عون يلتقي ماكرون: لبنان لن يسمح بالتوطين مهما كان الثمن
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «لبنان لن يسمح بالتوطين مهما كان الثمن»، مشدداً على أن «تعريض وطننا للخطر هو بمثابة عملية انتحارية للجميع».
وقال، خلال مأدبة عشاء أقامها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على شرفه: «لبنان اليوم مهدّد ويقاتل الإرهاب والتطرف منذ أكثر من 40 عاماً، والشعب اللبناني دفع ثمناً باهظاً من أجل ذلك، ولا زلنا نُحبط مخططات هدفها النيل من وجود بلدنا».
وأضاف الرئيس عون: «نجحنا باعتماد قانون انتخابي جديد، وتنتظر لبنان ورشة كبرى في مختلف القطاعات ولذلك اتخذت لعهدي شعار التغيير والاصلاح».
أشار ماكرون بدوره، إلى أن «لبنان بلد الرسالة ورمز التعايش أكثر من أي وقت، وصداقتنا قديمة والتاريخ يرسم العلاقات بين البلدين»..
وتابع: «الجيش اللبناني طرد تنظيم داعش من الجرود، وأثبت أنه قوي وصامد وسنحاول إرساء السلام في سورية لاعادة النازحين السوريين إلى بلادهم».
وكان الرئيس عون أشار في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس ماكرون في قصر الاليزيه عقب لقائهما إلى أننا «قمنا بتحليل واستعراض واقع الشرق الاوسط وبحثنا سبل الحل السلمي للأزمة السورية». ولفت إلى أن « فرنسا جاهزة لمشاركة لبنان ومساعدته في رحلة التجدد التي أطلقناها».
ولفت إلى أن «الحرب في سورية باتت قريبة من وضع أوزارها وبوادر الحل السلمي بدأت تلوح في الافق وننتظر نجاح المفاوضات. وذكرت الرئيس ماكرون ضرورة تنظيم عودة النازحين السوريين الى بلادهم، لاسيما ان مناطقهم باتت آمنة وعلى الامم المتحدة العمل على ذلك».
كما أشار الرئيس عون إلى أنه «أثار موضوع الصراع العربي «الإسرائيلي» حيث لا زالت «إسرائيل» تخرق السيادة اللبنانية في تحدٍّ فاضح للقرارات الدولية». وشدّد على أن «تطبيق القرار 1701 هو أولويتنا للحفاظ على السلام في المنطقة، ونحيي الدور الهام الذي تلعبه القوات الفرنسية ضمن قوات اليونيفيل».
وشدّد ماكرون من جهته على أن «لبنان يجب أن يبقى نموذجاً للتعددية والتسامح والديمقراطية»، منوّهاً بالتقدم الذي حصل في لبنان منذ انتخاب رئيس الجمهورية.
واشار إلى أن لبنان كفرنسا واجه ضربات إرهابية كبيرة، لافتاً الى «اننا نشجّع ونشيد بصمود الجيش اللبناني الذي أثبت عن قدراته خلال محاربة داعش في عرسال».
وجدد ماكرون دعم فرنسا للبنان، لافتاً الى أنها قرّرت الاستجابة لحاجات لبنان ومساعدته من خلال دعم قواته الأمنية وتبادل الخبرات، مؤكداً أن «فرنسا مع الدولة القوية في لبنان لتأمين كامل أراضيه ولضمان الأمن على المدى الطويل».
وأعلن ماكرون «أننا سنعمل مع لبنان والأمم المتحدة على مواجهة أزمة النزوح السوري»، لافتاً إلى «أن لبنان عانى كثيراً ونحن سنعمل للتوفير عليه الدخول في الأزمات المحيطة به، وسنعمل من أجل حلّ سياسي للأزمة السورية»، معتبراً أن «لبنان يحمل اليوم عبئاً ثقيلاً من خلال استقبال النازحين السوريين وغياب أي حل في سورية يمنع عودتهم ونتمنى أن نجد حلاً سياسياً للأزمة».
ولفت ماكرون إلى أن «الوكالة الفرنسية في لبنان ستستمرّ في دعمها وعملها وسنعمل على تنظيم مؤتمر جديد لتنظيم المساعدة»، مشيراً الى «أن سياسة النأي بالنفس التي تتبعها الحكومة اللبنانية هي افضل وسيلة للمحافظة على الاستقرار». وكشف «أننا سنعمل على اقامة مؤتمر جديد لدعم لبنان لتشجيع المستثمرين وتحريك العجلة الاقتصادية في البلاد».
وكان رئيس الجمهورية استهل زيارة الدولة الى فرنسا بزيارة نصب الشهداء في ساحة النجمة في باريس عند قوس النصر، حيث وصل ترافقه اللبنانية الأولى السيدة ناديا الشامي عون وأعضاء الوفد اللبناني الرسمي، عند الساعة الرابعة والدقيقة العشرين بعد الظهر بتوقيت باريس الخامسة والدقيقة العشرين بتوقيت بيروت ، وكان في استقباله وزيرة الدفاع والقوى المسلحة الفرنسية فلورانس بارلي وحاكم باريس العسكري الجنرال برونو لو راي وحراس الشعلة وهم من المحاربين القدامى الذين خاضوا حروباً خارج فرنسا وعدد من المسؤولين السياسيين والمنتخبين.
وبعد عزف موسيقى الحرس الجمهوري الفرنسي النشيدين اللبناني والفرنسي، عرض الرئيس عون ثلة من حرس الشرف الفرنسي قبل أن يضع إكليلاً من الزهر على نصب الشهداء. ثم عزف لحن الموتى ومعزوفة الشهداء، وتم الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء، صافح بعدها رئيس الجمهورية أعضاء الوفد الرسمي الفرنسي وممثلين عن مختلف الوحدات العسكرية ومفوضي قوس النصر، وتوجّه إلى المنصة الخاصة بالسجل الذهبي حيث دوّن كلمة. ثم قدّم الرئيس عون الى الوزيرة بارلي أعضاء الوفد الرسمي اللبناني قبل أن يتوجّه مجدداً إلى نصب الشهداء، حيث عزفت الموسيقى النشيدين اللبناني والفرنسي. وفي ختام الحفل عزفت الموسيقى لحن الجندي المجهول.
وانتشرت حشود من اللبنانيين المقيمين في فرنسا على جانبي جادة الشانزيليزيه ترحيباً برئيس الجمهورية، رافعين الاعلام اللبنانية وهاتفين بحياة الرئيس عون ولبنان. وقد ارتفع هتافهم لدى وصول الرئيس عون إلى أمام قوس النصر فلوّحوا بالأعلام، وهتفوا «الله لبنان رئيس وبس»، كما ردّدوا أغاني وطنية واخرى خاصة بالرئيس عون على طول جادة الشانزيليزيه.
بعد ذلك، صعد الجميع الى الموكب الرسمي الذي أحاط به 35 دراجاً و150 خيالاً من حرس الجمهورية الفرنسية وانتقلوا الى قصر الأليزيه، عبر جادة الشانزيليزيه الممتدة من قوس النصر الى قصر الأليزيه وتقاطع مونتان، حيث ارتفعت على جانبي الطريق الأعلام اللبنانية والفرنسية.
وفي الرحلة من بيروت الى باريس، صافح الرئيس عون اعضاء الوفد الإعلامي المرافق، وأعرب لهم عن سعادته للقيام بـ «زيارة الدولة تلبية لدعوة من الرئيس ايمانويل ماكرون».
وعندما سئل عن شعوره بزيارة فرنسا رئيساً للجمهورية بعدما عاش منفياً سياسياً فيها، قال الرئيس عون: «إنها انتصار للحقيقة التي طمست 26 سنة».
وعن موقفه من «قرار المجلس الدستوري حول القانون الضرائبي»، اشار الرئيس عون إلى أن «الكثير من الحيثيات التي استند اليها المجلس الدستوري لإصدار قراره كان لفت الانتباه إليها، وأبرزها ضرورة إقرار الموازنة وتضمينها الاعتمادات اللازمة لتغطية سلسلة الرتب والرواتب والمادة 87 من الدستور التي تتحدّث عن قطع الحساب». وأشار إلى «إجراءات تتخذها الحكومة مع مجلس النواب لتصحيح ما اعتراه القانون الضرائبي من شوائب وخلل».
واعتبر ان «سلسلة الرتب والرواتب ستطبق واذا حصل بعض التأخير التقني فيها سيتم استدراكه في وقت لاحق، من خلال الاعتمادات المتوافرة لدى وزارة المال».