أنصاري من بيت الوسط: القواسم المشتركة بغضّ النظر عن بعض التباينات بإمكانها أن تؤسّس منطلقاً صلباً لحل الأزمة السورية

تمنّى مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية حسين جابري أنصاري، للبنان المزيد من الوحدة الداخلية والتوافق السياسي والمزيد من المكتسبات والإنجازات السياسية البناءة لهذا البلد.

واصل أنصاري، الذي يزور بيروت راهناً، لقاءاته كبار المسؤولين فزار في اليوم الثاني على التوالي والوفد المرافق الذي يضمّ السفير الإيراني محمد فتحعلي، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وتمّ عرض آخر التطورات في لبنان وسورية والمنطقة.

والتقى أنصاري يرافقه السفير الإيراني رئيس الحكومة سعد الحريري في بيت الوسط، بحضور النائب السابق باسم السبع، وعرض معه آخر المستجدات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.

بعد اللقاء، قال أنصاري: «إنها فرصة طيبة أتيحت لي أن أزور للمرة الثانية الرئيس الحريري. وفي بداية عمل الحكومة الإيرانية الجديدة، بعد نيلها الثقة من مجلس النواب الحالي، جاءت زيارتي الحالية إلى لبنان، حيث كانت لي سلسلة لقاءات مع المرجعيات السياسية اللبنانية المحترمة. وتشرفنا بزيارة الرئيس الحريري حيث أكدت له أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية عازمة على توثيق علاقاتها الثنائية في لبنان، إن كان على المستوى السياسي أو الاقتصادي. كما كانت مناسبة استعرضنا خلالها مع دولته التطورات والمستجدات السياسية كافة، الإقليمية منها والدولية والملفات السياسية، وما يمكن أن يُعمل في إطارها من أجل الوصول لظروف أفضل».

وأضاف: «نحن على ثقة تامة أنه بفضل الفهم المشترك من قبل إيران ولبنان للأخطار السياسية التي تتهدد هذه المنطقة، وبفضل المصالح المشتركة التي تجمع البلدين والحكومتين والشعبين، سيكون هذان الأمران العاملين الأساسيين لمزيد من ترسيخ وتطوير التعاون الثنائي بيننا في المجالات كافة».

وختم قائلاً: «نحن نعتقد في هذا المجال أن تعزيز العلاقات والروابط بين إيران ولبنان لا يترك آثاراً إيجابية على البلدين فحسب، وإنما ينسحب في مجال إيجاد مناخات إيجابية ومؤاتية على صعيد المنطقة برمّتها. ونأمل أن نوفق من خلال التعاون الثنائي بتطوير مستوى التعاون في المستقبل بالمجالات كافة، إن شاء الله. كما أننا على ثقة تامة بأنه بفضل الحكمة والدراية السياسية البالغة الموجودة لدى القيادات والمرجعيات السياسية اللبنانية، سواء من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة، ونظراً للأخطار الداهمة والمشتركة، وكذلك المصالح المشتركة، فإن هذه العوامل برمتها سوف تساعد إلى حد كبير في تقريب وتوطيد علاقات التعاون بين إيران ولبنان على الصعد كافة».

ورداً على سؤال عن قضية المواطن اللبناني نزار زكا؟ أجاب: «نعم، لقد أتينا على ذكر هذا الملف مع الرئيس الحريري، وكما تعرفون فإن هذا الملفّ له تعقيداته الخاصة وهناك اتهامات موجّهة للأستاذ نزار زكا في مجال التجسس لصالح الولايات المتحدة الأميركية، ولكننا نأمل أن يسير هذا الملف في إطاره القضائي الصحيح».

وحول ما يقوم به الجيش اللبناني في منطقة جرود لبنان، أجاب: «الحمد لله، شهدنا في الآونة الأخيرة أن الجيش اللبناني الباسل من جهة، والمقاومة اللبنانية من جهة أخرى، وبفضل هذا التكاتف والدعم الجماهيري والوحدة الوطنية اللبنانية التي تجلّت في هذا الإطار، نرى أن لبنان الشقيق قد تمكّن من إنجار الكثير على طريق الانتصارات الميدانية المؤزرة ضد قوى الإرهاب والتطرف، ونحن على ثقة تامة أنه انطلاقاً من هذه الروحية، سوف يتمكن لبنان من وضع حد نهائي لخطر الإرهاب والتكفير في ربوعه.

وأغتنم هذه المناسبة لكي أتقدم بالتهاني من الجمهورية اللبنانية قيادة وحكومة وشعباً وجيشاً ومقاومة تجاه هذه الانتصارات المؤزرة التي تمكنت من تحقيقها في الآونة الأخيرة. وعندما نذكر هذه الانتصارات، لا بد لنا أن نستذكر الدماء الزكية للشهداء اللبنانيين البررة الذين قدموا حياتهم في مجال دفاعهم عن وطنهم لبنان. كما نتوجّه بتحية إجلال وإكبار إلى عوائل الشهداء الذي قدّموا هذه التضحيات وتحملوا هذه المسؤوليات».

