21 سبتمر ثورة شعب لتصحيح مسار جميع الثورات
أسماء يحيى الشامي
من يتابع المشهد اليمني ويدرس التاريخ القريب وليس البعيد لا سيما بعد ثورة 26 من سبتمبر يجد وبكلّ وضوح من خلال استقراء أهداف الثورة أنها لم تتحقق ولم يكتب لها النجاح حتى الآن…
فقد عاش الشعب اليمني من بعد ثورة 26 سبتمبر ضمن دائرة الوصاية الدولية وتعميق ثقافة النفوذ لأشخاص استأثروا بكلّ مقدّرات الدولة وسيطرة كاملة لمؤسساتها ونهب ثرواتها..
وتعمّد النظام لخلق الصراعات الداخلية وافتعال الحروب والأزمات لتثبيت نظامه والقضاء على جميع الأحرار وايّ حركة فكرية مناهضة لدول الاستكبار وتعارض سياسات النظام وتطالب بدولة عادلة…
بل أصبح اليمن حديقة خلفية لدول إقليمية ومنها السعودية وتابعة لها حتى في القرارات السيادية، ناهيك عن التنازل والتفريط بالسيادة وبيع الأراضي اليمنية في ظلّ ظروف يعانيها الشعب من فقر وجهل وعدم توفير حتى أبسط مقوّمات الحياة، ولم تتوفر سلطة حقيقية مستقلة في قراراتها بل أصبحت مباحة للتدخلات الأجنبية لدول عظمى استعمارية كأميركا.. وهذه حقيقة لا تخفى على أحد ولا يمكن تجاهلها…
لم يكن للشعب ايّ إرادة في تحديد مصيره، ولا يستطيع ان يعبّر عن حقوقة التي كفلها الدستور بل ظهر الفساد والاستغلال للسلطة وكان المتنفذون هم أصحاب القرار كعيال الأحمر وعلي محسن وغيره ممن يرتبطون بالخارج…
حتى جاءت ثورات ما يسمّى الربيع العربي وتحرك الشعب اليمني كشعوب المنطقة التي تريد ان تتحرّر من حكامها الظالمين، ولكن تمّ احتواء تلك الثورات وركوب الموجة بعمل ممنهج ومدروس ومنظم من دول خارجية خلقت حالة الفوضى وأرادت ان تنفذ مشروعها من خلال السيطرة على القرارات الداخلية، وفعلاً استطاعت وأوصلت حلفاءها ومنهم «الاخوان المسلمون».
ولكن في ظلّ هذه الثورات وخصوصاً في اليمن توجد مكونات ثورية تحمل مشروعا فكريا ونهضويا واضح المعالم، وتدرك مخططات الأعداء، فعملت على تصحيح المسار الثوري وعملت من أجل إعادة الزخم الثوري لإفشال تلك المؤامرات، وأقصد هنا مكوّن «أنصار الله» الذي حاول النظام السابق القضاء عليه في حروب عبثية لا تخدم إلا دول الاستكبار ودولاً إقليمية…
فتحرك «أنصار الله» في العمل الثوري واستنهضوا الشعب في مشروع ثوري حقيقي بعيد عن المشروع الأميركي والإقليمي، الأمر الذي أزعج هذه الدول…
فلأسقط «أنصار الله» مشروع التقسيم وحافظوا على تلاحم النسيج الاجتماعي الذي عمل الأعداء على تفتيته وإشعال حالة الاقتتال من خلال تغذية الجماعات التكفيرية من أمثال داعش والقاعدة واخواتهما وعملائهما في الداخل.
وبعد هذا كله أدرك الغرب المستكبر وأدواته في المنطقة انّ اليمن خرج عن سيطرتهم، وانّ هناك قوة جديدة تسمّى «أنصار الله» تريد رفع الوصاية الدولية وقطع يد الأجانب، واسقطت اركان النظام الذي كان الغرب يعوّل عليهم، فشكل ذلك حالة إرباك للمجتمع الدولي فما كان منهم إلا ان أعلنوا الحرب على اليمن…
والآن بعد ثلاث سنوات من العدوان على اليمن من أكثر من 17 دولة تريد إجهاض الثورة وإعادة اليمن إلى الوصاية الدولية والتبعية الإقليمية في حرب هي الأبشع في تاريخ البشرية، فقد تمّ ارتكاب جرائم حرب وتدمير كلّ مقوّمات الحياة وحصار خانق يدلّ على انّ هناك مشروعاً في حقيقته استعمار اليمن وتقسيمة…
ولكن أدركت قيادة الثورة بقيادة السيد عبد الملك الحوثي الهدف الحقيقي من العدوان فتحرّكت بوعي وحكمة لاستنهاض الشعب في مواجهة العدوان والعمل ببعد استراتيجي ونفس طويل نرى ثماره الآن، فأفشل المخططات وأجهض كلّ المؤامرات وحرص على استيعاب جميع مكونات الشعب للدفاع عن الوطن، وهذا ما حصل من خلال تتابع المشهد اليمني من بعد العدوان…
ثورة 21 من سبتمبر هي الثورة الحقيقية التي تخاف منها دول العدوان لأنها ثورة شعبية تدرك أبعاد المخططات وأهداف دول الاستكبار.
ثورة تريد إعادة القرار اليمني وتحافظ على السيادة وتعمل على محاربة الفساد وبناء دولة عادلة… والمحافظة على هذه الثورة تكون بتصحيح المسار الثوري لثورة 26 سبتمبر وكلّ الثورات وتسقط كلّ رهانات العدوان ودول الاستكبار…
هنا يكمن السرّ الحقيقي من العدوان على اليمن والهدف هو إجهاض ثورة 21 سبتمبر والقضاء عليها وانّ دفاعنا المقدس هو استمرار للعمل الثوري واستكمال أهدافها التي تزعج دول الاستكبار وايّ تفريط في هذه الثورة وأهدافها يعدّ خيانة عظمى لكلّ التضحيات ودماء الشهداء التي قدّمت في سبيل الدفاع عن الوطن…