إبراهيم في عيد الأمن العام: المطلوب استراتيجيّة دوليّة لمحاربة الإرهاب
أكّد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على أهميّة بذل المزيد من التضحيات والعمل الجادّ في المرحلة المقبلة، لأنّ الإرهاب ما يزال يتنفّس ويتحرّك، ما دام المجتمع الدولي لم يتوصّل بعد إلى وضع صيغة تعاون مشتركة، مبنيّة على استراتيجية متكاملة لمحاربة سرطان التطرّف على كلّ المستويات الاجتماعية والفكرية والاقتصادية والأمنيّة والعسكرية.
كلام اللواء إبراهيم جاء خلال «أمر اليوم» الذي وجّهه إلى العسكريّين أمس لمناسبة مرور 72 عاماً على تأسيس المديرية العامّة للأمن العام الواقع في 27 آب من كلّ سنة، وقال: «أيّها العسكريون، يشكّل عيد الأمن العام مناسبة وطنيّة جامعة، نفخر به ونعتز بشهدائنا الذين سقطوا دفاعاً عن لبنان وشعبه. هذا الاستحقاق السنويّ لا يقاس إلّا بما يتحقّق من إنجازات أمنيّة وخدماتيّة. فكانت الإدارة الفاعلة والراقية التي ارتكزت إلى التحديث والتطوير، وكان الاستقرار الداخلي والسّلم الأهلي ومحورهما استراتيجيّة الأمن الاستباقيّ والحضور الميدانيّ، بحيث انتقلنا من موقع المُدافع إلى وضعيّة المُبادر في حربنا على الإرهاب والتصدّي للعدو «الإسرائيلي» وعملائه في الداخل وعلى الحدود».
وأشار إلى «أنّنا شهدنا في السنوات الأخيرة تطوّرات متسارعة، هدّدت الوطن ووجوده، لكنّ ثباتكم واندفاعكم حمَيا لبنان من دائرة النار التي أحاطت به واستهدفته، سواء عبر شبكات تجسّس العدو «الإسرائيليّ»، أو عبر خلايا الانتحاريّين والإرهابيّين الانغماسيّين، فكنتم على مستوى الواجب والدور والقسم، وسطّرتم بطولات شهد لكم ولمؤسستكم فيها العالم كلّه. وبفضل وفائكم، حافظتم على وطنكم دولة آمنة ومستقرّة يوم كانت دول عريقة تهتزّ تحت وطأة ضربات الإرهاب الذي لا بيئة حاضنة له في بلاد الأرز».
وأضاف: «أيّها العسكريّون، إنّ بناء لبنان الآمن مسؤولية كبيرة يتأسّس عليها المزيد من العمل الجادّ والتضحيات الغالية، واعلموا أنّ المرحلة المقبلة ستتطلّب عطاءاتكم أكثر فأكثر لأنّ الإرهاب ما يزال يتنفّس ويتحرّك، ماثلاً ومحدقاً ما دام المجتمع الدولي لم يتوصّل بعد إلى وضع صيغة تعاون مشتركة، مبنيّة على استراتيجية متكاملة لمحاربة سرطان التطرّف على كلّ المستويات الاجتماعية والفكرية والاقتصادية والأمنيّة والعسكرية. وأنتم خير من يعلم أنّ لا تهاون مع أعداء الوطن، ولا تردّد في خوض أيّ معركة للحفاظ على السِّلم الأهلي والاستقرار الداخلي. قدّمتم خير مثل ومثال في علاقتكم مع المواطنين والمقيمين، وعليكم أن تقدّموا الأفضل والأمثل لكي يبقى لبنان الوطن الفريد في تنوّعه الديمقراطي والثقافي والحضاري، فبقاؤكم متأهّبين ووجودكم الثابت، من بقاء وطنكم ووجوده وأمان شعبكم الذي يستحقّ الوفاء له والكفاح من أجله، لأنّه منكم ولكم».