وأشار رداً على سؤال إلى انسجام وتوافق في وجهات النظر مع الرئيس الحريري تجاه بعض جوانب هذه الأزمة، فعلى سبيل المثال، كان هناك اتفاق في وجهات النظر على ضرورة مواجهة قوى التكفير والإرهاب والتطرف في سورية ودول هذه المنطقة كافة، وأنه لا بد للحل السياسي أن يشق طريقه ليضع حداً نهائياً لهذه الأزمة المستعصية في سورية. وأنا أعتقد أن هذه القواسم المشتركة، بغض النظر عن بعض التباينات والتفسيرات السياسية، بإمكانها أن تؤسس منطلقاً صلباً لحل الأزمة السورية، لا بل كل الأزمات التي تعصف بدول هذه المنطقة وشعوبها.

والجمهورية الإسلامية الإيرانية ما زالت على موقفها الدائم في مجال المساعدة بكل ما من شأنه أن يؤدي إلى إيجاد مخرج سياسي وحل سياسي للأزمة السورية، استناداً إلى هاتين النقطتين الأساسيتين اللتين أتيت على ذكرهما».

كذلك زار المسؤول الإيراني شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن وكانت مناسبة أكد فيها حسن أهمية «أن تبذل كل الدول الإسلامية الفاعلة الجهود لتمتين وحدة صف الأمة والتكاتف في وجه المخاطر والتحديات والتطرف والإرهاب»، مشدداً على أن «إيران قادرة من موقعها على القيام بالكثير في هذا المجال»، مشيراً إلى «ضرورة المحافظة على خصوصيات كل دولة من دولنا العربية والإسلامية، وفي مقدمها لبنان الذي يتصف بميزة التنوع والتعددية التي تشكل غنى له وللمنطقة برمتها».

بعد اللقاء ادلى أنصاري بتصريح قال فيه: نحن نعتبر أننا اذا عرضنا التاريخ السياسي في لبنان نجد أنه لطالما لعبت الطائفة الدرزية دوراً بناءً تاريخياً إيجابياً للغاية، لجهة حفظ التوازنات الداخلية في لبنان الشقيق، وفي المرحلة الأخيرة لعبت هذه الطائفة الدور الكريم والإيجابي نفسه في مجال تحقيق التوازنات والتوافق السياسي الذي جرى في لبنان في الآونة الأخيرة، وأدى إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، ثم أدّى إلى تحقيق مزيد من المكاسب السياسية للبنان الشقيق. وزيارتي اليوم للشيخ حسن ولرئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط أول أمس، وهو أحد القادة السياسيين البارزين في الطائفة الدرزية الكريمة، هي للتأكيد أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تثمن وتقدر عاليا الدور التاريخي والراهن لهذه الطائفة الكريمة في تحقيق التوازن الداخلي في لبنان، وتحقيق المزيد من المكاسب السياسية للمصلحة الوطنية اللبنانية العليا .

والتقى أنصاري في مقر السفارة الإيرانية في بيروت، وفداً من ممثلي الأحزاب والقوى الوطنية والإسلامية، بحضور رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو ممثلاً بالعميد وائل الحسنية، الأمين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان والنائب الأسبق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي الذي قال بعد اللقاء: ليست المرة الأولى التي يدعو فيها السفير الإيراني بعض الشخصيات وهذه النخب إلى لقاء يُسمّى بلقاء التشاور، لقاء يقوم فيه الزائر الكريم، الذي يمثل وجهة نظر رسمية وازنة في الجمهورية الإسلامية، بنقل أجواء المنطقة وأجواء التطورات السياسية على مستوى المنطقة ومستوى العالم في هذه التطورات، وختاماً حتى في الملف النووي المتعلّق بالتطورات الأخيرة بشأنه .

وأضاف: أنه أمر مفيد جداً أن نستمع إلى وجهات النظر هذه، لأنه ينقلها بنقاء وعمق ما يمكن الشخصيات اللبنانية من أن تسمع وجهة النظر الأخرى التي هي وجهة نظر فاعلة جداً، وثبت خلال التاريخ الحديث أن التطورات في المنطقة والانتصارات التي تمّت كانت وجهة نظر سبق للجمهورية الإسلامية أن تحدثت عنها والتي أدّت إلى النتائج الواضحة لساحتنا العربية والإسلامية. أنا أعتقد أن اللقاء كان مثمراً ومفيداً، وأكرر الشكر لسفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية .

والتقى أنصاري الرئيس أمين الجميل في بكفيا. وزار يرافقه السفير الإيراني ووفد، تجمع العلماء المسلمين في مركزه في حارة حريك، وكان في استقباله المجلس المركزي للتجمّع.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى