افتتاح الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة
أعلن وزير خارجية سلوفاكيا ورئيس الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ميروسلاف لايتشاك، انطلاقها رسمياً، داعياً الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت «للصلاة والتأمل».
وقال لايتشاك في أول كلمة له بصفته رئيس الدورة: «يتعين على أعضاء الأمم المتحدة أن يقوموا بواجبات كثيرة، بما في ذلك وضع أول اتفاقية دولية حول قضايا الهجرة». وأكد أن «الجمعية العامة ستواصل خلال أعمالها لمدة عام خطوات لإصلاح الأمم المتحدة».
وذكّر لايتشاك بأن شعار الدورة الحالية للجمعية العامة هو «التركيز على البشر والسعي للسلام والحياة الكريمة للجميع على كرة أرضية مستقرة».
وتابع أن «تأسيس الأمم المتحدة جاء بغية مساعدة جميع الناس من دون استثناء»، داعياً إلى «ضمان شفافية اجتماعات الجمعية وفعالياتها».
من جهته، ندّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أول خطاب له في اجتماعات الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة بـ «الدول المارقة» التي قال إنها «تشكل تهديداً للعالم»، مؤكداً أنّ «الجيش الأميركي سيصبح أقوى من أي مضى».
وقال أمام نحو 130 رئيس دولة وحكومة يشاركون في الاجتماعات التي يهيمن عليها ملفا كوريا الشمالية وإيران، إن «الدول المارقة تشكل تهديداً لباقي الأمم ولشعوبها».
وأكد الرئيس ترامب في خطابه «أنه سيضع مصالح أميركا أولاً»، متحدثاً عن «الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة وتحسن أسعار البورصة وانتعاش سوق العمل».
وحذر من أنّ «الجيش الأميركي سيصبح قريباً أقوى من أي وقت مضى».
وأكد ترامب على أنّ «بلاده ستضع المصالح الداخلية في مقدمة اهتماماتها، وأنه «لن ندخل بعد الآن في أي اتفاق لا يراعي مصالح أميركا بالدرجة الأولى».
وتطرق في هذا الصّدد إلى موضوع الاتفاق النووي مع إيران، واصفاً إياه بـ»أسوأ اتفاق دخلت فيه أميركا»، في مؤشر جديد على عزمه على «إلغاء هذا الاتفاق أو إعادة النظر به».
ووصف ترامب في خطابه إيران بأنها «دولة مارقة» و»ديكتاتورية فاسدة!»، قائلاً: «وحكومة طهران تغطي بمظهر ديمقراطي ديكتاتورية عنيفة!».
وتشكل كل من كوريا الشمالية وإيران «خصمين لدودين» لواشنطن منذ تولي ترامب الرئاسة في كانون الثاني 2017.
كما أكد ترامب أن النظام العالمي أساسه بلدان «مستقلة» وقوية»، مدافعاً بذلك على «نظام عالمي متعددة الطرف».
وقال «طالما أنا في هذا المنصب فسأدافع عن مصالح أميركا وأضعها قبل أي مصلحة أخرى، ولكن مع وفائنا بالتزاماتنا إزاء دول أخرى ندرك أنه من مصلحة الجميع السعي إلى مستقبل تكون فيه كل الدول ذات سيادة ومزدهرة وآمنة».
وهاجم الرئيس الأميركي بشدة كوريا الشمالية واصفاً نظامها بأنه «شرير» وتوعّد «بتدمير كامل» لهذا البلد في حال هدد نظام بيونغ يانغ الدول المجاورة له، مندداً بنشاطات بيونغ يانغ النووية، وقال: «الولايات المتحدة تستطيع القضاء على النظام في كوريا الشمالية، لكننا نسعى لكي لا نصل إلى هذا الخيار»، مضيفاً «لا أحد أظهر ازدراء للعالم أكثر من نظام كوريا الشمالية، المسؤول عن اضطهاد شعبه».
ومن أهم المواضيع التي لم يتطرق إليها ترامب «العلاقات الأميركية الروسية، وما آلت إليه الأوضاع بين البلدين»، حيث شهدت العلاقات بين موسكو وواشنطن توتراً بعد أن قررت الأخيرة إغلاق القنصلية الروسية في سان فرانسيسكو، ومجمّعين دبلوماسيين روسيين في واشنطن ونيويورك.
كذلك لم يتطرّق الرئيس الأميركي إلى «موضوع مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل»، إلا أنه قال في وقت سابق، في تصريحات للصحافيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: «هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين»، مشيراً إلى أن «إدارته تؤيد ذلك».
كما لم يتطرّق الرئيس الأميركي في كلمته إلى «الأزمة الخليجية، ومعاناة مسلمي الروهينغا في ميانمار».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس دافع في خطابه الافتتاحي عن «عالم بدون أسلحة نووية» محذراً من مخاطر حرب مع كوريا الشمالية.
وفي أول خطاب له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم 193 دولة، أكد غوتيريس أن «الحل مع بيونغ يانغ يجب أن يكون سلمياً» وأنه لا يجب التوجه إلى «الحرب».
وقال رئيس وزراء البرتغال السابق «هذا هو وقت اللجوء للحنكة السياسية»، مضيفاً «علينا ألا ننقاد إلى الحرب من دون أن ندري».
وناشد غوتيريس المجلس «الحفاظ على وحدته حيال أزمة كوريا الشمالية».
من جهة أخرى، حذر غوتيريس من «مخاطر تغير المناخ»، داعياً قادة العالم إلى «تطبيق اتفاق باريس للمناخ الموقع عام 2015 للحد من الانبعاثات».
أما عن جهود مكافحة الإرهاب فقال غوتيريس «إنه يخطط أن يستضيف العام المقبل أول تجمع لقادة أجهزة مكافحة الإرهاب في الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتكوين شراكة دولية جديدة لمكافحة الإرهاب».
على صعيد آخر، انتقد غوتيريس زعماء العالم الذين يؤججون الكراهية للاجئين لتحقيق مكاسب سياسية، فيما يمثل «انتقاداً للرئيس الأميركي دونالد ترامب».
كما قال غوتيريس الذي كان رئيساً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنه يشعر «بالألم لرؤية ما يلاقيه اللاجئون والمهاجرون من تنميط واتخاذهم ككبش فداء ورؤية شخصيات سياسية تؤجج الكراهية بحثاً عن مكاسب انتخابية».
وأضاف «لا يمكن أن تكون الهجرة الآمنة حكراً على النخبة على مستوى العالم».
وبين المتحدثين أمس، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي «دافع بقوة عن النظام المتعدد الأطرف» في مقاربة تبدو في تعارض مع طروحات ترامب الذي أكد على شعار «أميركا أولاً» مجدداً. وماكرون أيضاً على غرار ترامب وغوتيريس ألقى أول خطاب له في الجمعية العامة.
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كلمته باجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن «عدم احترام الاتفاق النووي مع إيران، سيكون دليلاً على انعدام المسؤولية».
وتابع قائلاً: «أبلغت أميركا وإيران أن عدم احترام الاتفاق النووي قد يؤدي إلى حريق في المنطقة»، مشيراً إلى أنّ فرنسا تتمسك بـ «الاتفاق النووي مع إيران، والذي يعد متيناً، وقابلاً للتحقق».
وأضاف ماكرون أن «المفاوضات تظل هي الحل الأساسي لكل الأزمات»، لافتاً «أنا أريد أن أتمم هذا الاتفاق من خلال عمل يسمح بتقنين العمل الباليستي لإيران».
من جهة أخرى، أكد الرئيس الفرنسي دعم بلاده لـ «الحل السياسي في سورية».
وشدّد على أنّ ذلك هو هدف إطلاق المبادرة الفرنسية، لإنشاء مجموعة الاتصال لوضع خريطة طريق للخروج من الأزمة.
وقال ماكرون في كلمته إن «الشعب السوري عانى بما فيه الكفاية، ونحن ندعم الحل السياسي، لأن الحل في نهاية المطاف سيكون سياسياً وليس عسكرياً».
وتابع قائلاً «فرنسا بادرت بجمع جهود الأمم المتحدة، والشروع في خارطة طريق في سورية».
وأضاف ماكرون في معرض حديثه عن الأوضاع في سورية أن «الخط الأحمر الأول هو السلاح الكيميائي، والخط الأحمر الثاني هو ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية للمحاصرين».
ودعا ماكرون إلى «تنظيم مؤتمر دولي عام 2018 لمحاربة الإرهاب الذي ينتشر عبر الإنترنت»، قائلاً إن «الكفاح ضد الإرهاب عسكري وسياسي، ولكنه أيضاً تربوي وثقافي».
ودعا الرئيس الفرنسي لـ «إنهاء العمليات العسكرية وعمليات التطهير العرقي ضد أقلية الروهينغا»، معلناً أن «فرنسا ستسعى لاستصدار قرار بشأن هذا الموضوع في مجلس الأمن الدولي».
وأكد كذلك أن «فرنسا ستؤمن مبلغ 5 مليارات يورو سنوياً، حتى عام 2020 من أجل محاربة تغيير المناخ».
كما دعا أيضاً لـ «ضرورة تعيين ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة لحماية الصحافيين في العالم».
ومن الدول الأخرى التي دعيت للتحدّث أمس، في أول أيام أسبوع من الخطابات، هناك سويسرا ونيجيريا وكولومبيا وقطر وتركيا ومصر وأفغانستان ومالي و»إسرائيل». ويمثل روسيا والصين وزيرا الخارجية.
وتنظم اجتماعات ولقاءات ثنائية عدة طوال الأسبوع في مقر الأمم المتحدة أو مقار إقامات الوفود.