركني مربكاً، وأنا أرقب تقطر شهد الابتسامات الساحرة من ثغر الجلنار. هناك على حافة مقهى «النوفرة» كم مشينا بلا أيّ قيود وتلاقينا وحكينا وتشابكت أيادينا وحلقت الأحلام؟ تحت ظلال النارنج تعربش على شبابيك البيوت المتلاصقة بحميمية يمام الشام، لم تزل نظرات تلك الصبية من خلف شبابيك الخشب المعشق بالزجاج والورد وهي تلقي على رؤوسنا حفنات من الياسمين عالقة في الذاكرة. هناك تركت حكايات العشق في ظلال الياسمين، ألف قصة معلقة كسراج قديم متروك في تلك الأمكنة الدافئة والحميمة. وألف تنهيدة انتظار، وألف قبلة مشتعلة كجمر تركتها على خدود الورد وشفاه الجلنار، لم يعد متّسع في العمر يا صديق الحكايات. تعال نخبّئ سر العشق في موجة بحر عابرة، أو في زوايا المقاهي نتبادل حكاياتنا وناي فيروز يرتّل «شهد العسل، جاب العسل من وين»… اشتقت إليك.
حسن ابراهيم الناصر