كابول ترحّب بقرار ترامب إبقاء قوات أميركية في أفغانستان وطالبان تتوعّد الأميركيين بـ «مقبرة جديدة»
رحّبت الرئاسة الافغانية أمس، بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب «العدول عن أي انسحاب لبلاده من أفغانستان» ممهداً الطريق أمام إرسال جنود إضافيين في ما توعدت حركة طالبان الاميركيين بـ «مقبرة جديدة» رداً على هذا الإعلان.
وفي خطاب ألقاه أول أمس، عرض الرئيس الأميركي استراتيجيته لأطول نزاع في تاريخ الولايات المتحدة، وصعّد كذلك الضغوط على باكستان متّهماً إياها بأنها «ملاذ لعملاء الفوضى».
وقال الرئيس الأفغاني أشرف غني خلال زيارة للقوات الأفغانية في قندهار، مهد حركة طالبان الافغانية، «إنه يوم تاريخي بالنسبة إلينا. اليوم أثبتت أميركا أنها تقف معنا بدون أي مهلة زمنية».
وتوجه لحركة طالبان بالقول «لا يمكنهم الانتصار في هذه الحرب. أبواب السلام والمفاوضات مفتوحة أمامكم».
لكن حركة طالبان سارعت للردّ على إعلان ترامب متوعدة الأميركيين بـ «مقبرة جديدة» في حال أصرّوا على البقاء في هذا البلد.
وقال المتحدث باسم المتمردين ذبيح الله مجاهد في بيان «إذا لم تسحب الولايات المتحدة جنودها من أفغانستان، فإن أفغانستان ستصبح قريباً مقبرة أخرى لهذه القوة العظمى في القرن الحادي والعشرين».
وأضاف مجاهد «طالما هناك جندي أميركي واحد على أرضنا، وطالما أنهم مستمرّون بالحرب ضدّنا، فسنستمرّ في جهادنا».
وفي خطاب استمر حوالى عشرين دقيقة، لم يحدد ترامب أي أرقام حول مستوى الانتشار العسكري وأي مهلة زمنية له، معتبراً أنّ الدخول في هذه التفاصيل يعطي «نتائج عكسية».
لكنه أكد قناعته الراسخة بأنّ انسحاباً متسرعاً من أفغانستان سيوجد فراغاً يستفيد منه «الإرهابيون» من عناصر القاعدة وتنظيم «داعش».
وفي بادرة نادرة، أقرّ ترامب صراحة بتبديل موقفه حيال هذا الملفّ الشائك، فقال في الكلمة التي ألقاها من قاعدة فورت ماير إلى جنوب غرب واشنطن وكانت موضع ترقب شديد «حدسي الأساسي كان الانسحاب، لكن القرارات تكون مختلفة جداً حين نكون في المكتب البيضاوي».
وأيّد ترامب مراراً قبل وصوله إلى البيت الأبيض انسحاب بلاده من أفغانستان وكتب على تويتر في كانون الثاني 2013 «لنغادر أفغانستان»، مضيفاً «قواتنا تتعرض للقتل بيد أفغان تولينا تدريبهم ونحن نهدر المليارات هناك. هذا عبث. تجب إعادة إعمار الولايات المتحدة».
وقال مسؤول أميركي كبير «إن ترامب أعطى الضوء الأخضر للبنتاغون من أجل نشر تعزيزات يصل عديدها إلى 3900 جندي إضافي».
ورحّب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أمس بـ «المقاربة الجديدة» للولايات المتحدة. وقال: «إنّ الحلف الذي تدخل في أفغانستان بعد اعتداءات 11 أيلول بطلب من الولايات المتحدة لن يسمح أبداً بأن يصبح هذا البلد مجدداً ملاذاً للإرهابيين».
لكن خبراء عديدين اعتبروا «أنها ليست مقاربة جديدة، وإنما إجراءات سبق أن تمّت تجربتها في الماضي»، بحسب ما قال البروفسور جيمس در ديريان من مركز دراسات الأمن الدولي في جامعة سيدني.
وقال المتخصّص في شؤون الدفاع الأفغانية فدا محمد إن خطاب ترامب كشف عن «خطة طوارئ أكثر من استراتيجية طويلة المدى، إنّ الأمر لا يتعدّى خطة مؤقتة لاحتواء الحرب والتقدم الذي أحرزته طالبان».
وينتشر حالياً حوالى 8400 جندي أميركي في أفغانستان في إطار قوة دولية تعد بالإجمال 13500 عنصر، وتقوم بصورة أساسية بتقديم المشورة لقوات الدفاع الأفغانية.
من جهتها، دعت باكستان أمس، إلى «إحلال السلام في أفغانستان» المجاورة وتعهّدت بـ «العمل على القضاء على الإرهاب» بعد الانتقادات التي وجّهها لها في خطابه.
وفي سياق عرضه استراتيجيته بشأن أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في تاريخها، وجّه ترامب تحذيراً شديد اللهجة إلى إسلام أباد التي اتهمها بأنها «قاعدة خلفية لحركة طالبان».
وقال «إنّ باكستان ستكسب الكثير إن تعاونت مع جهودنا في أفغانستان. وستخسر كثيراً إذا واصلت إيواء مجرمين وإرهابيين»، مضيفاً «يجب أن يتغيّر هذا، وسيتغيّر على الفور».
واستبق الجيش الباكستاني أول أمس، خطاب ترامب بإعلانه أنّ باكستان، الداعمة لحركة طالبان، لن تؤوي بعد الآن «أي بنية تحتية لأي منظمة إرهابية».
أما في نيودلهي، فرحّبت وزارة الخارجية الهندية ببيان بخطة ترامب قائلة «نرحّب بتصميم الرئيس ترامب على تعزيز الجهود لتجاوز التحديات التي تواجهها أفغانستان ومواجهة مسائل الملاذات الآمنة والأشكال الأخرى من الدعم عبر الحدود الذي يحظى به الإرهابيون».
لكن الصين دافعت عن حليفتها إسلام اباد قائلة «إنّ جارتها تستحق دعماً من المجموعة الدولية بعد التضحيات الكبرى التي قدمتها في مكافحتها التطرف».
بدورها، قالت وزيرة الدفاع الألمانية، أورسولا فون دير ليين: «إنّ ألمانيا لن تكون من بين أولى الدول التي ستلتزم بإرسال مزيد من الجنود إلى أفغانستان تلبية لطلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب».
وقالت ليين، خلال زيارة إلى قاعدة للغواصات في شمال ألمانيا: «رفعنا عدد قواتنا 18 في العام الماضي عندما كان الآخرون يخفضون قواتهم. لهذا لا نرى أنفسنا في الصف الأول من الدول المطلوب منها زيادة قواتها».