بو صعب: مواقفُ الرئيس عون تمثّل جميعَ اللبنانيين دون استثناء يازجي: نعوّل على رئيس الجمهورية في دفع كل خطر يمكن أن يتعرّض له المسيحيون على مدى الشرق
أعلن بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر يازجي أن الجميع يعوّل كثيراً على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في دفع كل خطر يمكن أن يتعرض له المسيحيون ليس فقط في لبنان بل على مدى المشرق، منوّهاً بمواقف الرئيس عون خلال وجوده في نيويورك و«زيارة الدولة» التي قام بها الى فرنسا. وقال: «إن عملنا المشترك يلاقي ما شددّتم عليه يا فخامة الرئيس في باريس، بأن رسالتنا أن نحافظ على الحضور المسيحي مهما بلغ الثمن، ويجعلنا أن نكون على قدر الضرورة التاريخية الواجبة».
كلام البطريرك يازجي جاء خلال لقائه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في دارة الوزير السابق الياس بو صعب في الرابية لمناسبة انعقاد المجمع الإنطاكي المقدس برئاسة البطريرك يازجي في دير مار الياس شويا في ضهور الشوير، وذلك للمرةِ الأولى منذ العام 2006، بحضور مطارنة الطائفة في لبنان والعالم، حيث تمّ التداول بالأوضاع العامة في ضوء التطورات الأخيرة وأوضاع المسيحيين في دول المشرق العربي. كما تتطرّق البحث الى الوضع الداخلي ومسائل تهمّ الطائفة الارثوذكسية.
وبعد اللقاء أقام الوزير بو صعب غداء على شرف الرئيس عون والبطريرك يازجي والأساقفة، حضره عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني، وعدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وشخصيات نقابية وسياسية واقتصادية ارثوذكسية.
وفي مستهلّ حفل الغداء ألقى الوزير بو صعب كلمة جاء فيها: «لا بد من شهادةِ حق لفخامةِ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الرئيس الاستثنائي المشرقي الذي لطالما حمل قضيةَ الوجود المسيحي المشرقي ودافع عنها خلال مسيرتِه الطويلة. وكي لا أطيلَ عليكم بالكلام، ولأن الوقت لا يسمح بسرد جميعِ مواقف فخامتِه، سأكتفي بالتذكير بمواقفِه الوطنية من على منبرِ الأمم المتحدة، وخلال زيارتِه التاريخية والاستثنائية لفرنسا التي شعرنا من خلالها بالمعنى الحقيقي للسيادةِ والحريةِ والاستقلال. فبتسلُحِه بالحق أطلق مواقفَه الوطنية والجريئة، فكانت مواقفَ تمثل جميعَ اللبنانيين دون استثناء، وخلال اجتماعاتِه مع رؤساء الدول والمنظمات الدولية لم تغب عن بالِه المطالبة بكشف مصير المطرانين المخطوفين يوحنا إبراهيم وبولس يازجي كما اكد في اجتماعاته على ضرورة الحفاظ على مسيحيي المشرق في ارضِهم فكانت لمطالبِه أصداءُ إيجابية لدى قادةِ الدول والمؤسسات الدولية. وطالب فخامتُه بأن يكون لبنان مركزاً أمميّاً لحوار الحضارات إيماناً منه برسالة لبنان المتجسّدة بأهميةِ الحوار بين الأديان والعيش المشترك.
وأختم يا فخامة الرئيس بالقول إن الأورثوذكسيين في لبنان، في هذه الدولة اللبنانية القائمة على المحاصصات الطائفية والمذهبية، والى ان نتوصل يوماً الى حلمِنا ببناء دولةٍ مدنيةٍ علمانية، كلُهم ثقة بأن فخامتَك هو الضامنُ لحقوقِهم ومواقعِهم في الدولة، تماماً كما عهدناك عادلاً ومحافظاً على جميع الطوائف مسيحيةً كانت أو إسلامية».
وأشار البطريرك يازجي من جهته، إلى أننا نعمل ليل نهار من أجل تثبيت ابنائنا في أرضهم ومن أجل تأمين فرص العيش الكريم والتقدم لهم، فلا يبقى أعلى طموحهم أن يهجروا هذه الارض من أجل غد أفضل. ولذلك نحن نعوّل كثيراً على فخامة الرئيس عون وعلى عهده لإنصاف هؤلاء في الوظائف العامة وعدم تهميشهم، وقد أخذ بعض أبنائنا يتأفف من غبن طالهم وطال الأرثوذكس في التعيينات الأخيرة، ونحن على يقين تام بأنه سيصحح ما اختلّ.
وتابع متوجهاً للرئيس عون بالقول «نحن نصلي لكي يعضدكم الله في محاربتكم للفساد المستشري وفي استئصال ديكتاتورية المحسوبيات التي تُقصي الطاقات غير المحسوبة على أحد عن المناصب الأساسية، فلا تجد هذه من وسيلة غير الالتجاء الى كنائسها لإسماع صوتها. وتعلمون يا فخامة الرئيس أن حضورنا ككنيسة أنطاكية أرثوذكسية يمتد في هذا المشرق الى تركيا والعراق والجزيرة العربية بالاضافة إلى ثقلنا الأساسي في لبنان وسوريا وفي بلاد الانتشار. لذلك في زمن التحولات والتغييرات والاستفتاءات على الاستقلالات العرقية نخشى من لعبة كبار هذا العالم على أوطاننا ونلتزم العمل على وحدة هذه الأوطان وعلى وحدة أبنائنا ونحن نعمل من أجل تفعيل التعاون بين جميع المسيحيين في هذا المشرق، لأننا شركاء في الوجع والدم والمصير».
وأكد أننا «نعمل جاهدين ضمن كنيستنا الارثوذكسية لاتخاذ مبادرات تجعل أبناءنا في هذه الدول يشعرون بحاجتهم لبعضهم البعض ويرفضون التشرنق والانكفاء. لأن التشرنق والانكفاء يقودان إلى الانقسام والانهزام. نحن مدعوون اليوم أن نقف في وجه كل انواع الهيمنة والغزو. فالهيمنة والسيطرة الخارجية لا تترجم في كثير من الأحيان بمجرد الاكتساح العسكري والسيطرة الميدانية، بل تتخذ شكل الغزو الثقافي والفكري والاجتماعي والسياسي والاقتصادي وغيره وبث أفكار التفرقة والعنصرية وتقوية النزعة الفئوية والقومية على حساب الانتماء الوطني والمواطنة».
وشدّد على أن «تفكيك المجتمعات وفصم عرى ترابطها يكون بتفكيك مكوّناتها وأطيافها وطوائفها. ولا يخفى اننا من هذه الزاوية وكطائفة ارثوذكسية مشرقية مستهدفون كما غيرنا. وكل ما قيل ها هنا من شأنه أن يؤدي الى تفجر المجتمعات من داخلها وتشظّيها كيانات وكانتونات متناحرة. ونحن مدعوون الى ان نقف صفاً واحداً في مواجهة كل هذا». وفي هذا السياق، يطيب لي «التشديد على أننا في زمن يدعونا إلى أن نشق عنان السماء بكلمة وحدتنا ككنيسة انطاكية أرثوذكسية من جهة، وتآخينا مع الأطياف كافة من جهة أخرى. نحن في زمن الأحرى بنا فيه أن ننظر إلى الوحدة لا إلى التفرّق. وحدة لبنان خط أحمر بالنسبة لنا ووحدة سورية خط أحمر بالنسبة لنا، ووحدة الكنيسة الأنطاكية الأرثوذكسية بكامل أبرشياتها وبكل قلوب أبنائها هي أيضاً قدس أقداس فكرنا وممارستنا».
وتابع: «نحن نعوّل عليكم كثيراً في دفع كل خطر يمكن أن يتعرّض له المسيحيون ليس فقط في لبنان بل على مدى الشرق، وفي إنصاف الأرثوذكس الذين بذلوا ويبذلون الكثير من أجل لبنان والشرق. ومن هنا، ألفت أنظار الجميع الى قضية المخطوفين وعلى رأسهم مطرانا حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي، المخطوفين منذ أكثر من أربع سنوات».