الجلسة العامة: حمام وقرود و«أنبياء»

هتاف دهام

لم تحمل الحمامة التي دخلت إلى لوبي المجلس النيابي أي بشرى سارة. لم يخرج اسم رئيس الجمهورية العتيد من القاعة العامة. فالجلسة التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لم تنعقد للمرة الـ13 بسبب عدم اكتمال النصاب الذي اقتصر على 58 نائباً، على أن يتكرّر السيناريو نفسه في موعد الجلسة الرابعة عشرة في 29 تشرين الأول. فلا بوادر في الأفق توحي بأن الانتخابات الرئاسية ستحصل قبل التمديد المرتقب في مطلع الشهر المقبل. دخلت حمامة إلى بهو المجلس من دون أن تحمل في منقارها غصن الزيتون الذي يرمز الى السلام. المؤتمرات الصحافية التي عُقدت لسعادة النواب: بطرس حرب، دوري شمعون، إيلي ماروني، أحمد فتفت، إيلي كيروز، بدر ونوس، خالد الضاهر، قاسم هاشم، أكدت أنّ الصراع لا يزال على أشدّه بين نهجين متناقضين.

لم يملّ نواب 14 آذار من الاستعراض في كلّ جلسة. إلا أنّ بعض المحطات التلفزيونية ملّت من اجترار الكلام نفسه منذ الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس. فقرّرت على غرار قناة «الجديد» الاعتكاف عن النقل المباشر لأيّ من المؤتمرات الصحافية من ساحة النجمة، وقرّرت عدم نقل المؤتمر الصحافي لرئيس حزب «القوات» الذي يعقده عقب كلّ جلسة في معراب.

لم يأبه النواب لذلك، استمرّوا على المنوال ذاته. إلا أنهم حوّلوا وجهة مؤتمراتهم من الحديث عن المعوقات التي تمنع إقرار سلسلة الرتب والرواتب وتبادل الاتهامات والاتهامات المضادة حول الجهة المعرقلة، إلى الحديث عن الأوضاع الأمنية من عرسال، الى بريتال، وصولاًً إلى شبعا.

نال حزب الله النصيب الأكبر من الاتهامات كالعادة، ما دفع بعض الصحافيين الى التهكم والسخرية «منيح اللي في حزب الله، والا ما كان فريق 14 آذار وجد شي يحكي فيه».

شنّ النائب فتفت هجوماً على عملية حزب الله في مزارع شبعا، معتبراً «أن ليس من حق أيّ فريق سياسي أن يحدّد قرار الحرب والسلم متى يشاء، وهذه المسؤولية هي مسؤولية الجيش اللبناني، وليست مسؤولية ميليشيا مرتبطة بالخارج»، وقال: «نسأل حزب الله، هل المصالح اللبنانية هي الأوْلَى ام مصالح إيران والنظام السوري».

نائب الضنية الذي رفض التراجع عما قاله حول «الحدود الإسرائيلية» للبنان خلال مؤتمره، واستبدالها بفلسطين المحتلة، تكهرب من كلام مراسل «المنار» علي رسلان الذي قال له: «عندما كنت أنت وزيراً للداخلية قامت قوى الأمن الداخلي بتقديم الشاي للعدو الاسرائيلي» ، في إشارة إلى حفلة الشاي في ثكنة مرجعيون عام 2006، فردّ فتفت بعصبية: «فشرت، ما ضيفت شاي»! وحاول تبرير ما فعله ونفي التهمة واعتبار انّ كلّ ما حصل كان ملفّقاً، ومدّعياً بأنّ مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا قال له: «لم يمرّ أحد على وزارة الداخلية ويخدم المقاومة كما خدمها أحمد فتفت». أنهى فتفت الغاضب كلامه ونزل مسرعاً عن المنبر، ليتوجه إليه نائب الغفلة بدر ونوس مصفقاً ومهنئاً إياه على كلامه المليء بالحقد والكراهية. لم يعر أحد اهتماماً للنائب الطرابلسي الذي كان جالساً في صفوف الصحافيين، إلى ان جاء دوره بالكلام، فسألت إحدى الصحافيات «مين هيدا كنت مفكرتو مستشار فتفت».

لم يستفز فتفت والنائبين الضاهر وونوس، اعتداء «جبهة النصرة» على موقع لحزب الله في جرود بريتال، واستشتهاد عدد من مقاوميه، ما استفزه وكتلته مجتمعة، دفاع حزب الله عن جنوب لبنان في وجه العدو «الاسرائيلي»، ودفاعه عن الحدود الشرقية في مواجهة «داعش» و«النصرة». لتبدو الصورة وكأنّ هذا التيار يدافع عن الإرهاب «الاسرائيلي» وإرهاب المجموعات المسلحة التي تذبح وتنكّل بالجيش اللبناني من دون أي مواربة.

لم يقتصر كلام النائب الضاهر الذي امتنعت المحطات التي كانت تنقل مباشرة من ساحة النجمة عن نقل كلمته، لاعتبارات وطنية تتصل بالجيش، على حزب الله والتيار الوطني الحر. فبعد الضاحية والرابية، وصل الضاهر أو كما سمّاه النائب هاشم بـ«الأنبياء» إلى المختارة، موجهاً رسالة شديدة اللهجة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، طالباً منه «ضب قروده» بالإشارة إلى من يهاجمه من وزراء جبهة النضال الوطني، وخصوصاً وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور حين قال الأخير «إنّ مهاجمة مؤسسة الجيش خيانة وطنية»، معتبراً «أن لا أحد يحق له إعطاءه دروساً في الوطنية»، ومتوعداً بنبش الماضي وفضح الكثير من الحقائق المخفية.

وفيما توالى على الكلام نواب 14 آذار، فإنّ النائب هاشم كان ينتظرعلى باب غرفة الصحافيين، مستمعاً بإمعان الى الكلمات وساخراً من تحليلات وتلفيقات نواب المستقبل ليردّ عليها. وحده النائب عن فريق 8 آذار الذي بقي في المجلس للردّ على ما قيل. أكد أنّ ما حصل على طول الحدود الشرقية منذ فترة هو عامل ردع. والمقاومة تعمل لحماية لبنان من عصابات الإرهاب التي تضع لبنان في دائرة استهدافاتها، كما يستهدفها العدو «الاسرائيلي» من بوابة الجنوب، فلبنان مستهدف من عدو «اسرائيلي» ومن عدو إرهابي على حدّ سواء، والخطير جداً هو الاستمرار في الانقسامات حتى حول الثوابت الوطنية.

في غضون كلّ ذلك، بقي النائب القواتي كيروز مسخراً جهوده على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، مكرّراً ما قاله في الجلسات السابقة «إنّ اقتراح القانون بانتخاب رئيس مباشرة من الشعب الذي تقدّم به رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون يستلزم ظروفاً وطنية هادئة غير متوافرة حالياً، ولفت إلى انّ المطلوب العمل على تثبيت المؤسسات الدستورية بدلاً من طرح المناقشات الدستورية، داعياً التيار الوطني الحر إلى اتخاذ موقف جريء وانتخاب رئيس للجمهورية. فيما أصدر النائب بطرس حرب ورئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون، بياناً بعد جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية، حملا فيه حزب الله والعماد عون مسؤولية تعطيل انتخابات الرئاسة، ليغيب عن الجلسة النائب الذي يلاحق كاميرات الصحافيين جورج عدوان، ويحضر النائب سامي الجميّل «كزدورة بالجينز».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى