برّي: العلاقات اللبنانيّة ـ السورية حاجة استراتيجية للجانبين والمقاومة هي الردّ على استباحة أرضنا

أكّد رئيس المجلس النيابي نبيه برّي أنّ العلاقات اللبنانية السوريّة ليست تبعيّة أو إخلال بالاستقلال، إنّما هي حاجة استراتيجيّة لمصلحة الجانبين ، مشيراً إلى «أنّ الاتفاقيات بين لبنان وسورية هي أعلى من الدساتير أحياناً». وانتقد «الذين يحاولون التنصّل من النصر بِاتّهام المقاومة بأنّها قامت بصفقة على حساب الدولة»، مشدّداً على أنّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لم يخط خطوة إلّا وأبلغ فيها رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، وقال: «أتحدّى من يقول إنّ الأمر لم يحصل هكذا»، وأكّد أنّ «المقاومة هي الردّ على استباحة أرضنا»، داعياً إلى الاحتفال معاً بالانتصار على الإرهاب.

كلام برّي جاء خلال الاحتفال الحاشد الذي أقامته حركة أمل عصر أمس، لمناسبة الذكرى الـ 39 لتغييب السيد موسى الصدر ورفيقَيْه على طريق المطار في الضاحية الجنوبيّة، بحضور ممثّل الرئيس عون وزير الدفاع يعقوب الصرّاف، ممثّل الرئيس الحريري وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو على رأس وفد ضمّ عضوي الكتلة القومية الاجتماعية النائبين أسعد حردان ومروان فارس، ناموس مجلس العمُد نزيه روحانا، عميد الاقتصاد فارس سعد وعميد التربية والشباب عبد الباسط عباس، الرئيس أمين الجميّل، الحاج حسين الخليل ممثّلاً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، وممثّلين عن البعثات الدبلوماسيّة وعن رؤساء الطوائف الروحيّة الإسلاميّة والمسيحيّة، وعدد من النوّاب والوزراء وممثّلين عن الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة، رؤساء وممثّلين عن الأحزاب الوطنيّة والفلسطينيّة وعائلة السيد موسى الصدر، رندة برّي، رباب الصدر وهيئات.

عرّف للحفل الشيخ حسن المصري، الذي عاهد «الإمام السيد الصدر الاستمرار في العمل من أجل فلسطين» وألقى قصيدة شعريّة من وحي المناسبة.

ثمّ أطلّ الرئيس برّي شخصياً، فطلب من الحضور الوقوف دقيقة صمت عن أرواح شهداء الجيش اللبناني وشهداء المقاومة، ثمّ توجّه في بداية كلمته بالتحيّة إلى «بيروت والضاحية الشموس والتي صمدت في خلدة وقاتلت دفاعاً عن بيروت، وتحمّلت نار الحرمان والمحرومين والتي لم تكلّ أو تتعب إلى اليوم».

وقال: «كان الصدر، الذي يوم تخلّت الدولة عن واجب الدفاع زرع أثماراً على تلال الوطن، أفواجاً مقاومة بأسناننا وأظافرنا. نوجّه السلام له لأنّه كسر لنا جدار الصمت، وجعلنا نقول ما في قلوبنا».

أضاف: «سلام له وعليه، لأنّه أيقظ فينا الأيام، وعلّمنا أنّ كلّ عدوان يستدعي المقاومة حتماً. سلام له وعليه، لأنّه جعلنا ندرك أنّ إرهاب «إسرائيل» هو نفسه وذاته لعملة الإرهاب التكفيري الذي ضغط ويضغط على الوطن من الشمال والشرق».

وتحدّث عن «مزايا الإمام الصدر وأفعاله، ومنها الحق في طلب العدالة والمشاركة»، وقال: «علّمنا بناء صناعة الأوطان، وأنّ الإنسان ثروة لبنان وقوّة الوطن في وحدته وجيشه وشعبه ومقاومته».

وجدّد العهد والوعد للصدر ورفيقَيْه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، وقال: «سنبقى نحفظ حلم فلسطين وأماني شعبها».

وهنّأ اللبنانيّين بـ«رسوخ انتصارهم على الإرهاب».

ثمّ عرض لـ«صعوبة ذهاب لجنة التحقيق في قضية الإمام الصدر في ليبيا لعدم استقرار البلد هناك»، منوّهاً بـ«رغبة اللجنة في الذهاب إلى ليبيا»، وقال: «لكنّي طلبت منهم التريّث إلى أن يستتبّ الوضع هناك».

وأكّد أنّ «الإمام ورفيقَيْه ما زالوا أحياءً»، وقال: «نقول ذلك بكلّ مسؤولية. والمجلس العدلي بانتظار عمل المحقّق العدليّ الذي يعمل بكلّ شجاعة. وإنّ قضية هنيبعل القذافي أمام القضاء وأمام قاضي التحقيق في بيروت بجريمة خطف طبيب لبناني عام 2016، وقد استطاع الهروب من آمر سجون ليبيا وتُدار العصابة من إخوة هنيبعل».