وأضاف متوجّهاً إلى العسكريّين: «إنّ مسيرتكم نحو الأمام قاعدتها الثوابت الوطنيّة التي نادى بها الرئيس العماد ميشال عون، والتنسيق مع سائر المؤسّسات العسكرية والأمنيّة، والوقوف سدّاً منيعاً ضدّ العدو «الإسرائيلي» والإرهابيّين، للحفاظ على ما تحقّق والبناء عليه. واعلموا أنّ لا تهاون أمام حجم التحدّيات وارتفاع منسوب الخطر، ولا تعبأوا بأيّ تجاذبات سياسية أو اختلافات في وجهات النظر، فهي من طبيعة نظامنا البرلماني الديمقراطي. ولا تنسوا للحظة أنّ لنا أرضاً محتلّة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر، وأنّ لنا رفاقاً عسكريّين خطفهم الإرهاب مع غيرهم».
وشدّد إبراهيم على «أنّنا سنبقى في المديرية العامّة للأمن العام رافعين شعار «تضحية وخدمة»، وملتزمين به، لأنّه شعار يرتكز إلى قِيم وطنيّة وأخلاقيّة، وعلى أُسُس ثابتة وقرارات حازمة محورها: الولاء للوطن، الوفاء للقسم، الالتزام بالدستور والقانون، الحفاظ على الإنسان وكرامته، تطوير الخدمة والمهارات البشريّة، مواجهة العدو «الإسرائيلي» وملاحقة شبكاته التجسّسية، مكافحة الإرهاب والجريمة والفساد، تحصين الأمن وتعزيز الاستقرار، حماية المجتمع والنظام الديمقراطي»، معتبراً أنّها «ثوابت تؤسّس لبناء دولة تفخرون بها كما يفخر اللبنانيّون في الداخل والخارج بالانتماء اليها، فيثقون بمؤسّساتها ويعملون لها».
ولمناسبة عيد الأمن العام، أُقيمت احتفالات رمزيّة في كلّ مكاتب ودوائر ومراكز المديرية العامّة للأمن العام، تمّت خلالها تلاوة أمر اليوم على جميع الضباط والعسكريين.
وتلقّى إبراهيم اتصالات وبرقيّات تهنئة بعيد الأمن العام من العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية.
وفي السياق، أبرق رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، إلى اللواء إبراهيم، مهنّئاً إيّاه بعيد الأمن العام ، وممّا جاء في البرقيّة: «بعد مرور اثنَين وسبعين عاماً على تأسيسها، تأتي هذه الذكرى لتؤكّد أهمية مديرية الأمن العام في سلّم الأولويّات الوطنيّة التي تحفظ هيبة الدولة واحترام القوانين الراعية فيها، خصوصاً بعدماً تعزّز هذا الدور ليشمل في عهدكم رعاية التصالح والوفاق الداخلي الذي يشكّل مدماكاً أساسيّاً في مواجهة الأخطار المحيطة بنا، في ظلّ أشرس الحروب وأدهاها على المصير.
وقد كان لهذه المؤسسة الأمنيّة البارزة دور كبير تجاوز الحدود في أزمات متعدّدة، عندما استطعتم، بحكمتكم وصبركم الطويل، إنقاذ مختطفي إعزاز اللبنانيّين من أيدي المتطرّفين الإرهابيّين، وأسهمتم بشكلٍ ملفت في تحرير راهبات معلولا، وما زلتم تواصلون العمل على إطلاق الرهائن المتبقّين لدى «داعش» بعد التمكّن من تحرير الأسرى العسكريّين لدى «النصرة» والبحث عن مصير المطرانين السوريّين الذي بقي مجهولاً حتى الساعة.
أخذ الله بيدكم لما فيه خدمة لبنان وأبنائه ومصيره الدقيق في هذه المرحلة الحرجة من التحوّلات القائمة في المنطقة».
على صعيدٍ آخر، التقى إبراهيم في مقرّ المديرية سفير جمهورية الصين الشعبية في بيروت وانغ كاجيان في زيارة تعارف. وتناول البحث الأوضاع العامّة وسُبُل التعاون بين المديريّة والسفارة.