ترامب كل الخيارات مطروحة.. بيونغ يانغ من حقنا اتخاذ «إجراءات مضادة»
حذّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس، من أنّ «كل الخيارات مطروحة»، بعدما أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً حلّق فوق اليابان قبل أن يسقط في المحيط الهادئ في تصعيد خطير أثار قلق المجموعة الدولية.
ودافعت كوريا الشمالية عن حقها في اتخاذ «إجراءات مضادة» في إطار الدفاع عن النفس في مواجهة ما وصفته بالنيات «العدوانية» الأميركية.
وعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً أمس، على شكل مشاورات مغلقة، بطلب من الولايات المتحدة واليابان التي دان رئيس حكومتها شينزو آبي إطلاق الصاروخ معتبراً أنه «تهديد خطير وغير مسبوق».
من جهتها، أكدت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي «ضرورة استمرار التعاون مع الصين وروسيا»، واعتبرت أن «الانتهاك الكوري الشمالي لقرارات مجلس الأمن الدولي تجاوز الحدود»، ودعت إلى عمل «جدّي» لم تشرحه.
وقالت هايلي «إن ما جرى غير مقبول، ولا يجب أن تتعرّض أي دولة لتحليق صواريخ فوق 120 مليون نسمة، كما جرى لليابان. وسنبحث مع أعضاء المجلس الخطوات المقبلة، ما جرى أكثر من كافٍ».
وأكد الرئيس الأميركي أن «العالم تلقى بوضوح شديد الرسالة الأخيرة لكوريا الشمالية: أثبت هذا النظام ازدراءه جيرانه وجميع أعضاء الأمم المتحدة وأبسط معايير السلوك الدولي المقبول».
وأضاف أنّ «الأعمال المهدّدة والمزعزعة للاستقرار لا تؤدي سوى إلى زيادة عزلة النظام الكوري الشمالي في المنطقة والعالم. إنّ كل الخيارات مطروحة».
وبذلك يكون الرئيس الأميركي كرّر التحذيرات السابقة بأن «واشنطن قد تلجأ إلى عمل عسكري لحل هذه الأزمة».
في أول رد فعل لكوريا الشمالية، تحدّث سفيرها لدى الأمم المتحدة هان تاي سونغ عن الحق في «الدفاع عن النفس».
وقال خلال مؤتمر للأمم المتحدة في جنيف حول نزع السلاح إنّ «المناورات العسكرية المشتركة الأميركية – الكورية الجنوبية الجارية في الوقت الراهن، في خضم التوتر حول شبه الجزيرة الكورية، ورغم التحذيرات الحازمة من جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية، ليست سوى عمل مفرط يزيد من التوتر».
وأطلقت صفارات الإنذار في شمال اليابان صباح أمس، حيث تلقّى السكان رسالة نصيّة تدعوهم إلى الاحتماء.
وتعود المرة الأخيرة لتحليق صاروخ كوري شمالي فوق اليابان إلى 2009. وأكدت بيونغ يانغ حينذاك أنها عملية إطلاق قمر اصطناعي. لكن واشنطن وسيول وطوكيو تؤكد أنه «اختبار سري لصاروخ باليستي عابر للقارات».
وكانت قد أجرت كوريا الشمالية الشهر الماضي اختبارين لصواريخ باليستية عابرة للقارات، يبدو أنها وضعت جزءاً كبيراً من أراضي القارة الأميركية في مرماها.
وتوعّد الرئيس الأميركي حينذاك كوريا الشمالية بـ «النار والغضب». وردت بيونغ يانغ متوعدة بإطلاق صواريخ بالقرب من غوام الأرض الأميركية في المحيط الهادئ.
في السياق نفسه، قالت هيئة الأركان الكورية الجنوبية في بيان إنّ «مقذوفاً من نوع غير محدّد» قد تم إطلاقه من سونان بالقرب من بيونغ يانغ صباح أمس».
وقطع 2700 كيلومتر على ارتفاع حوالى 550 كلم. وأطلق الصاروخ باتجاه الشرق، وليس باتجاه جزيرة غوام التي تضمّ مواقع استراتيجية متقدّمة للجيش الأميركي على طريق آسيا ويعيش فيها 160 ألف شخص. وتبعد غوام نحو 3500 كلم عن كوريا الشمالية.
من جهته، دان رئيس الوزراء الياباني عملية «الإطلاق غير المقبولة» التي «تُلحق ضرراً كبيراً بالسلام والأمن في المنطقة»، موضحاً «أن طوكيو احتجّت لدى بيونغ يانغ».
وأضاف آبي أنه «أجرى اتصالاً هاتفياً استغرق أربعين دقيقة مع الرئيس ترامب»، موضحاً أنّهما اتفقا على «تعزيز الضغط على كوريا الشمالية».
وأكد ناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية أن الصاروخ حلق فوق اليابان، لكنه أوضح أنه «لم يشكل تهديداً لأميركا الشمالية».
لكن الصين دعت إلى ضبط النفس. وكررت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا شونيينغ دعوة بكين إلى استئناف محادثات السلام، قائلة إنّ «الضغط والعقوبات» على كوريا الشمالية «لا يمكن أن تحل المسألة بشكل جوهري».
من جهتها، حضت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني بيونغ يانغ على «الامتناع عن أي عمل جديد مستفز».
وندّدت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي الثلاثاء الماضي، بإطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً قبل زيارة مرتقبة الأربعاء إلى طوكيو.
وعبرت روسيا عن «قلقها البالغ» حيال الوضع مندّدة بـ «توجه نحو التصعيد» من جانب واشنطن وسيول، بحسب سيرغي ريابكوف أحد نواب وزير الخارجية الروسي.
ورأى ريابكوف أن «التدريبات العسكرية المشتركة التي باشرتها كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأسبوع الماضي في شبه الجزيرة الكورية لعبت دورها بحمل بيونغ يانغ على القيام بعملية إطلاق جديدة لصاروخ».
بدأت هذه المناورات العسكرية السنوية التي توصف بأنها دفاعية، ويشارك فيها عشرات آلاف الجنود في 21 آب في كوريا الجنوبية على أن تستمر أسبوعين.
وكل صاروخ يطلق على غوام سيحلّق بالضرورة فوق اليابان، لذلك يرى المحللون في العملية الأخيرة تحدياً هائلاً لطوكيو وواشنطن على حد سواء.
وعندما أطلق الشمال صاروخيه العابرين للقارات في تموز اللذين قال إنهما «هدية» إلى «الأميركيين القذرين»، على حد تعبير الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، اتّبع الصاروخان مساراً أقرب إلى شكل جرس متجنبين التحليق فوق اليابان.
وقبل 2009، حلّق صاروخ كوري شمالي في المجال الجوي الياباني في 1998. وأكدت بيونغ يانغ حينذاك أنه صاروخ فضائي بينما قالت واشنطن إنه صاروخ من نوع «تايبودونغ-1».
وكانت بيونغ يانغ أرجأت إطلاق أربعة صواريخ على غوام، ما دفع ترامب إلى تأكيد ان كوريا الشمالية بدأت «تحترم» الولايات المتحدة.
قال شا دو- هيون من معهد اسان للدراسات السياسية في سيول «تصوّرنا أن كوريا الشمالية تراجعت في لعبة الإثبات مَن هو الأقوى». وأضاف «لكن بيونغ يانغ تظهر أن هذا لم يحدث، وأنها لم تتراجع وأن واشنطن هي التي تخادع من دون أن يكون لديها مشروع عملي».
أكدت اليابان في الماضي أنها ستدمّر أي صاروخ كوري شمالي يهدد أراضيها، لكنها لم تفعل أمس الثلاثاء. وبرر وزير الدفاع الياباني إيتسونوري أونوديرا ذلك بأن الصاروخ حلق فوق جزيرة هوكايدو في الشمال لدقيقتين ولم يكن هناك احتمال لسقوطه على أراضيها.