أضاف: «إنّ توقيف هنيبعل القذافي لأنّه فقط ابن معمر القذافي، هذا أمر غير صحيح، فتوقيفه ليس تعسّفياً، فهو من قال إنّ الإمام تمّ احتجازه في منطقة جنزور من ضواحي طرابلس الغرب. وبعد ذلك، نُقل إلى منطقة لا يعرفها».

وطالب بـ«توفير الأجهزة الأمنيّة كلّ المعلومات للّجنة المكلّفة، وتطبيق القضاء اللبناني وحماية كلّ قاضٍ يعمل على هذه القضية»، و اعتبر أنّ «على الإعلام اللبناني الحرّ تحمّل المسؤولية من دون انحياز وافتراء أو تفلّت من ميثاق الشرف اللبناني».

كما طالب المعنيّين في ليبيا بـ«عدم التحجّج بالذرائع، وجامعة الدول العربيّة بتنفيذ الالتزام بقضيّة الإمام الصدر، ومثلها الهيئات الدوليّة والأهلية، خصوصاً أنّنا امام إرهاب متماد»، وقال: «إنّ الحق منطقنا، وتحرير الإمام قضيّتنا، ولا أحد يجرّبنا».

وعرض الرئيس برّي لـ«جملة قضايا على الصعيد الوطني بِاسم جماعة أثبتت حضورها في مواجهة «إسرائيل» ومنذ 6 شباط 84»، مقدّماً «التهاني للبنان شعباً وجيشاً ومقاومة، بما أنجزته عمليّة فجر الجرود البطوليّة في تحرير الجرود الشرقيّة، وعمليّة المقاومة الشجاعة في تحرير القلمون الغربي، بالتعاون مع الجيش العربي السوري وقبلها تحرير القصير، وما قاموا به من تحرير مناطق لبنان الشرقيّة من الإرهاب».

كما حيّا «الأجهزة الأمنيّة ودورها وشهداءها وعناصرها الساهرة». ودعا إلى «إطلاق مشاريع التنمية في البقاع، خصوصاً في المنطقة التي جمّد الإرهاب تطوّرها في السنوات الماضية»، مؤكّداً «دعم كلّ عمل جماعي يحقّق أمن المخيّمات ويحفظ علاقاتها مع محيطها، وأن تبقى المخيّمات بمنأى عن أيّ صراع داخلي».

وخاطب شعب فلسطين قائلاً: «هل نسيتم فلسطين»، مطالباً إيّاهم بالوحدة.

كما أكّد «النضال بالوسائل الديمقراطيّة»، منوّهاً بـ«ما حقّقه لبنان من خلال انتخاب الرئيس ميشال عون، وتشكيل حكومة وإقرار قانون انتخابي»، مشيداً بـ«دور حركة أمل، التي قدّمت المصلحة الوطنيّة على الحزبيّة في مجال قانون الانتخاب».

وتطرّق إلى موضوع سلسلة الرتب والرواتب، منبّهاً «من يحاولون بلع الزيادة عن طريق زيادة الأقساط المدرسيّة والأسعار»، مطالباً الحكومة بالتصدّي لهذا الأمر.

وعن العلاقة بين لبنان وسورية، دعا الجميع إلى «الانتباه»، وقال: «ليس الموضوع تبعيّة أو إخلال بالاستقلال، إنّما هو حاجة استراتيجيّة لمصلحة الجانبين. إنّ سورية تشكّل العمق الجغرافي والمنفذ البرّي الوحيد للبنان. ونذكِّر، لأنّنا ما زلنا نستجرّ الكهرباء من سورية».

وشدّد على «ضرورة البناء مع سورية، ولو من باب المصلحة»، وقال: «لبنان كما سورية، هما هدفان للعدو «الإسرائيلي». وإنّ السلام العادل والشامل للشعب الفلسطيني يكمن في إقامة دولته وحقّ عودة شعبه إلى أرض فلسطين».

وعن الحرب ضدّ الإرهاب، قال: «شكرنا الولايات المتّحدة على مساعدتها وبريطانيا وفرنسا وغيرها، فكان من باب أولى أن ننسِّق خرائط العمليّات العسكريّة بين سورية ولبنان».

وانتقد «الذين يحاولون التنصّل من النصر بِاتّهام المقاومة بأنّها قامت بصفقة على حساب الدولة»، متسائلاً: «هل أنّ اللواء عباس إبراهيم كان يفاوض بِاسمه؟ فهو لم يخطُ خطوة إلّا وأبلغ فيها فخامة الرئيس ودولة الرئيس، وأتحدّى من يقول إنّ الأمر لم يحصل هكذا».

ورأى أنّ «الانتصار في المفاوضات لطالما كان أهم من الانتصار في الحروب»، متسائلاً عن «سببب عدم تحمّل المسؤوليات معاً والاحتفال معاً»، مشيراً إلى «أنّ الاتفاقيّات بين لبنان وسورية هي أعلى من الدساتير أحياناً».

وعن علاقة لبنان بالمحيط، قال: «سنمنع أيّ شرخ في العلاقة مع الكويت، التي انحازت للبنان في إعماره من جرّاء حروب «إسرائيل» عليه، ودعمت مشروع الليطاني».

ونوّه الرئيس برّي بـ«ما صدر من توضيحات من الأخ السيد حسن نصرالله، وبمبادرة رئيس الحكومة حول هذا الأمر»، مؤكّداً أنّ «ما يجمع بين لبنان والكويت الكثير الكثير»، وقال: «إنّ الكويت موّلت ورعت وتابعت مشروع الليطاني، الذي كان مشروع الإمام الصدر والمهندس إبراهيم عبد العال والشيخ موريس الجميل. والمرحلة الأولى ستتدفّق مياهها في كانون الأول المقبل».

ولفتَ إلى «محاولات «إسرائيل» مدّ يدها على مواردنا المائيّة والنفط والغاز، وسطوها على مياه المنحدرات الجنوبيّة»، معلناً «تمسّكه بالقرار 1701»، مطالباً بـ«الضغط على «إسرائيل» للالتزام به والانسحاب من ترابنا الوطنيّ»، محذّراً من «محاولة العودة إلى الوراء في ما يتعلّق بهذا القرار الدوليّ، وعدم الضغط على «إسرائيل» لأنّ البعض يتّجه نحو مدّ القرار إلى نواح أخرى في لبنان»، مؤكّداً أنّ «المقاومة هي الردّ على استباحة أرضنا».

وتطرّق إلى «الوضع السياسي في لبنان، وقال: «نحن مصابون بعدم الرؤية الصحيحة وبالفساد. في لبنان مسالك للمال العام».

واستذكر تحذيرات الصدر وكمال جنبلاط في هذا المجال»، معتبراً أنّ «استعادة الثقة تعني تعزيز أجهزة الرقابة واستقلال القضاء»، مطالباً بـ«وضع استراتيجية وطنيّة حول ثروة النفط، وأبرزها إنشاء صندوق سيادي وشركة استثمارية».

وأكّد «تثبيت انتصارات لبنان ضدّ «إسرائيل»، وإزالة الألغام وآثار الدّمار»، آسفاً لـ«عدم دفع التعويضات إلى الآن، وتنظيف مجرى نهر الليطاني».

أمّا على الصعيد السياسي، فطالب بـ«وقف اختبارات القوة لدى البعض ومثلها في الشعبويّة، أو حكم لبنان بفئويّة سياسية»، وقال: «نحن جميعاً في مركب واحد».

وشدّد على «ضرورة الارتقاء إلى مستوى تضحيات الشهداء»، نافياً «المسؤوليّة عن حكومة الرئيس تمام سلام»، متسائلاً: «لماذا الحقّ عليه؟ فهل نسيتم الظروف يومذاك؟ وهل نسيتم الإرهاب الذي كان يحيط بنا يومها؟ والتهديد بفتنة في عرسال؟»، وقال: «إنّه الانتصار الثاني والثاني والنصف أيضاً، وإنّ خط عرسال العربي انتصر بفعل المقاومة والجيش».

ودعا إلى «الاحتفال معاً»، موجّهاً الدعوة إلى حركة أمل وكلّ أهل البقاع والوطن للمشاركة في الاحتفال اليوم، «والذي دعا إليه أخي السيد حسن نصرالله».

وأكّد «المضيّ في مشروع تمكين المرأة، لأنّ لبنان الرسمي ما زال يتهرّب من هذا الأمر». وشدّد على «ضرورة بناء ثقافة الاعتدال على أساس بيان الأزهر الشريف والفاتيكان، وعلى قاعدة دعوة المرجع السيستاني».

وأبدى إعجابه على الصعيد الإقليمي بـ«التجربة الديمقراطيّة الإيرانية المتوهّجة»، داعياً إلى «الاتّعاظ من هذه التجربة المنفتحة واليد الممدودة»، مشدّداً على «التعاون في هذا المجال ومصافحة اليد الإسلامية – الإيرانية الممدودة للسعودية ولدول الخليج، لأنّ في ذلك إنجازاً وربحاً كبيراً».

ولفتَ إلى «مخاطر الاستفتاء في شمال العراق على وحدة العراق».

وختم موجّهاً كلامه إلى السيد الصدر، وقال: «خافوك فأخفوك، لكن لا بُدّ للّيل أن ينجلي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى