التفجيرات الإرهابيّة في دمشق… وانتحار الإرهابيّين عشيّة النصر
حسن حردان
إنّ أيّ متابع لمجريات التطوّرات الميدانية في سورية يدرك تماماً أنّ سورية باتت على أعتاب تحقيق النصر النهائيّ في حربها الوطنيّة ضدّ قوى الإرهاب العالميّة، وأنّ اليد الأميركية التي سعت إلى إطالة عمر «داعش» قد غلّت بفعل إصرار وتصميم الدولة الوطنيّة السوريّة على تحرير كامل المناطق السوريّة من رجس الإرهابيّين واستعادة سيطرة الدولة الكاملة على أراضيها بدعم ومساندة حلفائها، كما يدرك أنّ أميركا ليس بمقدورها التورّط في حرب مباشرة في ظلّ تنامي قوة حلف المقاومة وقراره مواجهة أيّ غزو أميركيّ لسورية على غرار العراق، وفي ظلّ التوازن العسكريّ الاستراتيجيّ الذي فرضه الحضور العسكريّ الروسيّ النوعيّ في سورية في مواجهة القوة الأميركيّة، ولهذا باتت القوى الإرهابية بكلّ فصائلها تخوض معاركها الأخيرة انتحاراً بعد أن وجدت أنّه لم يعد لديها أيّ أمل بتدخّل عسكري أميركي أو غير أميركي لإنقاذها من الهزيمة والانتحار، وهي قرأت بلا شكّ تصريحات السفير الأميركي السابق في سورية روبرت فورد في مقابلته في 10 آب الماضي مع جريدة «الشرق الأوسط»، عندما قال: «اللعبة انتهت والرئيس بشار الأسد انتصر، وعلى الأكراد عدم الثقة بالأميركيّين لأنّهم سيتخلّون عنهم».
في هذا السياق، يمكن وضع العمليّات الانتحاريّة التي نفّذها عدد من الإرهابيين في حيّ الميدان بدمشق واستهدفوا خلالها مخفر الشرطة في الحيّ، ممّا أوقع شهداء وجرحى في صفوف المواطنين ومقتل خمسة إرهابيين، فهذه العمليات إنّما توضع في إطار انتحار الإرهابيّين، ومحاولة التأثير والتشويش على انتصارات الجيش السوري وحلفائه وإثبات أنّ الجماعات الإرهابيّة لا تزال قادرة على القيام بهجمات في العاصمة دمشق، وتعكير صفو الأمن والاستقرار الذي باتت تنعم به بفضل الإنجازات التي تحقّقت بتحرير معظم المناطق في محيط دمشق وريفها، وإجبار المسلّحين الذين رفضوا المصالحات على الرحيل عنها إلى إدلب. وفي هذا السياق أيضاً، يمكن وضع الهجمات الانتحاريّة التي استهدفت مواقع الجيش السوري في القريتين وعلى طريق دير الزور، وغيرها، والتي سرعان ما تمّ إحباطها والقضاء على عشرات الإرهابيّين.
من الممكن أن يتحرّك العديد من الخلايا النائمة في العديد من المدن والبلدات للقيام بتفجيرات انتحاريّة على غرار تفجيرات الميدان والهجمات الانتحارية في البادية، لكنّها لن تغيّر من حقيقة أنّ سورية وحلفاءها باتوا في الربع الساعة الأخير من سحق آخر معاقل الإرهابيّين، وأنّ مثل هذه العمليات التي تحرّكها الدول الداعمة للحرب الإرهابيّة على سورية إنّما تستهدف يائسةً المدّ بعمر الوجود الإرهابي، بُغية إطالة أمد حرب الاستنزاف ومنع سورية من التعافي والبدء في ورشة إعادة الإعمار، وذلك لأجل مساومة سورية أقلّه قبول مشاركة هذه الدول في الإعمار، الأمر الذي ترفضه سورية بشدّة، وهو ما عُبّر عنه أخيراً برفض الحكومة السورية عرضاً ألمانيّاً بمنح سورية قرضاً بقيمة 200 مليار دولار لإعادة إعمار سورية من دون فوائد، ما يؤكّد أنّ قرار سورية حاسم وجازم برفض مشاركة أيّة دولة أو جهة شاركت بدعم الإرهاب لتدمير سورية ومحاولة إسقاط دولتها الوطنيّة المقاومة، في عملية إعادة الإعمار.
على أنّ المرحلة المتبقّية التي تفصلنا عن تحقيق النصر ودحر الإرهاب والقضاء عليه تستدعي عدم الركون والاسترخاء في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة، بل إنّ المطلوب أعلى درجات الاستنفار الوطني من الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة والمواطنين أيضاً، الذين يجب أن يتحوّلوا إلى عيون ساهرة تساعد الدولة على منع أيّ اختراق أمنيّ وترصد أيّ حالات مشبوهة وتبلغ عنها، بحيث يتمّ تجنّب حصول عمليّات إرهابيّة مثل التي حصلت في الميدان، وبالتالي تجنّب وقوع المزيد من الخسائر البشريّة والمادّية. التي يسعى الأعداء إلى إيقاعها لزيادة كلفة الانتصار ومحاولة التقليل من أهميّته، وهو ما فعله العدو الصهيوني في لبنان، بأن ارتكب المجازر الوحشيّة بحقّ المدنيين كلّما أدرك أنّ عدوانه قد فشل وأنّ المقاومة نجحت بتحقيق النصر عليه، هذا ما حصل في الأيام الأخيرة من عدوان عناقيد الغضب العام 1996 وعشيّة اندحاره مهزوماً في 25 أيار العام 2000، وكذلك في نهاية عدوانه العام 2006. فالإرهاب واحد، وهو صناعة صهيونيّة أميركيّة، ولهذا لا فرق بين أساليب إرهابيّي «داعش» و«النصرة» والإرهابيّين الصهاينة.