هل يقطع أردوغان روابطه التجارية مع الدولة الكردية؟
حميدي العبدالله
تربط إقليم كردستان العراق بزعامة مسعود البرزاني مع حكومة حزب العدالة والتنمية بزعامة رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان علاقات سياسية وتجارية واقتصادية متينة، ومن الصعب على الطرفين تجاوز هذا الواقع.
من الناحية السياسية يجمع بين إقليم كردستان بزعامة البرزاني مع السلطات التركية العداء الشديد لحزب العمال الكردستاني الذي ينشط في تركيا، ولكنه يشكل تهديداً أيضاً لزعامة البرزاني، ويأتي هذا التهديد من مصدرين: المصدر الأول، انّ حزب العمال الكردستاني يعارض بقوة القيادات الكردية التقليدية في كلّ مناطق انتشار الأكراد. والمصدر الثاني، انّ الحزب يسعى لأن يكون هو القوة الممثلة للأكراد في كلّ مناطق تواجدهم بما في ذلك في شمال العراق. وبديهي أنّ هذه المواقف تتعارض مع مصالح القيادات الكردية في إقليم كردستان العراق، وفي مقدّمة هذه القيادات مسعود البرزاني.
حزب العمال الكردستاني هو القوة الوحيدة التي تخوض مواجهة عسكرية وسياسية ضدّ نظام أردوغان، وبديهي أن تكون هناك مصالح سياسية مشتركة بين القيادات الكردية في إقليم كردستان العراق وبين سلطات حزب العدالة والتنمية، ومن الصعب تجاهل هذه المصالح وأثرها على العلاقة بين الجانبين في ضوء نتائج الاستفتاء وردود الفعل عليه.
أما من الناحية التجارية والاقتصادية، فإنّ العلاقات والمصالح بين الجانبين أمتن وأقوى وتتجاوز متانة المصالح السياسية.
العلاقات التجارية والاقتصادية بين إقليم كردستان العراق وتركيا تقدّر بعشرات مليارات الدولارات. تتراوح التقديرات ما بين عشرين وأربعين مليار دولار. وتتركز في مجال الاستثمارات والتجارة البينية وتصدير نفط شمال العراق عبر تركيا. وسواء كان الرقم عشرين أو أربعين مليار دولار فهو رقم كبير، ويصعب على أيّ دولة في العالم تجاهل انعكاسات التخلي عن علاقات تجارية واستثمارية بهذا الحجم.
صحيح أنّ هذه الاستثمارات والمبادرات التجارية يستفيد منها كامل قطاع الأعمال في تركيا، ولكن النافذين بين رجال الأعمال هم المقرّبون من سلطة حزب العدالة والتنمية، وهؤلاء لن يسهّلوا تعرّض مصالحهم للخطر.
بسبب قوة وحجم الروابط التجارية والاقتصادية بين تركيا وإقليم كردستان العراق، فالأرجح أنّ تهديد أردوغان بإغلاق منافذ الحدود وإغلاق «صنبور» أنابيب النفط، سيظلّ مجرّد كلام. وفعلاً في الوقت الذي أعلن أردوغان في خطابه رسمياً إغلاق العبور من تركيا إلى العراق، أجمعت مصادر تركية وكردية على أنّ ذلك لم يحدث، أيّ أنّ أردوغان يسعى عبر هذا الخطاب الكاذب إلى احتواء ردود الفعل، لكنه لن يقدم على إغلاق الحدود ووقف تدفق نفط شمال العراق.