البرلمان البريطاني يبدأ بحث مشروع إلغاء العمل بالتشريعات الأوروبية
بدأت الحكومة البريطانية أمس، دفاعها عن مشروع قانون يهدف إلى تحديد التشريعات الأوروبية التي سيتم الاحتفاظ بها ضمن القانون البريطاني بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي وكيف ستتم إعادة صياغتها أو تعديلها.
وتواجه بريطانيا انتقادات من بروكسل على الموقف الذي اتخذته في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.
وصرّحت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أن النص «يشكل الخطوة الأهمّ لتجنب أي انقطاع مفاجئ بالنسبة الى الشركات والمواطنين، كما أنه يحافظ على استمرار الإطار القانوني البريطاني».
إلا أنّ أصواتاً عدة ارتفعت منددة بالطريقة السريعة التي اتبعتها الحكومة المحافظة والتي تتيح لها اتخاذ قرارات حول تعديلات في القوانين بدون التشاور مع النواب.
ينص مشروع القانون على إلغاء «قانون المجتمعات الأوروبية» لعام 1972 الذي أعطى القانون المشترك أولوية على القانون البريطاني بعد انضمام المملكة المتحدة الى الاتحاد الأوروبي.
وعندما ستلغي بريطانيا «قانون المجتمعات الأوروبية»، أي مجمل التشريعات الاوروبية التي ساهمت في إعدادها منذ نحو 45 عاماً، ستجد نفسها في مواجهة نواقص قانونية عدة. إذ أنّ أكثر من 12 ألف تشريع أوروبي تطبق حالياً في بريطانيا.
ولتفادي مثل هذا الوضع، سيتيح مشروع القانون تضمين القانون البريطاني قسماً كبيراً من التشريعات الأوروبية.
وتفيد التقديرات الرسمية بأنه يجب تبنّي بين 800 إلى 1000 تعديل لإدماج القوانين المحلية. وتعتبر الحكومة أن العدد هائل لتتمكّن آلية برلمانية عادية من إنجازه. لذلك طلبت منحها صلاحيات خاصة على مدى عامين لتتمكّن من إنجاز التعديلات بنفسها.
وتعهدت الحكومة عدم استخدام هذه الصلاحيات لرفع الضرائب أو المسّ بالحقوق الأساسية، لكنها قد تستخدمها لإدراج في نص القانون بعض أحكام اتفاق بريكست النهائي، الذي لا يزال في طور التفاوض مع بروكسل.
في البرلمان البريطاني، لا ينظر عدد كبير من النواب بعين الرضا إلى توسيع صلاحيات الحكومة على هذا النحو.
وصرّح النائب عن حزب العمال كير ستارمر «إذا أقر القانون بشكله الحالي، سيضع النواب أنفسهم في مصاف المشاهدين، لأنّ الحكومة تكون قد وضعت يدها على عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وهذا هو الأمر الذي تريده».
ورأت لجنة من مجلس اللوردات أن ما تريد الحكومة الحصول عليه يمثل «مجموعة سلطات صادمة في أبعادها وتداعياتها».
وأعلن حزب العمال عزمه على الاعتراض على نص القانون. وكذلك فعل الحزب القومي الاسكتلندي الانفصالي المؤيد للاتحاد الأوروبي. ومن المتوقع أن ينضم إليهما الحزب الليبرالي الديمقراطي مؤيد لأوروبا المعارض لمشروع القانون في حال لم يتم أخذ التعديلات التي يقترحها في الاعتبار.
وبعد هزيمتها في الانتخابات التشريعية المبكرة في حزيران الماضي، لم يعد لتيريزا ماي سوى غالبية من 13 صوتاً بعد تحالفها مع الحزب المحافظ المتشدد في ايرلندا الشمالية 10 مقاعد .
وشدّد نائب رئيسة الوزراء داميان غرين القلِق من الخلافات في صفوف المحافظين، وعلى ضرورة أن يحترم مؤيدو الاتحاد الأوروبي «إرادة الشعب» التي عبر عنها في الاستفتاء حول الخروج من الاتحاد الأوروبي في حزيران 2016.
وأقرت النائبة المحافظة آنا سوبري بأن نواباً من تكتلها سيتعين عليهم إقرار مشروع القانون في قراءة أولى مقرّرة الاثنين، لكنها دافعت عن إمكان تقديم تعديلات خلال درس المشروع أمام اللجان، مضيفة أنّ «هذه هي الديمقراطية».
وتتخوف مجالس اسكتلندا وويلز وايرلندا الشمالية التي تتمتع بصلاحيات معينة، من استرجاع الحكومة لهذه الصلاحيات ولو لفترة محددة، لذلك تسعى إلى عرقلة إقرار النص، رغم تعهد الحكومة بالحوار معها.
تضاف هذه الصعوبات إلى تلك التي تواجهها الحكومة البريطانية خلال مفاوضات بريكست، فالخلافات كثيرة إن كانت مع بروكسل أو بين الوزراء.
وعبّر كبير مفاوضي الاتحاد الاوروبي في ملف بريكست ميشال بارنييه أمس، عن «القلق» من مقترحات المملكة المتحدة لحل مشكلة الحدود بين إيرلندا وإيرلندا الشمالية عند انفصال المملكة عن الاتحاد.
ورأى «أنّ المملكة المتحدة تريد أن يعلق الاتحاد الأوروبي قوانينه واتحاده الجمركي وسوقه المشتركة، ما سيشكل حدوداً خارجية جديدة لها، مضيفاً أنها «تريد استخدام إيرلندا كنوع من الاختبار لعلاقاتها الجمركية المستقبلية» مع الاتحاد الأوروبي، مشدداً على «أن ذلك لن يحصل».
وتقول صحف محلية عديدة إنّ وزيرة الداخلية أمبر رود لا تتشارك النظرة ذاتها مع زملائها الوزراء، الذين يرغبون في وضع حدّ لهجرة العمال، بحسب ما ورد في وثيقة رسمية سربت إلى صحيفة «ذي غارديان» أول أمس.