موسكو: عدم التنسيق مع دمشق يؤثر في فاعلية ضربات التحالف

قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها أمس إن مجلس الأمن وحده الذي يتخذ القرارات حول إقامة مناطق عازلة، مضيفة إن أي قرارات دول أحادية أو حتى تحالفات بهذا الخصوص على غرار ما جرى في ليبيا ليست قانونية.

وأعلن المتحدث الرسمي باسم الخارجية ألكسندر لوكاشيفيتش أن عدم تنسيق الخطوات لمكافحة «داعش» الإرهابي مع دمشق يؤثر في فاعلية ضربات التحالف الدولي في سورية. وقال في مؤتمر صحافي في موسكو أمس «من جديد نلفت انتباه المجتمع الدولي إلى أن مكافحة الإرهاب، شر العصر، لا يمكن أن تكون فعالة إلا بتوحيد جهود الأطراف كافة على أساس القانون الدولي». وأضاف لوكاشيفيتش: «إذا كانت العمليات تخدم مصالح ضيقة مثل تغيير النظام، فقد يجلب ذلك مزيداً من المعاناة للسكان المدنيين، وهذا ما نراه الآن».

وبخصوص خطط لإقامة منطقة عازلة بين سورية وتركيا، أكد الدبلوماسي الروسي أن اتخاذ القرار في هذا الشأن يعود إلى مجلس الأمن الدولي وحده، مشيراً إلى عدم شرعية أي قرار متخذ بهذا الخصوص من قبل دولة ما أو تحالف من الدول، مثلما حدث في العراق وليبيا، حيث ترتبت على هذه الخطوة آثار مأسوية.

كما شدد لوكاشيفيتش على أن «التحركات الأميركية الأحادية الجانب في سورية يستغلها مفكرو الجماعات المتطرفة لتأجيج النزعات المتشددة في البلاد من خلال خطاب ينادي بتشكيل الكفار جبهة واحدة ضد المسلمين». ولفت المتحدث باسم الخارجية الروسية إلى أن «لهذا الخطاب قدراً من التأثير، الأمر الذي يفسر تنامي الاعتداءات في سورية ضد ممثلي الأقليات الدينية والعرقية».

وأعلنت الخارجية الروسية أنه من المقرر أن يلتقي الوزير سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري في باريس في 14 من الشهر الجاري لمناقشة مجموعة واسعة من القضايا الدولية والثنائية بما في ذلك ملف سورية.

إلى ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس إن تقدم مسلحي تنظيم «داعش» في بلدة كوباني السورية مأساة لكنه لن يثني الولايات المتحدة وحلفاءها عن مواصلة استراتيجيتهم في المنطقة على الأمد الطويل. وقال: «كوباني مأساة لأنها تجسد شرور «داعش» لكن ذلك لا علاقة له بالإستراتيجية أو الإجراءات الكاملة لما يحدث رداً على التنظيم».

وأضاف كيري: «لم يبق أمامنا سوى بضعة أسابيع لبناء التحالف. وما زال يجري توزيع المهام. والهدف الرئيسي لهذا المجهود هو إتاحة المجال للعراق حتى تكتمل حكومته ويبدأ الهجوم المضاد».

وفي السياق، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو« ينس ستولتنبرغ أن إقامة ما يسمى منطقة عازلة شمال سورية التي تطالب بها أنقرة ليست مدرجة على جدول أعمال الحلف وشركائه.

وأضاف ستولتنبرغ في تصريح له من أنقرة أمس في اختتام لقاء مع وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو: «أن ذلك ليس مدرجاً بعد على جدول محادثات الأطلسي»، مضيفاً: «إنها ليست مسألة تبحث في الحلف».

جاء ذلك في وقت أعلنت أنقرة أن إمكانية قيام تركيا بعملية برية منفردة عبر الحدود «لإنقاذ» بلدة عين العرب السورية من تنظيم «داعش» أمر غير واقعي.

وقال وزير الخارجية التركي إنه «من غير الواقعي انتظار أن تقوم تركيا بعملية برية منفردة»، مؤكداً أن بلاده بصدد «إجراء محادثات وبمجرد التوصل لقرار مشترك لن تتردد تركيا في القيام بدورها».

يأتي ذلك في وقت قال مسؤول أميركي رفض الكشف عن اسمه لوكالة «رويترز» إن بلاده تشعر بخيبة الأمل لعدم تحرك تركيا لوقف هجوم تنظيم «داعش» على مدينة كوباني لكنها تأمل الفوز بدعمها في التصدي للتنظيم بمرور الوقت.

وقال محللون ومسؤولون أميركيون إن تردد تركيا في الدفع بجيشها ثاني أكبر جيوش حلف شمال الأطلسي لإنقاذ كوباني يعكس الخوف من تشجيع سكانها من الأكراد الذين يسعون لقدر أكبر من الحكم الذاتي وتمكينهم.

وأضاف المسؤول الأميركي: «ما من شك أن الحكومة الأميركية تعتقد أن بوسع تركيا بذل المزيد بل ويجب أن تبذل المزيد وأنهم يستخدمون أعذاراً لعدم القيام بذلك»، وقال: «عملنا على توصيل تلك الرسالة بكل وضوح وراء الستار»، مضيفاً إن موقف تركيا يتأرجح بين رغبتها في عدم تقوية أكراد سورية والخطر المحتمل على مصالحها بما في ذلك استمرار تدفق اللاجئين السوريين عبر الحدود».

المسؤول الأميركي أشار إلى الحسابات التركية بالقول: «عليك أن تأخذ في الاعتبار أن اتخاذ القرار بعدم… تقديم المساعدة عبر الحدود يعني أن حدودك أنت مهددة»، مضيفاً: «وإذا لم تكن تفعل ذلك لاعتبارات سياسية لها صلة بالأكراد فأنت تعرض بلدك أنت للخطر».

من ناحيته، استحسن وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون اقتراح الحكومة التركية إقامة منطقة عازلة في الأراضي السورية، مغلقة أمام الطيران الحربي على طول الحدود مع تركيا.

وأشار فالون أمس إلى أن تركيا يمكن أن تشارك في الحرب ضد مسلحي تنظيم «داعش» الذين تقاتلهم مفارز كردية مسلحة في مدينة «كوباني» السورية، موضحاً: «بلا شك تركيا يمكنها المساعدة. وبالطبع هذه المسألة يجب أن تقررها تركيا بنفسها، لكن الحلفاء الآخرين في المنطقة يقدمون المساعدة».

وعبّر فالون عن الرغبة في رؤية المساعدة التركية، لافتاً إلى أن الوضع لا يمكن حلّه فقط بواسطة القوتين الأميركية والبريطانية بل بقوى المنطقة، مضيفاً أن القرار في هذا الشأن من صلاحيات الحكومة التركية، محذراً من أن التقاعس في مواجهة التنظيم الإرهابي سيؤدي إلى انقسام العراق وسورية إلى أجزاء ما سيشكل خطراً على المنطقة.

وفي شأن مقترح إقامة منطقة حظر جوي في سورية، قال فالون: «نحن بلا شك يجب أن نبحث هذا الأمر. لقد أقمنا في السابق بنجاح منطقة حظر جوي، ولدينا قوات جوية تمكننا من السيطرة على مثل هذه المنطقة».

وأعلنت القيادة المركزية الأميركية أمس إن القوات الكردية تبدو صامدة في وجه مقاتلي تنظيم «داعش» بمدينة كوباني السورية إثر ضربات جوية أميركية جديدة على المنطقة استهدفت مقاتلين ومعسكر تدريب للتنظيم.

وجاء في البيان الذي استخدم تعبير «الدولة الإسلامية في العراق والشام» أن القيادة المركزية الأميركية مستمرة في مراقبة الوضع في كوباني عن كثب. وتشير الدلائل إلى أن الميليشيا الكردية هناك مستمرة في السيطرة على معظم المدينة وهي صامدة أمام التنظيم.

وأضافت القيادة أن الضربات الجوية التي نفذت يومي الأربعاء والخميس ألحقت أضراراً بمعسكر تدريب للتنظيم ودمرت مبنى وعربتين وأصابت وحدة كبيرة وأخرى صغيرة تابعتين له، مشيرة أن قاذفة قنابل ومقاتلة وطائرة من دون طيار غادرت المنطقة بسلام.

يأتي ذلك في وقت استمرت الاشتباكات العنيفة بين إرهابيي «داعش» ووحدات الحماية الكردية ووصلت إلى وسط مدينة كوباني، حيث واصل مسلحو التنظيم الإرهابي تقدمهم في المدينة وسيطروا على مبنى الشرطة ومركز بيع الخضار.

من جهتها نقلت مصادر عن نشطاء أن تنظيم «داعش» سيطر على أكثر من ثلث عين العرب وكل المناطق الشرقية وجزء صغير من الشمال الشرقي ومنطقة في الجنوب الشرقي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى